القناة 12 العبرية: مقتل جندي إسرائيلي في مواجهات بجنوب غزة    عاجل.. موقف زيزو من المشاركة مع الأهلي أمام باتشوكا المكسيكي    العثور على جثة شاب غريق في ترعة بمدينة السنطة    في ليلة العيد.. "المشروع X" يتربع على المركز الأول في شباك التذاكر    بالإجماع.. المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية يصوت لفلسطين كعضو مراقب    المجمعات الاستهلاكية تواصل عملها في أول أيام عيد الأضحى    الاقتصاد الأميركي يضيف 139 ألف وظيفة في مايو بتراجع عن 147 ألف وظيفة في ابريل    في أول أيام عيد الأضحى.. وفاة مسن تحت عجلات قطار الإسماعيلية    في أول أيام العيد.. وزيرة التنمية المحلية تتابع مع المحافظين الوضع بالمحافظات وتوجه بمواصلة الاستعداد واليقظة    الهيئة الوطنية للإعلام تنعى الإذاعية هدى العجيمي مقدمة برنامجي مع الأدباء الشبان وإلى ربات البيوت    ياسر جلال يحتفل بالعيد مع الفنان مصطفى أبو سريع بفيديو كوميدي    كريم عبدالعزيز وأحمد عز في مواجهة سلمان خان    السينما والمسرحيات.. أشهر أفلام عيد الأضحى التي لا غنى عنها في البيوت المصرية    وزير الأوقاف يشهد صلاة الجمعة بمسجد سيدنا الإمام الحسين بالقاهرة    انتشار مكثف للفرق الطبية فى ساحات وميادين الأقصر للتأمين الصحى للمواطنين    أمين "الجبهة الوطنية" يؤدي صلاة عيد الأضحي مع أهالي قريته بالغربية (صور)    رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر يلتقي نظيره البرازيلي في جنيف    نسب وأرقام.. أول تعليق من حزب الأغلبية على «القائمة الوطنية» المتداولة ل انتخابات مجلس الشيوخ    من الصلاة والأضاحى للاحتفالات.. بلاد العرب تستقبل عيد الأضحى.. ألعاب نارية وكرنفالات.. زيارة المقابر فى الكويت.. المغرب بدون "النحر" للمرة الأولى و"الرومى" بديل الأضحية.. مشهد مهيب للصلاة بالمسجد الحرام    بالفيديو| مها الصغير تغني "علي صوتك" ومنى عبدالغني تشاركها الغناء    حمزة العيلي يكشف تأثير فيلم «إكس لارج» على الجمهور وأجره المتواضع في العمل    بتقديم التهنئة والورود.. الداخلية تشارك المواطنين الاحتفال بعيد الأضحى المبارك    جاسمين طه زكي: نشأت في بيت سياسي ودخولي الإعلام قوبل باستهجان    الصحة: إجراء 2 مليون و728 ألف عملية جراحية ضمن المبادرة الرئاسية لإنهاء قوائم الانتظار    هل خالف ترامب قواعد الفيفا ب"حظر السفر" قبل مونديال الأندية؟ .. "BBC" تجيب    باكستان تدين الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت    مظاهر احتفالات المواطنين بعيد الأضحى من حديقة الميريلاند    مراسلة "القاهرة الإخبارية": المصريون يقبلون على الحدائق العامة للاحتفال بعيد الأضحى    حضور مصرى بارز فى مهرجان الدار البيضاء للفيلم العربى    السفير الأمريكي لدى اليابان: المحادثات بشأن الرسوم الجمركية لن تقوض التحالف بين البلدين    السياحة تشكل غرفة عمليات لتلقي الشكاوى خلال إجازة عيد الأضحى    الرئيس النمساوي يهنئ المسلمين بعيد الأضحى المبارك    طريقة تنظيف الممبار وتقديمه فى أيام العيد    صحة الأقصر تتابع سير أعمال مستشفى الحميات فى أول أيام اجازة العيد    حكم من فاتته صلاة عيد الأضحى.. دار الإفتاء توضح التفاصيل    أهالى بنى سويف يلتقطون الصور السيلفى مع المحافظ بالممشى السياحي أول أيام عيد الأضحى المبارك    جبر الخواطر.. محافظ القليوبية يشارك الأيتام فرحة عيد الأضحى ويقدم لهم الهدايا    الهلال الأحمر المصري يشارك في تأمين احتفالات عيد الأضحى    جوزيه بيسيرو يهنئ الزمالك بعد الفوز بلقب كأس مصر    محافظ القليوبية يتفقد حدائق القناطر الخيرية    محافظ دمياط يحتفل بمبادرة العيد أحلى بمركز شباب شط الملح    لا تكدر صفو العيد بالمرض.. نصائح للتعامل مع اللحوم النيئة    محافظ الشرقية يلتقط صور تذكارية مع الاطفال بمسجد الزراعة بعد أداء صلاة العيد    روسيا: إسقاط 174 مُسيرة أوكرانية فيما يتبادل الجانبان القصف الثقيل    مواعيد مباريات الجمعة 6 يونيو - تصفيات كأس العالم.. والمغرب يواجه تونس    وزير الدفاع الإسرائيلي يهدد لبنان: لا استقرار دون أمن لإسرائيل    محافظ بني سويف يؤدي شعائر صلاة عيد الأضحى بساحة مسجد عمر بن عبدالعزيز    تعرف على سعر الدولار فى البنوك المصرية اليوم الجمعه 6-6-2025    محافظ جنوب سيناء يؤدي صلاة العيد بشرم الشيخ ويوزع عيديات على الأطفال    محافظ الفيوم يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك بمسجد ناصر الكبير.. صور    مدح وإنشاد ديني بساحة الشيخ أحمد مرتضى بالأقصر احتفالا بعيد الأضحى    عاجل - موضوع خطبة الجمعة.. ماذا يتحدث الأئمة في يوم عيد الأضحى؟    الونش: الفوز بالكأس أبلغ رد على الانتقادات    سنن وآداب صلاة عيد الأضحى المبارك    سنن وآداب صلاة عيد الأضحى المبارك للرجال والنساء في العيد (تعرف عليها)    «ظلمني وطلب مني هذا الطلب».. أفشة يفتح النار على كولر    بالفيديو.. استقبال خاص من لاعبي الأهلي للصفقات الجديدة    «3 لاعبين استكملوا مباراة بيراميدز رغم الإصابة».. طبيب الزمالك يكشف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خطبتا المسجدين الحرام والنبوي تحذران من التعجل بالدعاء عند الغضب.. وتذكران: اتقاء الشبهات والتورع عن الحرام مطلب شرعي.. وكل ما في السماء وفوق الأرض وتحتها محفوظ في كتاب الله
نشر في صدى البلد يوم 04 - 03 - 2022


خطيب المسجد الحرام:
* الإسلام جعل التقوى ميزانُ التفاضل
* الإسلام أحاط الأسرة بسياج حصين يمنع وقوع الرذائل والافتتان
* اتقاء الشبهات والتورع عن الحرام مطلب شرعي
* النبي حذر من التعجل بالدعاء عند الغضب فقد يفضي إلى ما لا تحمد عقباه
*
خطيب المسجد النبوي:
* ما في السماء ولا فوق الأرض ولا تحتها شيء إلا وهو محفوظ في كتاب الله
* من علم أن الله حافظ لكل شيء وقادر عليه لم يركن إلى الأسباب


أكدت خطبتا المسجدين الحرام والنبوي، أن الحقوق في الإسلام مصانة، والمؤمن الحق من يُعطي كل ذي حقٍّ حقَّه، والأخذ بالأَسباب لا ينافي التوكل على الله؛ فمن الجهل ترك الأخذ بالأسباب بدعوى التوكل على الله، ومن الجهل أيضا الاعتماد على الأسباب بالكلية والغفلة عن التوكل على الله، وكلا الحالين مذموم والصحيح أن تجمع بين الأمرين.

ومن مكة المكرمة، قال الشيخ الدكتور فيصل غزاوي، إمام وخطيب المسجد الحرام، إن الحقوق في الإسلام مصانة، والمؤمن الحق من يُعطي كل ذي حقٍّ حقَّه، مِن أجل استقرار حياته وتحقيق التوازن المطلوب، فلا يطغى جانب على جانب.

الحقوق في الإسلام مصانة
وأوضح «غزاوي» خلال خطبة الجمعة اليوم من المسجد الحرام بمكة المكرمة، أنه َلما زَارَ سَلْمَانُ الفارسيُّ أَبَا الدَّرْدَاءِ رضي الله عنهما نصح له وأرشده بكلمات نافعة في مسيرة حياته فَقَالَ: «إِنَّ لِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِضَيْفِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ».
وتابع: وقد أكد النبي صلى الله عليه وسلم صحة ما وجه به سلمانُ فقَالَ: « صَدَقَ سَلْمَانُ » فأقره وصدَّقه في كلِّ ذلكَ؛ إذ هو توجيه سديد يدعو إلى التوفيق بين الحقوق والواجبات، وكم حصل من التقصير والتفريط بسبب مخالفة هذا المبدأ المهم العظيم وعدم العمل بهذا التوجيه النبوي الكريم.

حث الشارع على صلة الرحم
وأضاف أنه قد حث الشارع على صلة الرحم، وبين ما فيها مِن عظيم الأجر، ورغب في كل وسيلة مشروعة للإحسان إلى الأقربين، فلما أَعْتَقَت ميمونة زوجُ النبي ولِيدَةً لها، وأشْعَرَتِ النبيَّ بعد ذلك، نصح لها ودلها على ما هو أفضل لها وأقرب نفعًا .
واستشهد بما قال صلى الله عليه وسلم: «أَمَا إنَّكِ لو أَعْطَيْتِهَا أَخْوَالَكِ كانَ أَعْظَمَ لأجْرِكِ» يعني: كان أكثرَ ثَوابًا لكِ مِن إعتاقِها؛ لحاجتِهم إلى من يخدمهم. وفي هذا توجيه إلى مساعدة ذوي القربى وبرهم وإيصال ما أمكن إليهم من الخير، وأن يحرص المسلم على ما يعود عليه من الأعمال بأكثرِ نفع وأعظمِ أجر.

يقضيَ على سنن الجاهلية
وأفاد بأن الإسلام ليقضيَ على كل سنن الجاهلية، وكلِّ دعوى باطلة لها، ومِن هذه الدعاوى: العَصبيةُ القبليةُ التي بيّن الشرع تحريمَها وذمها أشد الذم، قال تعالى: «إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّة» وجعل التقوى هي ميزانُ التفاضل فقال سبحانه « يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ».
وأشار إلى أنه لما كان الصحابة رضي الله عنهم في غزاة كَسَعَ رجلٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ رَجُلًا مِنَ الأنْصَارِ، فَقالَ الأنْصَارِيُّ: يا لَلْأَنْصَارِ، وقالَ المُهَاجِرِيُّ: يا لَلْمُهَاجِرِينَ، فَسَمِعَ ذلك النبي صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فعابه مستهجنا له وقال: « مَا بَالُ دَعْوَى أَهْلِ الجَاهِلِيَّةِ؟ ثُمَّ قَال: مَا شَأْنُهُمْ، فَأُخْبِرَ بِكَسْعَةِ المُهَاجِرِيِّ الأَنْصَارِيَّ، فَقَالَ صلَّى الله عليه وسلَّم: دَعُوهَا، فَإِنَّهَا خَبِيثَةٌ» إذ يقبح بالمرء أن يترفع بحسبه ونسبه على أخيه المسلم وأن يحتقره ويزدريَه.

حماية أعراض الناس
وأكد أن الدين الإسلامي دعا إلى حماية أعراض الناس وصيانتها، وحرم الاعتداء عليها بما يتوافق مع فطرة الغيرة على العرض، ومن أجل ذلك أحاط الأسرة بسياج حصين يمنع وقوع الرذائل ويكون وقاية من الافتتان كما حذر من الوسائل المؤدية إلى ذلك، وأعظمها الخلوة بالأجنبية قال صلى الله عليه وسلم: « لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم».
واستطرد: ومن الناس من يتساهل في دخول بعض القرابة غير المحارم على النساء مع تحذير النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك بقوله: «إياكم والدخول على النساء!»، فقال رجل من الأنصار: أفرأيت الحمو؟ قال «الحمو الموت»، والحمو قرابة الزوج كأخ الزوج وعمه وخاله وغيرهم، وخص «الحمو» لتمكنه من الوصول إلى المرأة والخلوة من غير أن يُنكَر عليه بخلاف الأجنبي.

اتقاء الشبهات مطلب
ونبه إلى أن اتقاء الشبهات والتورع عن الحرام مطلب لقوله صلى الله عليه وسلم: «دَعْ ما يَريبُك إلى ما لا يَريبُك» فلما تَزَوَّجَ عقبةُ بنُ حارثةَ أتته امرأة فأخبرته بأنها أرضعته والفتاة التي تزوج بها فأنكر ذلك ثم سأل أهل الفتاة عن صحة وقوع هذا الرضاع فنفوا علمهم بذلك، فلما سأل النبي صلى الله عليه وسلم يستفتيه في المسألة كان لا بد من جواب حازم حاسم وعندئذ قال رسول الله صلى اللهُ عليه وسلم: كيفَ وقدْ قيلَ؟! فَفَارق عقبة التي نكحها ونَكَحَتْ زَوْجًا غَيْرَهُ.
وأردف : والشاهد في القصة قوله صلى الله عليه وسلَّم: «كَيْفَ وقَدْ قِيلَ؟!» أي: كَيف تبقيها عندك تباشرها وتعاشرها وقد قيل: إنك أَخوها من الرَّضَاعة؟! اتقاءً للشبهات أو لفساد النكاح. وهذا توجيه عظيم لما ينبغي أن يكون عليه المسلم من الابتعاد عن مواطن التباس الحلال بالحرام واجتناب ما لم يتيقن حلَّه، وحملِ نفسه على الاحتياط في دينه.
وبين أن هذا ما نتعلمه من هدي النبي صلى الله عليه وسلم في أقل الأشياء؛ فعندما رأى عليه الصلاة والسلام تمرة ملقاةً على الأرض ولكونه لا تحل له الصدقة تنزه عن الشبهة قائلا " لولا أني أخاف أن تكون صدقة لأكلتها"، فمن المتقرر شرعًا أن كل إنسان يجازى بعمله «وَلَا تكسب كل نفس إلا عليها» فكل نفس مرهونة بما جنت يداها، ولا يتحمل إنسان عقاب ذنب فعَله غيرُه.

كل يجازى بعمله
وواصل: ولا يحاسب على جرم ارتكبه شخص آخر، وإن كان أقربَ الناس إليه فعندما انطلق أبو رِمْثَةَ معَ أبيه نحوَ النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ سأل النبي صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ أباه، ابنُكَ هذا؟ قالَ: إي وربِّ الكعبةِ، قالَ: حقًّا؟ قالَ: أشهَدُ بِهِ، قالَ أبو رِمْثَة: فتبسَّمَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ضاحِكًا من ثبتِ شبَهي في أبي، ومِن حَلِفِ أبي عليَّ.
ولفت إلى أنه أراد -صلى الله عليه وسلم- أن يتوصل من وراء سؤاله إلى تقرير حقيقة ثابتة ومبدأ أصيل وعندئذ قال صلى الله عليه وسلم للأب: «أما إنَّهُ لا يَجني عليكَ ولا تَجني عليهِ، وقرأَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ: «وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى»» فقوله صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: "أمَا إنَّه لا يَجْني عليك"، أي: لا تُؤخَذُ بجِنايتِه، ولا تُعاقَبُ بذنْبِه " ولا تَجْني عليهِ" أي: لا يؤخذ بجنايتك، ولا يعاقب بذنبك. وإنما الذي يستحق العقوبةَ من فعل الذنب واقترف المعصية.
ونوه بأن من بواعث النصيحة الشفقة على المنصوح وقد كان صلى الله عليه وسلم لا يألوا جهدا في نصح أصحابه وتوجيههم؛ فلما رأى صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ في يدِ رجلٍ خاتمًا من ذَهَبٍ نزعَهُ وطرحَهُ، ولكيلا يقع أحد في هذه المخالفة التي يعود أثرها بالضرر عليه؛ فقد استدعى التحذيرَ مما تؤول إليه فقال صلى الله عليه وسلم : « يَعْمِدُ أَحَدُكُمْ إلى جَمْرَةٍ مِن نَارٍ فَيَجْعَلُهَا في يَدِهِ، فقِيلَ لِلرَّجُلِ بَعْدَ ما ذَهَبَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: خُذْ خَاتِمَكَ انْتَفِعْ به، قالَ: لا وَاللَّهِ، لا آخُذُهُ أَبَدًا وَقَدْ طَرَحَهُ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ ».

على المرء قبول نصيحة
وذكر من فوائد الحديث أنه ينبغي على المرء قبول نصيحة الناصح متى أرشده إلى خطئه ففي ذلك مصلحته ونجاته والحذر أن تأخذه العزة بالإثم فيرد الحق ويستنكف عن قبوله؛ كما ينبغي له أن يفرح بهذا الذي أسدى إليه النصيحة ويُسر به، ويشكر له تذكيره، لا أن يبغضه ويغضب عليه ويرى أنه قد تدخل في شؤونه الشخصية أو فيما لا يعنيه.
وأكمل : من حرص النبي صلى الله عليه وسلم على أمته ومحبتِه لها أن حذرها مما قد يفضي إلى مالا تحمد عقباها، ومن ذلك تعجل المرء بالدعاء عند غضبه بما لا يصلح أن يدعو به؛ فيكونَ سببا في ندامته وتأسفه قال صلى الله عليه وسلم: «لا تدْعوا على أنفسِكم، ولا تدْعوا على أولادِكم، ولا تدعوا على خدمكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا تُوافقوا من اللهِ ساعةً يسأل فيها عطاء فيستجيبَ لكم» إنه توجيه كريم وملحظ دقيق قلَّ من يتفطن له ويراعيه، وما أكثرَ من يغفل عن مغزاه ومراميه!.
ولفت إلى أن أبواب الخير كثيرة وقد لا يجد المرء ما يتصدق به وينفق منه في وجوه الخير لكنه يستطيع أن يكسب من الحسنات ويُحَصِّلَ من الأجور بعمل لا يكلفه ولا يشق عليه فعندما جَاءَ رجل إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم وكان قد ماتت دابته وانقطع به السبيل طلب من النبيِّ صلى الله عليه وسلم أن يحمله فَقالَ: ما عِندِي، فَقالَ رَجُلٌ: يا رَسولَ اللهِ، أَنَا أَدُلُّهُ علَى مَن يَحْمِلُهُ، فكان عمله هذا مما يحمد له ويثنى به عليه وعندئذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَن دَلَّ علَى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ» ففي هذا بيان فَضل مَنْ دلَّ على خَيرٍ، وفَضل مَن أعانَ على فِعْلِ الخيرِ، وفَضل تَعليمِ الخيرِ خاصَّةً لِمَنْ يَعملُ به.

الحياء من شعب الإيمان
وألمح إلى أن الحياء شعبة من شعب الإيمان وخلق محمود يتجمل به المرء؛ لأنه يمنعه من الوقوع في الآثام ويدعو إلى معالي الأخلاق فلما مر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم علَى رَجُلٍ مِنَ الأنْصَارِ، وهو يَعِظُ أخَاهُ في الحَيَاءِ وأن حياءه أضر به ما كان منه صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلا أن قال: دَعْهُ فإنَّ الحَيَاءَ مِنَ الإيمَانِ.
وشدد على أن من الأمور التي ينبغي ألا تغيب عن الأذهان أن النبي صلى الله عليه وسلم كان خلقه القرآن فصار امتثال القرآن أمرا ونهيا سجية له وخلقا متأدبا بآدابه متخلقا بأخلاقه مهتديا بهديه متحليًا بكل ما استحسنه وأثنى عليه ودعا إليه، ومجتنبًا كل ما استهجنه ونهى عنه، فكان التأسي به صلى الله عليه وسلم والعمل بتوجيهاته كفيل بصبغ حياة المسلم بصبغة دين الإسلام الذي شرعه الله وارتضاه، وبما يحقق للمرء السعادة في دنياه وأخراه.
وأكد أن الأخذ بالأَسباب لا ينافي التوكل على الله؛ فمن الجهل ترك الأخذ بالأسباب بدعوى التوكل على الله، ومن الجهل أيضا الاعتماد على الأسباب بالكلية والغفلة عن التوكل على الله، وكلا الحالين مذموم والصحيح أن تجمع بين الأمرين، فلما سأل رجُلٌ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أُرسِلُ ناقتي وأتوكَّلُ؟ بمعنى أيُّ الفعلين يوافق التوكل، ربطُ الناقة، أو تركها على حالها ثم السعي لأحواله وحتى يستبين له ماذا يعمل، كان لابد من توجيهه التوجيه الأمثل، وعندئذ قال صلى الله عليه وسلم: «اعقِلْها وتوكَّلْ».
إحسان الظن بالله
وأضاف أن إحسان الظن بالله من صِفات المؤمن الحق فهو يرجو الخير والفضل من الله سبحانه في كل أحواله، ويُسلِّمُ أمره لله، ولكن عندما يقنط المرء من رحمة الله تنطفئ جذوة الأمل لديه ويبقى أسير حال القلق والتشاؤم الذي سيطر عليه؛ فلما دَخَلَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ علَى رَجُلٍ يَعُودُهُ ، قائلا له: لا بَأْسَ طَهُورٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ بمعنى أنَّ الحمى تُطهره وتُنقي ذنوبه فليصبر لكن الرجل كان فاقدا الأمل، غير صابر فقال: كَلَّا، بَلْ حُمَّى تَفُورُ، علَى شيخٍ كَبِيرٍ، كَيْما تُزِيرَهُ القُبُورَ " إنه لم يقبل توجيه الرسول صلى عليه وسلم بل رده بهذه القولة البائسة التي تحكي حالته اليائسة وعندئذ قَال النبي صلى اللهُ عليه وسلَّمَ: فَنَعَمْ إذًا، وهذا إلزام بما تطير به. ومما يستفاد من الحديث الحذر من أن يطلق المرء لسانه في الأمور التي يتشاءم منها.
وأوصى بالحرص على مجاهدة نفسه في استباق الخيرات والمواظبةِ على النوافل والطاعات، ولا يبادر إلى التماس الأعذار في ترك المحاسن والفضائل وكسب الحسنات، بل يستعين بالله ويحاول التغلب على نفسه ما أمكن ولا يتعلل بما ليس بحجة؛ فلما طرق النبي صلى الله عليه وسلم عليا وفَاطِمَةَ ابنْتَه ليلة، وسألهما: أَلَا تُصَلِّيَانِ؟ قال علي رضي الله عنه: "يا رسولَ اللَّهِ، أَنْفُسُنَا بيَدِ اللَّهِ، فَإِذَا شَاءَ أَنْ يَبْعَثَنَا بَعَثَنَا"، ولكنه صلى الله عليه وسلم لم يرتض إجابته وانصرف صلى الله عليه وسلم وهو يضرب فَخِذَهُ قائلا « وَكانَ الإنْسَانُ أَكْثَرَ شيءٍ جَدَلًا ».

علينا أن نستشعر حقارةَ الدنيا
وتابع: هذا ولم يقف الأمر عند حثه صلى الله عليه وسلم على اغتنام الفضائل بالقول فحسب، بل ضرب لنا أروع الأمثلة العملية في المسارعة إلى فعل الخيرات؛ فقد كان يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه، ولما سألته عائشة رضي الله عنها: لمَ تصنع هذا يا رسول الله وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟! قال: «أفلا أحب أن أكون عبدًا شكورًا» ولما سأله أسامة بن زيد رضي الله عنه فقال يا رسولَ اللَّهِ! لم أرك تَصومُ شَهْرًا منَ الشُّهورِ ما تصومُ من شعبانَ؟! قال: «ذلِكَ شَهْرٌ يَغفُلُ النَّاسُ عنهُ بينَ رجبٍ ورمضانَ، وَهوَ شَهْرٌ تُرفَعُ فيهِ الأعمالُ إلى ربِّ العالمينَ، فأحبُّ أن يُرفَعَ عمَلي وأَنا صائمٌ».
ونصح: علينا أن نستشعر حقارةَ الدنيا وزوالَها «وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور» أي: هي متاع فانٍ غارٌّ لمن ركن إليه فإنه يغتر بها وتعجبه حتى يعتقد أنه لا دار سواها ولا معاد وراءها. ولما رأى عمر بن الخطاب رضي الله عنه أثَرَ الحَصِيرِ في جَنْبِ النبي صلى الله عليه وسلم بكى، فَقالَ: ما يُبْكِيكَ؟ فَقُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، إنَّ كِسْرَى وقَيْصَرَ فِيما هُما فيه، وأَنْتَ رَسولُ اللَّهِ! فما كان منه صلى الله عليه وسلم إلا أن ذكره بحقيقة متاع الدنياالقليل الفاني الذي لا يقارن بنعيم الآخرة التام الباقي، وعندئذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « أَمَا تَرْضَى أنْ تَكُونَ لهمُ الدُّنْيَا ولَنَا الآخِرَة»، مشيراً أن هذا غيض من فيض من توجيهات النبي صلى الله عليه وسلم يتجلى من خلالها حرصه على نصح أمته ودلالتها إلى سبيل الرشاد وبيان المسالك الموصلة إلى الله جل في علاه.


ومن المدينة المنورة، قال الشيخ الدكتور عبدالمحسن بن محمد القاسم ، إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف، إن من حفظ أوامر الله بالامتثال ونواهيه بالاجتناب وحفظ جميع أعضائه وحفظ حدود الله فلم يتعداها كان الله معه في جميع أحواله يحوطه وينصره فيحفظ له دينه من الشبهات والشهوات.

احفظ الله يحفظك
وأضاف «القاسم» خلال خطبة الجمعة اليوم من المسجد النبوي بالمدينة المنورة: ويحفظ له دنياه ويحفظه في أولاده وأهله ومن يتصل به ويحفظ عليه دينه عند الموت فيتوفاه عند الإيمان ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : « احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك – أو أمامك -».
وأوضح أن من علم أن الله حافظ لكل شيء وقادر عليه لم يركن إلى الأسباب وإنما يفعلها مع يقينه بأن الحفظ كله بيد الله وأن الأسباب قد يختلف مقتضاها، فصدق اللجأ إلى الله وتوجه إليه وحده في طلب الحفظ والعصمة والسلامة من المؤذيات والنجاة من المهلكات.

أسماء الله وصفاته
وأشار إلى أن أسماء الله وصفاته يدل بعضها على بعض فالحفيظ العليم سميع بصير قريب مجيب له القدرة التامة والمشيئة المطلقة والحكمة البالغة، والناس في العبودية والقرب من الله على قدر علمهم بأسمائه وصفاته سبحانه.
ونبه إلى أن لله تعالى الأسماء الحسنى المتضمنة لأكمل الصفات وأعلاها، ومن أسمائه ما لو أحصاه العبد لدخل الجنة، وكل ما في الكون من حركة أو سكون فإنما هو من آثار أسمائه وصفاته ، قال تعالى : «اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا ».

حفظه شامل لجميع مخلوقاته
وتابع: وحفظه شامل لجميع مخلوقاته لا يستغني منهم شيء عن حفظه طرفة عين، قال سبحانه : «إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ » وما في السماء ولا فوق الأرض ولا تحتها شيء إلا وهو محفوظ في كتاب .
ولفت إلى أن أنبياء الله تعالى أدوا رسالات ربهم وأقاموا الدين الذي ارتضاه الله لعباده ولاقوا في سبيل ذلك الشدائد والصعاب وكان مفزعهم عندها هو الحفيظ سبحانه فحفظهم وعصمهم من الزيغ في التبليغ، وأوذوا فحفظهم من كيد أعدائهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.