محمد زايد لعل من أهم فوائد الثورة بالنسبة لي أنها كشفت النقاب عن هوية من كانوا يصرخون ليلاً نهارًا من هول ظلم النظام السابق لهم وقمع الحريات ومصادرة الآراء وغياب الديمقراطية وكون ممارستهم للنشاط السياسي أمراً محظورًا.. ولكن بمجرد سقوط النظام وانفتاح الساحة السياسية تحولوا لوحوش كاسرة لا تقوى على صد هجماتهم ومصادرتهم لكل من يخالفهم الرأي وعدم اقتناعهم بأن هناك شبابًا يمتلك رؤى مختلفة قد تكون صائبة إن لم تكن في معظم الأحيان هى الصحيحة.. هؤلاء الآن يتبرأون من شبابهم الذين وضعوهم على أرض صلبة بين القوى السياسية الكبرى على الساحة الآن.. هم من كسروا الحاجز النفسي بميدان التحرير بمجرد اشتراكهم بأحداث ثورة الخامس والعشرين رغم معارضة مكتب الارشاد ومجلس شورى الجماعة في البداية الى أن تبدلت آراؤهم بعد ذلك فصدر قرار بمشاركة الجماعة بشكل رسمي علني اصغاءً لرأي الشباب. هؤلاء الشباب الذين أثبتوا لجميع طوائف الشعب أن شباب الإخوان المسلمين هم مصريون لا يريدون غير الصالح لوطنهم وأرضهم أرض مصر، فشاركوا والتحموا مع قوى الشعب.. فتغيرت الصورة التي باتت في أذهان الكثيرين عن الإخوان المسلمين، لكن لم تقبل الجماعة ذلك وكأنها ترفض النور وترفض العيش بسياسة واضحة أمام أعين الجميع، فيتبرأون من شباب ائتلاف الثورة ومن مشاركتهم في أحداث جمعة الغضب الثانية أو الثورة المصرية الثانية أو جمعة انقاذ الثورة أي كان مسماها. ثم تأتي التغطية الإعلامية من الموقع الرسمي للإخوان المسلمين أكثر قبحًا من التليفزيون المصري أثناء أحداث الثورة تحت قيادة أنس الفقي، تخلى الموقع الرسمي عن أي مهنية وأخلاقيات العمل، فنشر صورًا للميدان وهو خال إلا من بعض الأشخاص لا يتعدون بضع آلاف لينشروا أن الميدان بدون الإخوان لا يمثل شيئًا، ولكنه مثل كل شيء امتلأ الميدان رغم أنف الإخوان.. وهذا اسم صفحة أنشئت على موقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك)، ثم بعد ذلك يخرج علينا الدكتور عصام العريان ليصرح بأن هناك نية لإعادة هيكلة الموقع من جديد.. فيستقيل رئيس تحرير الموقع ويتضامن معه بقية المحررين!!!! مشهد درامي ليس له أي معنى سوى ما يطلق على السيناريو والحوار الخاص به بين السينمائيين ب(الكليشيه) لأنه لا تخرج كلمة من الموقع الرسمي أو المتحدث الإعلامي باسم جماعة الإخوان المسلمين الا بأمر وطبقاً للسياسة العليا للجماعة، وما هذا الا المشهد المكرر عندما يقع مسئول في ورطة لا يستطيع الخروج منها فيقدم من يرأسه كبش فداء، مشيراً الى تقصيره رغم أن التقصير بشخصه هو. بجانب التصريحات النارية للمرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين بأن سبب هزيمة مصر في 56 و67 وسقوط نظام مبارك ما هو الا انتقام إلهي بعد اعتقالات الإخوان وأن الإخوان عندما اكتووا بنيران الظلم والاستبداد وغيبوا في السجون والمعتقلات وتعرضوا للتعذيب والتنكيل، كان الله للظالم بالمرصاد، فبعد كل تنكيل بالإخوان كان الانتقام الإلهي شاملاً وعاماً، فعقب اعتقالات الإخوان في 54 كانت هزيمة 56، وعقب اعتقالات 65 للإخوان كانت الهزيمة الساحقة في 67، وفي مصر مبارك تعرض الإخوان للاعتقالات والسجن والمحاكمات العسكرية الظالمة فكان سقوط النظام بأكمله عقب ثورة 25 يناير.. كيف تخرج تلك الكلمات من رجل في قيمة وقامة المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين الدكتور محمد بديع، كيف يقال إن الثورة ليست فقط سوى انتقام الله من مبارك ونظامه لاعتقاله الإخوان المسلمين؟! قلتم إنكم تستهدفون 35% من مقاعد مجلس الشعب والآن ترشحون من 45 الى 50% مبررين ذلك بأنكم ترشحون نسبة أكبر ليتم تصفيتها لما ذكرتم بالسابق، هل لو فزتم ب 50% سوف ترفضون أم سوف تتنازلون عن المقاعد؟ وعلى الرغم من أن قادة الإخوان يصرون على استقلال الجماعة عن حزب «الحرية والعدالة»، إلا أنهم عينوا أعضاء بارزين في الجماعة لقيادة الحزب، كما منعوا أعضاء الإخوان من الانضمام إلى أي حزب آخر فمن أين استقلال الجماعة عن الحزب؟ كيف يحدث هذا؟ لقد استخدم النظام السابق الجماعة كفزاعة للشعب المصري بمختلف طبقاته وطوائفه ولكن الشعب المصري بعد 25 يناير ليس هو من كان قبلها..فهو الآن يعي ويفهم ويدرس ويحلل ليستخرج نتائج واقعية يرتضي بها العقل أولاً.. لذلك لن يقبل الشارع المصري كل هذا التناقض والغموض والتصريحات العشوائية. كل ما سبق وكل ما يحدث لا أستخرج منه سوى نتيجة واحدة فقط.. أن جماعة الإخوان المسلمين الآن أصبحت لغزًا محيرًا لا أستطيع فهمه.. أريد أن أعرف من أنتم من جديد.. أحتاج إلى معرفة رؤياكم للمستقبل ودوركم وسط القوى السياسية لأنكم تتمتعون بعدد كبير وتفرعكم في الأقاليم والقرى، تحتاج مصر الآن لأن تقف كل قواها السياسية جنباً الى جنب وتتكاتف لتصبح قوى كبرى وتنض بتلك الأمة لو كان شعار الجماعة الإسلام هو الحل فلنعمل بمبادئه وهى الوحدة وليس التفرقة فلتوضح الجماعة أهدافها ونواياها ما خفي منها وما بطن.