كثيرا ما يتردد بيت الشعر الخاص بأبي الطيب المتنبي الذي يقول (الخَيْلُ وَاللّيْلُ وَالبَيْداءُ تَعرِفُني وَالسّيفُ وَالرّمحُ والقرْطاسُ وَالقَلَمُ) دون أن يعرف كثيرون أن بيت الشعر هذا كان سببا في مقتله، وفيما يلي يستعرض "صدى البلد" المناسبة التي قيل فيها هذا البيت ، وكيف تسبب في مقتل صاحبه ومن هو "المتنبي". ولد أحمد بن الحسين بن الحسن المنحجي المشهور "بأبي الطيب المتنبي" عام 915م بالكوفة، وكان من أعظم شعراء العرب، وأكثرهم تمكناً من اللغة العربية وأعلمهم بقواعدها ومفرداتها، كما كانت له مكانة سامية لم يحظ بها شعراء عصره، ولقب بأنه نادرة زمانه، وأعجوبة عصره، وكان صاحب كبرياء وشجاعة وطموح وكان في شعره يعتز بعروبته، ويفتخر بنفسه. سمع المتنبي عن سيف الدولة الحمداني وحبه للعلم والعلماء والشعر والشعراء، فذهب إليه وطلب منه أن يمدحه، فأعجب سيف الدولة بشعره، وبدأ في هذا التوقيت علاقة وطيدة بينهما، وكتب المُتنبي العديد من أبيات الشعر التي يمدح فيها سيف الدولة، ولهذه القصائد مكانة رفيعة للمتنبي عند سيف الدولة.
اقرأ أيضا : جامعة النهضة: نسعى إلى تطوير التعليم الهجين للوصول إلى مرحلة أفضل
ومع مرور الوقت، أوقع أعداء المتنبي بينه وبين سيف الدولة، ومع اضطراب الأحداث وتوتر العلاقة بينهما في هذه الفترة، غادر المُتنبي إلى مصر طمعا في ولاية من "كافور الإخشيدي" وقام المتنبي بمدحه على الرغم من أن المتنبي لم يكن يحبه، فكان مدحه غير صافي، لكن الإخشيدي انتبه إليه ولم يقربه منه ولم يعطه أي شئ ما جعل المُتنبي يهجو الإخشيدي ويهجو مصر بعد ذلك. ثم هاجر المتنبي إلى بغداد مع مجموعة من طلابه ومحبيه، وكان معه خادمه وابنه، وأثناء سيرهم قابلهم رجل يُدعى "فاتك بن أبي جهل الأسدي" يرافقه مجموعة من رجاله، وهذا الرجل سبق أن هجاه المتنبي، فعندما رآه المتنبي فر هاربا، وعندما أوشك على الفرار، قال له غلامه: (لا يتحدّث الناس عنك بالفرار وأنت القائل: الخَيْلُ وَاللّيْلُ وَالبَيْداءُ تَعرِفُني وَالسّيفُ وَالرّمحُ والقرْطاسُ وَالقَلَمُ) فردّ عليه المتنبي قائلاً : (قتلتني قتلك الله)، ثم عاد وقاتل الرجل الذي كان قد هجاه حتى قتل على يد هاجيه عام 965م.