اعتادا الجيرة منذ سنوات، فأصبحا من عواميد إحدى قرى المنيا، خلاف بينهما أشعل فتيلة الشجار، تصاعدت حدته فتساقطت الضحايا، زهقت روح إحدى السيدات، طوفان حلّ على القرية زرع بذرة الثأر والخصومة ليكون بمثابة المنشار يقتص من الشجرة حتى يقترب لجذورها فيقتلعها. الثأر كالنار التي تأكل الجسد، فتزهق أرواح بريئة ذنبها الوحيد هو انتمائها لإحدى العائلة المتخاصمة، عاش أهالي عائلتي أولاد ضبيع و أولاد علي في رعب وهلع، يخاف الفرد منهم بمجرد سماع صوت ارتطام فيحسبه الرصاصة التي أتت لأخذ الثأر، يخرج من منزله يلتفت يمينه ويساره بحثا عن أحد أفراد العائلة الأخرى. اقتنع الطرفان بأن الثأر لا يمحيه سوى الدم فقط، لينسيهم آلام رحيل فقيدهم، محاولات العائلات الأخرى للتوسط بينهما باءت بالفشل، حتى أصبحت محاولات الصلح بينهما حلم يتنماه الأهالي يعيشون كابوس حدوث كارثة في أي وقت. وفي قرية جزيرة بنى أحمد، نصب سرادق كبير، اكتظ بالآف الذين حضروا ليشهدوا الحلم الذي طالما تمنوه، يضع كل منهم يده على قلبه ليصدق أن ما يحدث حقيقة وليس وهم، تتسارع نبضاتهم، وفجأة خفطت أنظارهم واتجهت في اتجاه ما، تحلق أعينهم على ذلك الشباب الذي دخل يحمل شئ على كفيه، يظهر من الزحام فتضح هيئته أكثر، أحد أفراد العائلتين المتخاصمة جاء حاملا كفنة للعائلة المعتدي عليها، لإنهاء الخصومة بين أولاد ضبيع و أولاد علي. جلسة صلح نظمتها لجنة المصالحات العرفية بمديرية أمن بالمنيا وكبار رءوس العائلات، بإشراف اللواء مجدي عامر مدير الأمن واللواء مجدي سالم مدير مباحث المديرية، والعميد علاء الجاحر رئيس مباحث المديرية والعقيد رأفت الحلواني مأمور مركز المنيا والرائد احمد يسري رئيس مباحث المركز. اجتمع الطرفان في سلام لأول مرة، على مرأى ومسمع الجميع، جلسة صلح بدأت بآيات الذكر الكريم، ليكون الشاهد عليهما، يتعهدان بالصلح، لا يوجد ثأر كامل تمامًا كالعفو، ومع أجواء العتاب والمصالحة، تعانق الطرفان لتذاب جبال الجليد بينهما. الكلمة عهد في الصعيد، وثقت بتوقيع شرط جزائي مليوني جنيه على الطرف الذي يبدأ بالاعتداء، لينتهي أخيرا كابوس أخذ الثأر بين العائلتين، لتنطلق الزغاريد بعدها احتفالا بالانتصار الذي حققته العائلتان.