لم يكن شهر رمضان شهرا للطاعات والعبادات والنفحات والرحمات فحسب بل هو شهر الانتصارات والفتوحات للأمة الإسلامية عبر العصور والأزمان وسيظل إلي أن تقوم الساعة وهذا ما تؤكده الأيام وأحداث الزمان فكان فيه أول انتصار للمسلمين علي أهل الكفر والشرك في غزوة بدر الكبرى في يوم الجمعة 17 رمضان 2 هجرية/ 623م بعد أن أمر الله( عزوجل ) المسلمين بالجهاد والقتال في سبيله فقال تعالي : " وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين " ( البقرة 190) فكان القتال لرد العدوان دون إعتداء وتوطدت أركان الدولة الإسلامية التي ظلت باقية إلي الآن وانتصر المسلمون في أولي الحروب مع المشركين بحكمة الرسول( صلي الله عليه وسلم ) وإيمان المهاجرين والأنصار حتي قال الرسول( صلي الله عليه وسلم ) في أهل بدر :" لعل الله اطلع علي أهل بدر فقال: افعلوا ما شئتم فقد غفرت لكم " وقتل في المعركة سبعين مشركا وأسر مثلهم واستشهد 14 شهيدا من المسلمين. كما أتم الله ( عزوجل ) الفتح المبين لأم القرى مكةالمكرمة يوم 20 رمضان 8هجرية / 629م وقدم المسلمون شهيدين وقتل كافران فقط وكان الفتح المبين وكانت الكلمة الخالدة للرسول ( صلي الله عليه وسلم) عندما طلب أهل مكة الأمان فقال : " اذهبوا فأنتم الطلقاء " رغم المعاناة التي عاناها وأصحابه من المهاجرين وأهله وعشيرته منهم فكان الصفح الجميل مع الفتح المبين. وفتحت بلاد الأندلس علي يد طارق بن زياد يوم 28 رمضان 92 هجرية / 18 يوليو711م بعد الانتصار علي القوط بقيادة ملكهم " لذريق" في معركة وادى بكة واستمر الحكم الإسلامي فيها 500سنة حتي دب الصراع بين الحكام والأمراء من ملوك الطوائف فتنازعوا وفشلوا في الحفاظ علي هذه البقعة في حظيرة الإسلام في الجزء الجنوبي حتي سقطت آخر الممالك وهي مدينة غرناطة بعد أن دخلها فرناندو وإيزابيلا بجيشهما في 2 ربيع 897 هجرية/ 2 يناير 1492م . كما فتح الخليفة العباسي المعتصم بالله بن هارون الرشيد مدينة عمورية فأخذها من البيزنطيين في 17 رمضان 223هجرية/ 12 أغسطس 833م حينما نهب البيزنطيون إحدى الحصون العربية الحدودية وخربوها وقتلوا الرجال وسبوا النساء وكانت فيهن إمرأة عربية قريشية وسمعت وهي تنادى : وإسلاماه ..وامعتصماه فلما عرف المعتصم سأل عن أقوى الحصون البيزنطية وقيل له عمورية فتوجه بنفسه إليها وفتحها وأحرقها بعد أن لبي نداء المرأة وقال : لبيك ..رحمه الله المعتصم . واستطاع صلاح الدين الأيوبي أن يسترد مدينتي صفد والكرك في رمضان سنة 584هجرية/ 1187م بعد أن انتهي من النصر علي الصليبيين في موقعة حطين ودخول القدس وفتح المسجد الأقصي للصلاة بعد أن ظلت الصلاة معطلة فيه 88عاما وذلك في 27 رجب 583 هجرية / سبتمبر 1187م فتوجه إلي مدن الساحل وبدأ بعكا وحررها من الصليبيين حتي أخذ صفد بعد أن حاصرها أوائل شهر رمضان 584هجرية/ 1188م ثم إستسلمت مدينة الكرك أيضا في رمضان ..رحم الله صلاح الدين الأيوبي . كما استطاع السلطان قطز الخوارزمي بمساعدة الظاهر بيبرس أن يصد التتار ويوقف زحفهم ويحمي مصر ويسترد بلاد الشام من أيديهم بعد هزيمتهم في 25رمضان 658هجرية / 1260م في موقعة عين جالوت عند مدينة بيسان وعندما هزم التتار المماليك في البداية صرخ قطز بأعلي صوته بعد أن رمي خوذته: وإسلاماه.. وإسلاماه وهاجم العدو بنفسه فإلتف المماليك حوله وانتصروا علي المغول وقتل قائدهم كتبغا وعندما تجمع المغول ثانية وكادوا أن يهزموا المماليك مرة أخرى صرخ قطز وهو يقتحم الصفوف : وإسلاماه.. يا الله انصر عبدك قطز علي التتار وأثار حمية المماليك وهزموا التتار شر هزيمة ونزل من فوق فرسه وصلي ركعتي شكر ومرغ وجهه في التراب وقبل أرض المعركة واسترد مدن الشام حتي حلب رحم الله قطز وبيبرس. وفي العاشر من رمضان عام 1393 هجرية / 6أكتوبر 1973م الذى نحتفل فيه بذكرى النصر الكبير للجيش المصرى علي العدو الإسرائيلي الذى كسر أنفه وتوقفت غطرسته وأجبر علي السلام واسترددنا أرض سيناء الغالية بعد إقتحام خط برليف والنصر المبين ..زحمة الله أنور السادات بطل الحرب والسلام..فكلها انتصارات مجيدة وفتوحات مبينة أثرت في حياة الأمة الإسلامية والعالم العربي وهي من عند الله وهو القائل :" وماالنصر إلا من عند الله العزيز الحكيم " ( آل عمران 126 ) . وفي أحتفال هذا العام بذكرى العاشر من رمضان أضاف الرئيس عبدالفتاح السيسي انتصارا جديدا بافتتاح محور روض الفرج وكوبرى تحيا مصر وهي معجزة هندسية علي نهر النيل ورقم قياسي في موسوعة جينس العالمية بانجاز الجسر المعلق حيث يعد كوبرى تحيا مصر أعرض كوبرى ملجم في العالم فسجل بموسوعة جينس ضمن أكبر الإنجازات العالمية التي تعد بالآلاف علي مستوى العالم في العقود الستة الماضية بفضل رجال الهيئة الهندسية للقوات المسلحة المشرفة علي المشروع وعمال شركة المقاولون العرب وعمال ومهندسي الشركات الأخرى العاملة في المشروع ..فهو فخر لجيش مصر ..وعمال مصر..وشعب مصر ..ورئيس مصر ..وكل عام أنتم بخير.