لا مجال لأي صوت معارض في تركيا، هذا هو حال البلاد في ظل حكم الرئيس رجب طيب أردوغان، فعلى وقع العدوان التركي على سوريا شنت قوات أردوغان حملة لمطاردة معارضي ذلك الغزو. ففي 19 أكتوبر وعقب إعلان أردوغان عن عملية اطلق عليها اسم "نبع السلام" اقتحمت قوات تركية منزل الصحفية الكردية الشهيرة نورجان بايسال بعد انتقادها لتلك العملية، وأوضحت الصحفية أن نحو 30 أو 40 من أفراد الشرطة المسلحين داهموا منزلها فجرًا، بسبب منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي ونهبوه أثناء التفتيش، وفقا لصحيفة "واشنطن بوست". تعيش باسيال خارج تركيا، وأكدت أنها لحسن الحظ كانت خارج البلاد ولو اكتشفوا أنها في المنزل لأصبحت رهن الاعتقال كما حدث معها أكثر من مرة، ففي يونيو تفاجأت الصحفية بمجموعة من الملثمين التابعين لقوات مكافحة الإرهاب يحاولون تحطيم واجهة منزلها لاعتقالها بسبب تغريدة انتقدت خلالها عملية تركية سابقة في مدينة عفرين السورية. وتقول الصحيفة إن أردوغان استغل العملية التركية في سوريا لإسكات أي صوت معارض ويحاول الاستفادة من ذلك الغزو محليا ويصور نفسه على أنه "بطل قومي" غارق في محاربة الإرهاب. وقبل اقتحام منزل نورجان اعتلقت الشرطة التركية عرفان ساري وهو عمدة شعبي تم تهديده من قبل الشرطة وصوبوا مسدس تجاه رأسه ثم اعتقلوه وذلك لصلته بأعضاء من حزب العمال الكردستاني، كما اعتقلت الشرطة عددًا آخر من الصحفيين بينهم الصحفي هاكان ديمير بسبب تغريدة على تويتر، أشار خلالها إلى أن "الطائرات الحربية التركية بدأت في شن غارات جوية على مناطق مدنية مأهولة بالسكان". من جانبها تقول منظمة العفو الدولية إنه خلال الأسبوع الأول من العدوان العسكري التركي، اعتُقل ما لا يقل عن 27 شخصًا، كثير منهم منتمون إلى حزب الشعوب الديمقراطي، بتهم تتعلق بالإرهاب، ومن بين المعتقلين رئيس بلدية مدينة نصيبين المنتخب. إضافة إلى ذلك احتجزت سلطات أردوغان رئيس بلدية ديار بكر كونه يرفض الهجوم التركي على سوريا، فيما تقول معلومات وزارة الداخلية إن 150 شخصا اعتقلوا لسبب انتقادهم للعملية التركية ووصفهم لها ب"الغزو" او "الحرب". وتشير الصحيفة إلى أن تركيا تقود عملية مراقبة ضد المعارضين تمتد لخارج حدودها، وفي استطلاع حديث تبين أن 42% من الأتراك يرفضون العملية التركية في سوريا، لكن الخوف يمنع معظمهم من التعبير عن هذا الرفض. وسلطت الصحيفة الضوء على ضحايا العملية التركية من المدنيين، موضحة ان أردوغان استغل تلك العملية ايضا لتحسين وضعه داخليا حيث قل الحديث عن تراجع أداء الاقتصاد التركي والخسارة القاسية في الانتخابات البلدية، إضافة إلى ذلك تسببت العملية في إرجاء خطط بعض السياسيين المنشقين عن حزب العدالة الحاكم إنشاء تحالف جديد. وشبهت الصحيفة استغلال أردوغان للعملية التركية باعتبارها أمن قومي بما حدث في 2016 وسيناريو أحباط محاولة الانقلاب والتي شن على إثرها حملة اعتقالات وقمع للمعارضين، كما استغل تلك المحاولة لملاحقة الداعية فتح الله جولن، ويبدو أن الأعداء الذين استهدفهم أردوغان من خلال العدوان على سوريا هم في الداخل وليس في الخارج.