لو قال البورسعيدية للرئيس: نقطنا بسكاتك، هل تعتبر إهانة؟.. ولو قالوا له صح النوم.. هل تعتبر قلة ذوق وجليطة؟.. ولو أغلقوا التليفزيون عند إلقاء كلمته.. هل يرى «الإخوان» أنهم يتجاوزون؟.. الإجابة: لا هى قلة ذوق، ولا جليطة.. لا هى إهانة ولا قلة أدب.. مواطن فرنسى قال ل«ساركوزى»: «اذهب إلى الجحيم».. لا حاكموه ولا أى شىء.. لكنه دفع غرامة، واعترضت عليها المحكمة الأوروبية! سياسياً، يستطيع المواطن أن يعترض على الرئيس.. الرئيس لا يستطيع.. أحزاب أوروبية كبرى سقطت انتخابياً، لأن زعيمها جرح مواطناً، أو سخر من مواطنة.. رئيس وزراء بريطانى دفع ثمن رده على سيدة.. كان يعلق على حديثها بأنها مملة، أو حمى، كما نقول.. المفاجأة أن الميكروفون كان مازال مفتوحاً.. سمعت بريطانيا كلها السباب.. ذهب إليها فى منزلها يطيب خاطرها، دون جدوى! الناخب لا يغفر للسياسى.. السياسيون فى البلاد الديمقراطية يمشون على الصراط.. فى فرنسا خرج جاك شيراك من الحكم إلى المحاكمة.. فى أمريكا حوكم بيل كلينتون، وهو فى البيت الأبيض بتهمة الكذب.. كله إلا الكذب.. فى فرنسا رفع مواطن لافتة فى وجه ساركوزى.. اللافتة مكتوب عليها «اذهب إلى الجحيم».. كان على المواطن أن يدفع غرامة صغيرة.. رفضت المحكمة توقيع الغرامة! حيثيات المحكمة كانت رائعة.. قالت إن ما فعله المواطن ليس إهانة.. الغرامة قد تؤثر سلباً على حرية التعبير.. إنها الهدف الأسمى.. هكذا يعرفون معنى الديمقراطية.. هذه الديمقراطية دفعت أحد المزارعين لرفض مصافحة الرئيس.. إنه حر.. يصافح أو لا يصافح.. الرئيس لا يدخل إلى قصر الإليزيه بصوته هو.. يدخل بصوت الناخب.. هناك يقدمون إهانة المواطن على إهانة الرئيس! لم يخرج حزب فرنسى يتهم المواطن بقلة الأدب.. لم تخرج الميليشيات الإلكترونية تسب الرجل أو تلعنه.. لم تخرج الخرفان تحاصر الحزب الذى ينتمى إليه، أو تحرقه.. أصبحت قضية مواطن غاضب، ومواطن بدرجة رئيس.. هكذا هم فى أوروبا.. يؤمنون بحق الاختلاف.. يقدسون حق المواطن.. يرفعون حرية التعبير إلى أسمى مرتبة.. تخرج المحكمة تؤكد حق المواطن فى النقد! نقد الرئيس مهما كان ليس إهانة.. الإهانة هى ألا يلتزم الرئيس بوعوده.. الإهانة لمنصب الرئيس هى ما يفعله الدكتور مرسى الآن.. كلمة الرئيس نفسها كانت إهانة.. سواء بصياغتها، أو بالطريقة التى خرجت بها.. توقيت خروجها، وتأخيرها أسابيع.. تدخل مكتب الإرشاد إهانة.. تدخل أبناء الرئيس جريمة، وليس إهانة فقط.. الدكتور مرسى ينبغى أن يشعر بأنه رئيس جمهورية! فى بلاد الشرق ننظر إلى الرئيس، باعتباره نصف إله.. نريد أن نعيد من جديد قصة الفرعون.. لا يصلح ذلك بعد ثورة على الأقل.. سمعت من أحد الإخوان تعليقاً شاذاً.. قال: إذا رأى الرئيس رأياً، فعلينا السمع والطاعة.. يقدمونه على أنه كاتب صحفى.. هو كاتب فقد عقله، يريدنا أن نسمع ونطيع.. اختلطت فكرة الرئيس بأمير الجماعة.. لا يدرى أن الرئيس شىء، وأمير الجماعة شىء آخر! المحكمة الأوروبية رفضت تغريم مواطن فرنسى.. لم تر فيما فعله إهانة.. حرية التعبير أهم من إهانة الرئيس.. لا ساركوزى اعترض، ولا حبس المواطن.. الذين قضوا حياتهم فى الزنازين لا يصلحون للحكم.. هكذا قال الأستاذ هيكل.. ما لم يقله «هيكل» أن جماعة الإخوان قد تذهب به إلى الجحيم.. ليته يدرك مبكراً (!) نقلا عن المصرى اليوم المزيد من أعمدة محمد أمين