سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
سلاح بوتين الأقوى.. هل تستطيع أوروبا الاستغناء عن الغاز الروسي؟.. الحرب في أوكرانيا تهدد عصب الحياة في القارة العجوز.. والولايات المتحدة تبحث عن مصالحها كالعادة
تمتلك روسيا أحد أقوى الترسانات العسكرية في العالم، بما تضمه من أسلحة برية وبحرية وجوية وصاروخية تضاهي مثيلتها لدى أكثر دول الغرب تقدمًا، فضلًا عن ترسانة نووية بالغة الضخامة. على أن أكثر ما يُحسب لروسيا كنقطة قوة هو احتياطياتها المهولة من الغاز الطبيعي، التي تتجاوز 47 مليار متر مكعب، والتي تعتمد عليها أوروبا بشدة في تلبية احتياجاتها من الوقود، وطالما ظل الوضع كذلك بقي الغاز الروسي، أو قطعه بالأحرى، سيفًا مسلطًا على رقبة أوروبا، يقيد بشدة أي اتجاه لاحتكاك خشن مع روسيا. الوقود الروسي عصب الحياة في أوروبا تستهلك دول الاتحاد الأوروبي نحو %30 من وارداتها من النفط ومشتقاته من روسيا والتي تصل إلى حوالي 6.5 مليون برميل في اليوم من النفط الخام ووقود الديزل ولقيم النافثا، لذلك تعد أسواق النفط والمصافي الأوروبية الأكثر تأثراً جراء أي عقوبات اقتصادية على روسيا أو انقطاعات في خطوط الأنابيب. روسيا أكبر مُصدّري الغاز الطبيعي إلى أوروبا، حيث يتم شحن حوالي %40 من إمدادات القارة عبر خطوط الأنابيب. تتلقى أوروبا أيضا الغاز الطبيعي المسال والذي يتم تسليمه عن طريق السفن ولكن بنسبة اقل بكثير في شمال غرب أوروبا. أشهر إفلاسه.. أكبر بنك في روسيا يعلن مغادرة السوق الأوروبية عقوبات رادعة.. البرلمان الأوروبي يتبني قرارا بالحد من استيراد الغاز الروسي وحاول الاتحاد الأوروبي جاهداً قبل عدة سنوات ابرام اتفاق تعاون بين اعضاءه لتقليل الاعتماد على الغاز الروسي، ولكنه عجز عن إيجاد البديل لسدّ كل احتياجاته من الغاز في الوقت الذي تمر فيه %80 من صادرات الغاز الروسي الى الاتحاد الأوروبي عبر خطوط الأنابيب التي يبلغ عددها 13. ويتم نقل الغاز الروسي إلى أوروبا عبر خطوط أنابيب بحالته الغازيه، أما نقله بحرياً من الدول المُصدّرة للغاز الطبيعي المسال (LNG) مثل قطروالولاياتالمتحدة فيتطلب تسييله أولاً وتحويله من غاز إلى سائل حتى يمكن نقله عبر ناقلات الغاز المسال، وبعد ذلك تفريغة في موانى مخصصة وارجاعه إلى حالته الغازية مرة أخرى وإرساله عن طريق خطوط أنابيب إلى المستخدمين النهائيين، وهذا يتطلب بنية تحتية مكلفة لمرافق التصدير ومرافق التسييل ومحطات إعادة LNG إلى غاز مرة اخرى، وهذا يُكلّف مليارات الدولارات ويستغرق بناؤه عدة سنوات، أما نقل الغاز الطبيعي عبر خطوط الأنابيب له ميزات اقتصادية تنافسية كبيرة من حيث السعر والنقل اللوجستي. هل تتحرر أوروبا من أسر الغاز الروسي وأعلنت شركة "توتال إنيرجي" الفرنسية العملاقة أنه لا يمكن حاليا استبدال الواردات من روسيا في سوق الغاز الأوروبية، إذا توقفت بسبب النزاع الروسي - الأوكراني. وقال رئيس المجموعة باتريك بويانيه متحدثًا في باريس أمام منتدى الاتحاد الوطني للأشغال العامة "إذا لم يصل الغاز الروسي إلى أوروبا فلدينا مشكلة حقيقية لأسعار الغاز في أوروبا". وأوضح "لتزويد أوروبا بالغاز ينبغي إما أن يكون لدينا خطوط أنابيب أو محطات تحويل الغاز أو نأتي بالغاز الطبيعي المسال. لكنها جميعًا ممتلئة في الوقت الحالي وليس لدينا محطات كافية في أوروبا لإعادة تحويل الغاز المسال إلى غاز للتعويض عن 40% من الغاز الروسي". وأضاف و"يستغرق بناء محطة سنتين إلى ثلاث سنوات. فرنسا لديها محطة واحدة في حين لا تملك ألمانيا أي واحدة، ولذا عندما يقال لي كيف ستفعلون إذا لم تعد نسبة ال40 % من الغاز الروسي متوافرة، عندها يمكنني أن أقول لا أعرف ماذا سأفعل. سأكون قادرًا على القيام بذلك في غضون عامين أو ثلاث سنوات إذا قمنا ببناء محطات لأن لدينا الغاز ولكن علينا أن نكون قادرين على نقله. نواجه هنا مشكلة في البنى التحتية". ألمانيا لا تتعجل ومع ذلك، ذكر وزير الاقتصاد الألماني، روبرت هابيك، أن بلاده يمكنها الاستغناء تماماً عن الغاز الروسي، رغم تحذيرات من أن ذلك قد يتسبب في زيادة الأسعار. وقال هابيك، في تصريحات لمحطة «دويتشلاند فونك» الألمانية الإذاعية: «إمكانية حصول ألمانيا على غاز كافٍ وموارد كافية بعيداً عن واردات الغاز الروسي موجودة ويجب توسيعها». ووعد بتخفيف الأعباء عن المواطنين لمواجهة ارتفاع أسعار الغاز على المدى القصير على خلفية الأزمة الأوكرانية. وكان هابيك قال إن وقف إجراءات اعتماد مشروع خط أنابيب «نورد ستريم 2» الذي ينقل الغاز الروسي إلى برلين، لا يعني أنه لن يتم تشغيله إلى الأبد، موضحاً: «في الوقت نفسه ليس هناك داعٍ للعجلة في المضي قدماً مع الأمر». كان المستشار الألماني أولاف شولتس أعلن الأسبوع الماضي وقف اعتماد مشروع «نورد ستريم 2»، مبرراً ذلك بالقرارات الأخيرة التي اتخذها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الأزمة الأوكرانية. مصالح أمريكية؟ وأثار تعليق «نورد ستريم 2»، رد فعل ساخراً من الرئيس الروسي السابق دميتري ميدفيديف، الذي قال: «مرحباً بكم في عالم جديد، حيث سيدفع الأوروبيون قريباً 2000 يورو مقابل ألف متر مكعب من الغاز»، وهو مبلغ سيكون ضخماً بالنسبة إلى ألمانيا التي استوردت عام 2020 وحده 56.3 مليار متر مكعب من الغاز الروسي، أي 55 في المائة من حاجتها من الغاز. وتم الانتهاء من بناء مشروع خط الأنابيب، لكنه كان ينتظر المصادقة التنظيمية من السلطات الألمانية قبل بدء توريد الغاز من روسيا إلى ألمانيا. وهو مشروع حيوي بالنسبة إلى الدولتين، رغم الانتقادات الأمريكية التي واجهته. ويقابل الانتقادات الأمريكية، انتقادات أخرى تقول إن الولاياتالمتحدة تريد تعليق «نورد ستريم2» لتقليل اعتماد ألمانيا وأوروبا على الغاز الروسي، والاتجاه نحو الغاز الأمريكي. وبالفعل، أصبحت الولاياتالمتحدة، العام الماضين أكبر مصدّر للغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا.