السواك: عود الأراك، وهو شجر من الحمض، يستاك بقضبانه، والواحدة: أراكة( ). والمسواك: مثله، وهو: ما تدلك به الأسنان من العيدان، ساك فاه، يسوكه، إذا دلكه بالسواك، واستاك بدون ذكر الفم( ). وقد أمرنا الشرع الحنيف باستعمال السواك، أو بالاستياك عموما لما فيه من صحة الفم والأسنان، ومن خواصٍ طيّبةٍ في طهارة الفم والأسنان. وقد وردت الأحاديث النبوية الشريفة بالحث على السواك وبيان فضله والأمر به، فيما روي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : «عَلَيْكُمْ بِالسِّوَاكِ فَإِنَّهُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ، مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ عز وجل»( )، وما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي قال: «عَلَيْكُمْ بِالسِّوَاكِ، فَإِنَّهُ مَطْيَبَةٌ لِلْفَمِ، وَمَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ»( ). وجه الدلالة: ففي الروايتين جاءت صيغة الأمر عن طريق اسم فعل أمر، وهو يدل على طلب الفعل؛ لأنه من الصيغ الصريحة. هذا: وقد ذهب أكثر أهل العلم إلى أن السواك سنة مؤكدة، وأن طلب الفعل الوارد في السنة المباركة للندب، وأنه لم يصل إلى درجة الواجب؛ لوجود القرينة الصارفة له عن الوجوب( )، وذلك لقوله : « لَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِى لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلاَةٍ»، ولقوله أيضًا في رواية أبي هريرة : «لَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِى لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ وُضُوءٍ »( ). وجه الدلالة: ففي هذا دليل على أن السواك ليس بواجب، لأنه لو كان واجبًا لأمرهم به، شقَّ عليهم أو لم يشق( ). وقد ندب النبي إلى السواك، وليس في الندب مشقة، لأنه إعلام بفضيلته واستدعاء لفضله، لما فيه من جزيل الثواب، وهذا يدل على أن السواك الوارد به الأمر للندب والاستحباب( ). ويتأكد هذا: بما روي عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها من قول النبي:« ِالسِّوَاكِ مَطْيَبَةٌ لِلْفَمِ، مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ»( )، وما روي عنها كذلك: أن النبي «كَانَ إِذَا دَخَلَ بَيْتَهُ بَدَأَ بِالسِّوَاكِ»( )، وما روي عنها أيضًا أن النبي «كَانَ لاَ يَرْقُدُ مِنْ لَيْلٍ وَلاَ نَهَارٍ فَيَسْتَيْقِظُ إِلاَّ تَسَوَّكَ قَبْلَ أَنْ يَتَوَضَّأَ»( ). فكان القول بأن السواك سنة؛ على نحو ما قال به أكثر أهل العلم؛ وما عليه الأمة هو الراجح( ). وقد ذكر ابن قدامة رحمه الله :" ولا نعلم أحدًا قال بوجوبه إلا إسحاق وداود"( ). أما عن حكم السواك بعد الزوال للصائم: فإن الرأي على أنه لا يُستحب السواك للصائم بعد الزوال، والخلاف في الكراهة وعدمها إذا حدث ذلك. وفي ذلك روايتان عند الحنابلة( ): إحداها: أنه يكره، وهو قول الإمام الشافعي وبه قال إسحاق، وأبو ثور، وروي ذلك عن عمر، وعطاء، ومجاهد ، وذلك لما روي عن عمر أنه قال:" يستاك ما بينه وبين الظهر ولا يستاك بعد ذلك ". ولأنه قد استحب السواك لإزالة رائحة الفم، ورائحة الفم بعد الظهر تسمى الخلوف، وهو أطيب عند الله من ريح المسك، وإزالة المستطاب مكروهة؛ كدم الشهداء، وشعث الإحرام، وقد قال النبي:« لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ»( ). وثانيها: أنه لا يُكره، ورخص فيه غدوة وعشيًا، وهذا هو المروي عن سيدنا عمر وابن عباس وعائشة وهو مذهب الإمام مالك رحمه الله وأصحاب الرأي؛ وذلك لعموم الأحاديث المروية في السواك، ولقوله :«مِنْ خَيْر خِصَال الصَّائِم السِّوَاك»( )، ولقول عامر بن ربيعة : "رَأَيْتُ النَّبِيَّ مَا لَا أُحْصِي يَتَسَوَّكُ وَهُوَ صَائِمٌ "( ). وهكذا وعلى ما ترجح من استحباب السواك في جميع الأوقات بمراعاة الخلاف بالنسبة للصائم بعد الزوال، فهناك خمسة أوقات يكون السواك فيها أشد استحبابًا، وهي: 1 عند الصلاة، وذلك لقوله : « لَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِى لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلاَةٍ»»( )، ومن تركه فلا شيء عليه في صلاته. 2 عند الوضوء، لقول النبي : « لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء »( ). 3 عند قراءة القرآن، تبركًا وتطيبًا للقارئ للآيات البينات. 4 عند الاستيقاظ من النوم؛ لما روي أن النبي : «كَانَ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ يَشُوصُ فَاهُ بِالسِّوَاكِ»( )، أي يدلك أسنانه بالسواك. 5 عند تغير رائحة الفم؛ كترك الأكل والشرب، أو طول سكوت، أو طول كلام، أو أكل ما رائحته كريهة( ). أما عن أثر دلالة الأمر بالسواك على رعاية الفم: فقد ذكر أهل العلم قديمًا وحديثًا العديد من الفوائد، والمنافع بصحة الفم، والأسنان وعموم صحة الإنسان. وفي هذا يقول ابن القيم رحمه الله : "وفي السواك عدة منافع: يطيب الفم، ويشد اللثة، ويقطع البلغم، ويجلو البصر، ويذهب بالحضر، ويصح المعدة، ويصفي الصوت، ويطرد النوم، ويرضي الرب، ويعجب الملائكة، ويكثر الحسنات"( ). كما أن السواك يطهر الفم، ويرضي الرب، ويطيب النكهة، ويسوي الظهر، ويشد اللثة، ويبطئ، الشيب، ويصفي الخلقة، ويذكي الفطنة، ويضاعف الأجر، ويسهّل النزع، ويذكر الشهادة عند الموت( ). هذا: وبالإضافة إلى ما ذكره الفقهاء للسواك من فوائد صحية، فقد أثبتت الدراسات المختبرية الحديثة على عود الأراك أنه يحتوي على العديد من المركبات الكيميائية التي تحفظ الأسنان من التلوث، والتسوس، وتحفظ اللثة من الالتهابات( ). وقد أثبتت الأبحاث الحديثة: أن السواك يحتوي على مواد عديدة لها أثرها الطيب ومفعولها الطبي في قتل العديد من البكتريا، كمادة السيليس، والكلوريد، والريتينجات ( مادة عطرية تشبه الصمغ لطلاء الأسنان)، ونحو ذلك من العديد من فوائد ومنافع السواك( ). فكان توجيه الحبيب الطبيب إلى استخدام السواك عند كل صلاة في الحرص على طهارة الفم والأسنان، ونظافتهما( ).