يظهر إن الشعوب تتدخل في أوقات الأزمات وفي لحظات حاسمة لتبرهن لبلادها عن رغبتها في إصلاح هذه البلاد إذا ماكانت تعاني من ضغوط كبيرة واقعة على حكوماتها بسبب ظروف سياسية أدت إلى هذه الأوضاع التي لاترغب بها الحكومات أيضًا، ومثال ذلك دولتي العراقولبنان، اللتان تتدخل بهما أنظمة إيران، بشكل فج. في أقل من شهر، اندلعت مظاهرات ضد الفساد وانعدام الإصلاح الاقتصادي في كل من العراقولبنان، وفي كلا البلدين ، كشفت الاحتجاجات غير المسبوقة ، التي هزت البلدات والمدن الشيعية، أن النظام الإيراني وممارسته نفوذه المنبوذ في المنطقة قد فشل، وفق ما رأت مجلة فورين بوليسي الأمريكية. قالت المجلة، بالنسبة للمجتمعات الشيعية في العراقولبنان، فشلت طهران وعملائها (حزب الله في لبنان، ومليشيلت الحشد الشعبي في العراق) في ترجمة الانتصارات العسكرية والسياسية إلى رؤية اجتماعية اقتصادية، ببساطة ، لم تضع راية المقاومة الإيرانية الطعام على الطاولة. وهذا ليس بمستغرب فالنظام الإيراني لم يكن أحد أهدافه صالح الناس أبدًا، بل مجرد مصالح قلة قليلة في نظام الحكم والحرس الثوري هو ما يحرص عليه النظام، ولهذا، فعدم اهتمام النظام الإيراني بشعبه وممارسة سياسات الإفقار بحقه، يعني بالضرورة عدم اهتمامه بشعوب الدول المجاورة في دعم تقديم الخدمات لهم، وهو في ذلك أشبه بنظام احتلال، أثار الشعبين ضده. ومنذ بداية الثورة الإيرانية 1979، كان لدى الحكومة الإيرانية وفيلق الحرس الثوري سياسة واضحة وطويلة الأمد ومفصلة حول كيفية تصدير ثورتها إلى المنطقة ، وخاصة في البلدان ذات الغالبية الشيعية. كانت إيران شديدة الصبر والمرونة في تنفيذ سياستها، وقبول الهزائم الصغيرة مع التركيز على الهدف الرئيسي: الهيمنة على العراقولبنانوسوريا واليمن، وهذا ما أتت الانتفاضات الشعبية بتدميره. ورغم إن إيران حققت انتصارات عبر وكلائها، مثل وكيلها في لبنان حزب الله و الانتخابات البرلمانية العام الماضي، وفي سوريا نجحت في إنقاذ حليفها الرئيس بشار الأسد، وفي السنوات القليلة الماضية ، اكتسبت إيران قوة أكبر في بغداد من خلال عملائها بما في ذلك قوات الحشد الشعبي، وهي الميليشيات الشيعية التي تم إنشاؤها لمحاربة تنظيم داعش الإرهابي، إلا أن هذا يتراجع الآن بعدما أدانت الجماهير العربية إيران.