تشهد لقاءات الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، والبابا فرنسيس بابا الفاتيكان ترجمة فعلية ودعوة حقيقية لأتباع الديانات حول العالم بضرورة التمسك بالإخاء الإنساني، ونبذ مشاعر البغض والكراهية، وطَرق كل الأبواب التي من شأنها تهيئة الرأي العام العالمي لنشر قيم الأخوة والتعايش المشترك. ومن الأعمال المشتركة بين الأزهر والفاتيكان وثيقة الأخوة الإنسانية، حيث تم توقيع وثيقة الأخوة الإنسانية 4 فبراير 2019 م، والتي أصبحت محل اهتمام المنطقة العربية والإسلامية، حيث حملت بين طياتها دليلاً يقود البشرية نحو السلام العالمي والعيش المشترك، ومرجعية عالمية لكل المؤمنين بالإنسانية، ونداء لأصحاب الضمائر الحية لنبذ العنف والتطرف.
انطلقت وثيقة الأخوة الإنسانية قبل عامين بمجهود مشترك من قائد ملهم وفذ هو فضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب، شيخ الأزهر، الذي سطر مسيرة السلام ورسم طريق الأخوة الإنسانية، وصاغ بنودها برحمة وحب، ورجل محب للسلام هو قداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية.
المسلمون والمسيحيون إخوة قال الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، إن الأزهر أدرك بحسه الديني وواجبه الإنساني ودوره العالمي، حاجة البشرية إلى هذا النور الذي يبدد ظلمات العنف والتطرف، ويكشف التيارات المنحرفة، حيث أعلن الأزهر عن وثيقتين؛ جاءت الوثيقة الأولى عام 2017، تحت عنوان: «إعلان الأزهر للمواطنة والعيش المشترك»، أكد خلالها أن المسلمين والمسيحيين إخوة في الإنسانية، وشركاء في الوطن، وأنهم جميعا مواطنون متساوون في الحقوق والواجبات. وأضاف «الضويني» في تصريح له: «نص هذا الإعلان على أن «المواطنة» مصطلح أصيل في الإسلام، تقوم على قبول التعددية الدينية والعرقية والاجتماعية، وجاءت الوثيقة الثانية عام 2019، وحملت عنوان: «وثيقة الأخوة الإنسانية»، متوجها الأزهر من خلالها إلى العالم بأسره، بدءًا بقادة العالم وصناع السياسات الدولية والاقتصادية العالمية، من أجل وقف الحروب وسيل الدماء غير المبرر، والعمل المشترك على نشر ثقافة التسامح والتعايش والسلام، كما وجه من الأزهر من خلالها رسالة إلى المفكرين والفلاسفة ورجال الدين والفنانين والإعلاميين والمبدعين بضرورة العمل على تفعيل هذه المبادئ المشرقة، مؤكدًا أن مبادئ هذه الوثيقة تواجه الانحدار الثقافي والأخلاقي الذي يعارض القيم والثوابت، ويعاني منه العالم.
وتابع: إن وثيقة الأخوة الإنسانية تضمنت قيما نبيلة نصت عليها الشرائع السماوية كافة، فحثت على إفشاء السلام، واتخاذه منهجا حياتيا، ودعت إلى إعلاء قيم التعارف والعيش المشترك، وأكدت حق الإنسان في الحرية المسؤولة، سواء في العقيدة أو الفكر أو التعبير أو الممارسة، وأرست آداب التعامل في ظل التعددية والاختلاف في الدين واللون والجنس والعرق واللغة، موضحا أن هذه الوثيقة نادت بإقامة العدل المبني على الرحمة، وبالحوار والتفاهم ونشر ثقافة التسامح وقبول الآخر، وهي جميعا مبادئ توفر للبشر كل مقومات الحياة الكريمة، وتصل الإنسانية بهذه القيم النبيلة إلى كل خير».
رئيس جامعة الأزهر: وثيقة الأخوة الإنسانية جمعت أفريقيا وأوروبا وآسيا الإمام الأكبر: الأزهر والفاتيكان تلاقيا من أجل الأخوة الإنسانية والسلام العالمي
وثيقة الأخوة الإنسانية جاء في بنود وثيقة الأخوة الإنسانية التي وقع عليها شيخ الأزهر وبابا الكنيسة الكاثوليكية ما يلي: * أن التعاليم الصحيحة للأديان تدعو إلى التمسك بقيم السلام وإعلاء قيم التعارف المتبادل والأخوة الإنسانية والعيش المشترك.
* أن الحرية حق لكل إنسان: اعتقادا وفكرا وتعبيرا وممارسة، وأن التعددية والاختلاف في الدين واللون والجنس والعرق واللغة حكمة لمشيئة إلهية، قد خلق الله البشر عليها، وجعلها أصلا ثابتا تتفرع عنه حقوق حرية الاعتقاد، وحرية الاختلاف، وتجريم إكراه الناس على دين بعينه أو ثقافة محددة، أو فرض أسلوب حضاري لا يقبله الآخر.
* أن العدل القائم على الرحمة هو السبيل الواجب اتباعه للوصول إلى حياة كريمة، يحق لكل إنسان أن يحيا في كنفها. * أن الحوار والتفاهم ونشر ثقافة التسامح وقبول الآخر والتعايش بين الناس، من شأنه أن يسهم في احتواء كثير من المشكلات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والبيئية التي تحاصر جزءا كبيرا من البشر.
* أن الحوار بين المؤمنين يعني التلاقي في المساحة الهائلة للقيم الروحية والإنسانية والاجتماعية المشتركة، واستثمار ذلك في نشر الأخلاق والفضائل العليا التي تدعو إليها الأديان، وتجنب الجدل العقيم. * أن حماية دور العبادة، من معابد وكنائس ومساجد، واجب تكفله كل الأديان والقيم الإنسانية والمواثيق والأعراف الدولية، وكل محاولة للتعرض لدور العبادة، واستهدافها بالاعتداء أو التفجير أو التهديم، هي خروج صريح عن تعاليم الأديان، وانتهاك واضح للقوانين الدولية.
* أن الإرهاب البغيض الذي يهدد أمن الناس، سواء في الشرق أو الغرب، وفي الشمال والجنوب، ويلاحقهم بالفزع والرعب وترقب الأسوأ، ليس نتاجا للدين - حتى وإن رفع الإرهابيون لافتاته ولبسوا شاراته - بل هو نتيجة لتراكمات الفهوم الخاطئة لنصوص الأديان وسياسات الجوع والفقر والظلم والبطش والتعالي. * أن مفهوم المواطنة يقوم على المساواة في الواجبات والحقوق التي ينعم في ظلالها الجميع بالعدل لذا يجب العمل على ترسيخ مفهوم المواطنة الكاملة في مجتمعاتنا.
* أن العلاقة بين الشرق والغرب هي ضرورة قصوى لكليهما، لا يمكن الاستعاضة عنها أو تجاهلها، ليغتني كلاهما من الحضارة الأخرى عبر التبادل وحوار الثقافات * أن الاعتراف بحق المرأة في التعليم والعمل وممارسة حقوقها السياسية هو ضرورة ملحة، وكذلك وجوب العمل على تحريرها من الضغوط التاريخية والاجتماعية المنافية لثوابت عقيدتها وكرامتها
* أن حقوق الأطفال الأساسية في التنشئة الأسرية، والتغذية والتعليم والرعاية، واجب على الأسرة والمجتمع، وينبغي أن توفر وأن يدافع عنها، وألا يحرم منها أي طفل في أي مكان.
* أن حماية حقوق المسنين والضعفاء وذوي الاحتياجات الخاصة والمستضعفين ضرورة دينية ومجتمعية يجب العمل على توفيرها وحمايتها بتشريعات حازمة وبتطبيق المواثيق الدولية الخاصة بهم.
وطالب شيخ الأزهر وبابا الكنيسة الكاثوليكية بأن تصبح هذه الوثيقة موضع بحث وتأمل في جميع المدارس والجامعات والمعاهد التعليمية والتربوية؛ لتساعد على خلق أجيال جديدة تحمل الخير والسلام، وتدافع عن حق المقهورين والمظلومين والبؤساء في كل مكان.