36 عاما مضت على رحيل عندليب الغناء العربي عبدالحليم حافظ فهل "مر الزمان ومحا الملامح" أم أن "الحنين يسكن بين الضلوع ويطل من فسحات العيون؟!".. "ما كل هذا الحنين الذي ينساب كصوت ماء يسقسق في ليلة هانئة وزقزقة عصافير منتشية في طمأنينة الأجنحة".. ستة وثلاثون عاما ويستيقظ الوتر الهاجع في الروح فينسكب الحنين!". ماذا في هذا "الفتى اليتيم الموعود بالمجد والعذاب".. لماذا يتربع في قلوب الملايين وهو الذي رحل عن الحياة الدنيا يوم الثلاثين من مارس عام 1977 ؟!.. أتكون ملامحه المصرية الخالصة والمفعمة بالرومانسية وجسده النحيل الذي فعل فيه المرض أفاعيله أم صوته الصافي بمسحة حزن وحساسية فائقة أم أنه هو ذاته كان "أيقونة الحنين"؟!. ورغم مرور كل هذه السنوات على رحيل عبد الحليم حافظ، فإن العديد من الصحف المصرية والعربية تخصص هذه الأيام صفحات وصفحات "للعندليب"، ناهيك عن حالة الطوارئ التي تعلن في العديد من القنوات التلفزيونية والفضائيات مع حلول الذكرى كل عام، فيما يذهب البعض إلى أن هناك مدا في مشاعر الحنين لزمن عبد الحليم. "فالعندليب" الذي قضى مع إطلالة الربيع اقترن زمنه بنهضة غنائية وموسيقية، بل وطفرة إبداعية شملت المسرح والسينما والكتاب، فيما تسكن أغانيه الوطنية والقومية الوجدان المصري والعربي، جنبا إلى جنب مع "أهواك " و"لحن الوفاء" و"صافيني مرة" و"على قد الشوق" و"حبيبتي من تكون" و"مغرور" و"تخونوه" و"ظلموه" و"حبك نار" و"الحلو حياتي" و"سواح"و"لست قلبي" و"أي دمعة حزن لا" و"رسالة من تحت الماء" و"حاول تفتكرني" و"قارئة الفنجان"!. وإذا كان بعض النقاد والكتاب وصفوا عبد الحليم حافظ بأنه "مطرب القرن العشرين في مصر والعالم العربي"، فإن الظاهرة تبعث على نوع من الإبحار في جديد ثقافة الحنين أو "النوستالجيا" بين الشرق والغرب كما تثير تساؤلات حول ماهية النوستالجيا وتلاعب السوق بمشاعر الحنين! وفيما خص الشاعر السوري الراحل ممدوح عدوان الحنين بقصيدة عنوانها: "نوستالجيا" تحدث فيها عن حكاية جدته الهانئة و"فارس وحبيبته نائية.. وقصور وحاشية وعدو لئيم وأجراس سحر على شجر، ورحيل إلى خطر" كما تحدث عن "الصخرة التي بكت وحنت إلى الرجوع نحو تربة"، فإن النوستالجيا حاضرة بقوة متجددة في ابداعات وطروحات الثقافة الغربية. وفي قصة جديدة صدرت بالإنجليزية عنوانها "نوستالجيا" وهى القصة الثامنة للمؤلف جوناثان بوكلي معالجة إبداعية فاتنة لمشاعر الحنين حتى أن بعض النقاد في بريطانيا اعتبروا هذا العمل بتناوله الغريب والطريف والمتعدد الظلال والألوان بفروق دقيقة من روائع الأدب الإنجليزي المعاصر.