عنان: متحور «نيمبوس» أقل خطورة.. ولكن أكثر تماسكاً مع خلايا الجسم    بعد هبوطه في 8 بنوك.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه الأربعاء 11-6-2025    الدولار ب49.52 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الأربعاء 11-6-2025    تراجع جديد يلامس 500 جنيه.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأربعاء 11-6-2025    عمدة لوس أنجلوس تعلن حالة الطوارئ وتفرض حظر تجول في المدينة    فلسطين: استشهاد شقيقين برصاص الاحتلال في نابلس    اشتباكات عنيفة بين قوات الأمن وعناصر مسلحة بريف حمص الغربي    "صفقة القرن".. تعليق قوي من حسين الشحات على انضمام زيزو إلى الأهلي    "الأول في التاريخ".. منتخب السنغال يحقق فوزا كبيرا على حساب إنجلترا    استعلم الآن عن نتيجة الصف الثاني الإعدادي 2025 الترم الثاني بالقاهرة بالاسم ورقم الجلوس    إصابة 3 بطلقات نارية في مشاجرة بسبب النزاع على قطعة أرض بسوهاج    "المعازيم راحوا المستشفى".. إصابة 3 أشخاص إثر إطلاق نار في حفل زفاف بالمنوفية    حملة دمياط الشاملة ترفع الإشغالات وتحمي المستهلك من تلاعب التجار    غرق طالب أثناء استحمامه فى ترعة بسوهاج    تدهور مفاجئ، دخول نجل تامر حسني للعناية المركزة مرة ثانية، وبسمة بوسيل تطلب الدعاء    يحيى الفخراني عن نبيل الحلفاوي: "أصدق الأصدقاء"    "كله تم بالتراضي".. التفاصيل الكاملة لعروس الشرقية المغصوبة على عريس متلازمة داون- صور    موجة شديدة الحرارة 6 أيام.. بيان هام من الأرصاد يكشف حالة الطقس الأيام المقبلة    رئيس جامعة دمنهور: «صيدلة البحيرة» أول كلية تحصل على اعتماد مؤسسي وبرامجي في مصر    البرازيل ضد باراجواى.. أنشيلوتى يدفع بتشكيل نارى لحسم بطاقة كأس العالم    نظرة إلى العين السخنة    هل شريكك من بينهم؟ 3 أبراج الأكثر خيانة    دعاء الفجر.. أدعية تفتح أبواب الأمل والرزق فى وقت البركة    تصفيات كأس العالم.. أنشيلوتي يعلن تشكيل البرازيل الرسمي في مواجهة باراجواي    السلطات الأوكرانية: قتيلان و28 جريحًا إثر ضربات روسية جديدة على مدينة خاركيف    لكسر الحصار.. التفاصيل الكاملة حول قافلة صمود    المجلس الوطني الفلسطيني: تصريحات هاكابي ضد حل الدولتين خروج عن قواعد الدبلوماسية    كندا تعتزم بيع سندات أجل 28 يوما بقيمة 2.5 مليار دولار كندي    محاقظ المنوفية يحيل موظف وحدة محلية في أشمون إلى النيابة بتهمة الرشوة    عن "اللحظة الدستورية" المقيدة بمطالب الشعب الثائر    تقارير: فيرتز على أعتاب ليفربول مقابل 150 مليون يورو    إنفانتينو: الجميع يعرف تاريخ الأهلي.. وأعلم أنه بمثابة حياة لجماهيره    10 أيام ونستقبل فصل الصيف .. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم : «توخوا الحذر»    ظاهرة تتفاقم في الأعياد والمناسبات .. المخدرات تغزو شوارع مصر برعاية شرطة السيسي    محمود وفا حكما لمباراة نهائى كأس عاصمة مصر بين سيراميكا والبنك الأهلى    بعد زيزو.. تفاصيل إنهاء الأهلي لصفقته قبل السفر لكأس العالم للأندية    «صفقات فاشلة».. تفاصيل تقرير ميدو في الزمالك (خاص)    مندوب الجامعة العربية بالأمم المتحدة: لن نسمح بالتلاعب بمصير الشعب الفلسطينى    لا تقسُ على نفسك.. برج العقرب اليوم 11 يونيو    مرض ابنى آدم وعملياته السبب.. تامر حسنى يعتذر عن حضور فرح محمد شاهين    محافظ الدقهلية يتفقد شوارع المنصورة ليلا.. ويؤكد: لا تهاون فى مواجهة الإشغالات    «ابني تعبان وعملياته السبب».. تامر حسني يعتذر عن عدم حضور فرح محمد شاهين    المذاكرة وحدها لا تكفي.. أهم الفيتامينات لطلاب الثانوية العامة قبل الامتحانات ومصادرها    بطريقة آمنة وطبيعية.. خطوات فعالة للتخلص من الناموس    هل لاحظت رائحة كريهة من تكييف العربية؟ إليك الأسباب المحتملة    فريق «هندسة القاهرة» الثالث عالميًا في «ماراثون شل البيئي» لعام 2025    مُخترق درع «الإيدز»: نجحت في كشف حيلة الفيروس الخبيثة    وزير الأوقاف يجتمع بمديري المديريات الإقليمية لمتابعة سير العمل    "الأوقاف" تعلن أسماء الفائزين في مسابقة الصوت الندي 2025    التعليم: عودة قوية لاختبار "SAT".. بمشاركة 100% دون شكاوى    يحيى الفخراني عن اختياره شخصية العام الثقافية: شعرت باطمئنان بوجودي على الساحة    فن إدارة الوقت بأنامل مصرية.. ندوة ومعرض فني بمكتبة القاهرة الكبرى تحت رعاية وزير الثقافة    غدا.. 42 حزبا يجتمعون لتحديد مصيرهم بانتخابات 2025 (تفاصيل)    أستاذ اقتصاديات الصحة: نسبة تحور "كورونا" ارتفعت عالميًا إلى 10%    أمين " البحوث الإسلامية " يتفقَّد إدارات المجمع ويشدد على أهميَّة العمل الجماعي وتطوير الأداء    زواج عريس متلازمة داون بفتاة يُثير غضب رواد التواصل الاجتماعي.. و"الإفتاء": عقد القران صحيح (فيديو)    الجريدة الرسمية تنشر قانون تنظيم إصدار الفتوى الشرعية    حكم توزيع لحوم الأضاحي بعد العيد وأيام التشريق؟.. أمين الفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في ذكرى استقراره بمصر.. هل رأس الحسين موجود بالقاهرة
نشر في صدى البلد يوم 01 - 01 - 2019

يحتفل المصريون اليوم، الثلاثاء، بذكرى استقرار رأس سيدنا الحسين "رضى الله عنه" فى القاهرة، ويختتم الآلاف من أتباع الطرق الصوفية احتفالاتهم بعدما استمرت أسبوعًا قام خلاله الزائرون من جميع أنحاء الجمهورية بالتوافد على حي الجمالية حيث المشهد الحسينى، والذى تزين بالأنوار والورود.
ويستعد الزائرون لحضور حفلة الليلة الكبيرة لنقيب المبتهلين والمنشدين الشيخ محمود التهامى، والذى ينطلق حفله فى تمام العاشرة مساء اليوم، الثلاثاء، وحتى فجر غد، الأربعاء.
ويحتفل المصريون بسيدنا الحسين بن علي "رضي الله عنهما"، مرتين في العام، الأولى بميلاده الموافق 3 شعبان من العام الهجري، والثانية في ربيع الثاني، وتمتد تلك الاحتفالات لمدة أسبوعين، ويفد الآلاف من أحباء آل البيت إلى القاهرة قادمين من جميع محافظات مصر.
وتعددت الآراء حول المكان الذي دفن فيه رأس الإمام الحسين ما بين بلاد الحجاز والعراق والشام وبيت المقدس ومصر، وتأرجحت بين المدينة وكربلاء والرقة ودمشق وعسقلان والقاهرة، إلا أن المصريين تفردوا بإحياء تلك الذكرى كل عام فى الأسبوع الأخير من شهر ربيع الثانى.
وقال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، إن المؤرخين وكُتَّاب السيرة -سوى المتفلسفة- أجمعوا على أنَّ جسد الحسين "رضى الله عنه" دفن مكان مقتله في كربلاء، أمَّا الرأس الشريف فقد طافوا به حتَّى استقر ب«عسقلان» الميناء الفلسطيني، على البحر الأبيض، قريبًا من موانئ مصر وبيت المقدس.
وأكد المفتي السابق، في فتوى له، أنه أيَّد وجود الرأس الشريف ب«عسقلان»، ونقله منها إلى مصر جمهور كبير من المؤرخين والرواد، منهم: ابن مُيَسَّرٍ، والْقَلْقَشَنْدِي، وعليّ ابن أبي بكر الشهير بالسايح الهروي، وابن إياس، وسبط ابن الجوزي، وممن ذهب إلى دفن الرأس الشريف بمشهد القاهرة المؤرِّخ «عثمان مدوخ».
وأضاف "جمعة" أن المؤرخ «عثمان مدوخ»، قال: إن الرأس الشريف له ثلاثة مشاهد تزار: مشهد بدمشق دفن به الرأس أولًا، ثمَّ مشهد بعسقلان بلد على البحر الأبيض، نقل إليه الرأس من دمشق، ثمَّ نقل إلى المشهد القاهري لمصر بين خان الخليلي والجامع الأزهر، ويقول المَقْرِيزِيُّ: إنَّ رأس الحسين رضى الله عنه نقلت من عسقلان إلى القاهرة في 8 جمادى الآخرة عام 548ه، وبقيت عامًا مدفونة في قصر الزمرد حتى أنشئت له خصيصًا قبة هي المشهد الحالي، وكان ذلك عام 549ه.
ونقل المفتي السابق، شهادة الدكتور الحسيني هاشم، وكيل الأزهر وأمين عام مجمع البحوث، تعليقًا على ما دَسَّهُ النَّسَّاخون على كتاب الإمام السيوطي «حقيقة السنة والبدعة» ما ملخصه: وقد أَكَّدَ استقرار الرأس بمصر أكبر عدد من المؤرخين، منهم: ابن إياس في كتابه، والْقَلْقَشَنْدِي في «صبح الأعشى»، والمقريزي الذي عقد فصلًا في خططه المسمى «المواعظ والاعتبار» ص427، وص428، وص430 يؤكد رواية (ابن مُيَسَّرٍ) أن الأفضل بن أمير الجيوش بدر الجمالي، هو الذي حمل الرأس الشريف على صدره من عسقلان، وسعى به ماشيًا حيث وصل مصر يوم الأحد ثامن جمادى الآخرة سنة 548 هجرية، وحلت الرأس في مثواها الحالي من القصر يوم الثلاثاء 10 من جمادى الآخرة سنة 548 هجرية عند قُبَّةِ باب الديلم، حيث الضريح المعروف الآن بمسجده المبارك، وكذا السَّخَاوِي -رحمه الله- قد أثبت رواية نقل رأس الحسين إلى مصر.
وعرض الرأي الرسمي لمصلحة الآثار، حيث قالت «عطيات الشطوي»، المفتِّشة الأثرية الثقة والمشرِفة المقيمة على تجديد القبة الشريفة في عصرنا: «تؤكد وثائق هيئة الآثار أنَّ رأس الحسين رضى الله عنه نُقِلَ من عسقلان إلى القاهرة -كما يقول المقريزي- في يوم الأحد ثامن جمادى الآخرة سنة ثمانٍ وأربعين وخمسمئة، الموافق (31 أغسطس سنة 1153م)، وكان الذي وصل بالرأس من عسقلان الأمير سيف المملكة تميم واليها، وحضر في القصر يوم الثلاثاء العاشر من جمادى الآخرة المذكور (الموافق 2 سبتمبر 1153م)».
واستند عضو هيئة كبار العلماء، إلى ما قاله «المقريزي»: فقدم به (الرأس) الأستاذ مكنون في عشارى من عشاريات الخدم، وأنزل به إلى الكافوري (حديقة)، ثم حمل في السرداب إلى قصر الزمرد، ثم دفن في قبة الديلم بباب دهليز الخدمة (المقر الحالي).
وفي العصر الأيوبي أنشأ أبو القاسم بن يحيى بن ناصر السكري المعروف بالزرزور، منارة على باب المشهد سنة 634ه (1236م)، وهي منارة مليئة بالزخارف الجصية والنقوش البديعة، وهي تعلو الباب الأخضر، وقد تَهَدَّمَ معظمها، ولم يبقَ منها إلا القاعدة المربعة، وعليها لوحتان تأسيسيتان (وقد جددت وهي موجودة الآن).
وتابع: "وقد احترق هذا المشهد في عهد الملك الصالح نجم الدين أيوب سنة 640ه، وقد قام بترميمه بعد هذا الحريق القاضي الفاضل عبد الرحيم البيساني، ووسَّعَهُ وألحق به ساقية وميضأة، ووقف عليه أراضي خارج الحسينية قرب الخندق، (ويقول بعض بَحَّاثَة المؤرخين: إن الذي أحرق المشهد هم اليهود بمصر)".
واستطرد: "واستمرت عمليات التوسع والإضافة حتَّى جاء الأمير "كَتْخُدَا"، فقام بإصلاحات كثيرة؛ ففي سنة 1175ه أعاد بناء المسجد، وعمل به صهريجًا وحنفية بفسحة، وأضاف إليه إيوانين، كما رتَّب للقائمين عليه مرتبات كثيرة ظلَّ معمولًا بها حتى سنة 1206ه".
ولفت إلى أنه لمَّا قدم إلى مصر السلطان عبد العزيز سنة 1279ه، وزار المقام الحسيني الشريف، أمر الخديوي إسماعيلَ بعمارته وتشييده على أَتَمِّ شكل وأحسن نظام، وقد استغرقت هذه العملية عشر سنوات؛ إذ تمت سنة 1290ه، أمَّا المنارة التي في جنوب غربيِّ المسجد فقد تمت سنة 1295ه، وهي غير المنارة الأيوبية التي في جنوب شرقي المسجد.
وألمح إلى ما نقل في أواخر «بحر الأنساب» ما ملخصه -بتصرف- أن العلَّامة الشبراوي (شيخ الأزهر لوقته) ألَّف كتابًا أسماه «الإتحاف» أثبت فيه وجود الرأس بمقره المعروف بالقاهرة يقينًا، وذكر أن مِمَّنْ أثبتوا ذلك الأعلام: الإمام المحدث الحافظ زَكِيُّ الدِّينِ الْمُنْذِرِيُّ، والإمام المحدث الحافظ ابن دِحْيَةَ، والإمام المحدث الحافظ نَجْمُ الدِّينِ الغيطي، والإمام مَجْدُ الدِّينِ بْنِ عُثْمَانَ، الإمام مُحَمَّدُ بْنُ بَشِيرٍ، والقاضي مُحْيِي الدِّينِ بْنِ عَبْدِ الظَّاهِرِ، والقاضي عبد الرحيم، كما أكد هذا الشيخ عبد الله الرِّفَاعِيُّ المَخْزُومِيُّ في مؤلَّفِهِ، ووالشيخ ابن النَّحْوِيِّ في مؤلَّفِهِ، والشيخ القُرَشِيُّ في مُؤَلَّفِهِ، والشيخ الشبلنجي في مُؤَلَّفِهِ، والشيخ حَسَنُ الْعَدَوِيُّ في مُؤَلَّفِهِ، والشيخ الشَّعْرَانِيُّ في أكثر من مَؤَلَّفٍ، والشيخ المُنَاوِيُّ في مَؤَلَّفَهِ، والشيخ الصَّبَّانُ في مُؤَلَّفِهِ، والشيخ الأُجْهُورِيُّ في مُؤَلَّفِهِ، كما أكَّده الشيخ أبو المَوَاهِبِ التُّونُسِيُّ، والشيخ أبو الحسن التَّمَّارُ، والشيخ شَمْسُ الدِّينِ البَكْرِيُّ، والشيخ كريم الدِّينِ الخَلْوَتِيُّ.
وشدد على أن جماهير الصوفية على اختلاف المراتب والأسماء والمشارب والأوطان، مِمَّا يرفع الحكم إلى درجة التواتر؛ لعدم التسليم بتواطؤ كل هؤلاء على الكذب، أو على الجهل والغفلة والتعصب، بالإضافة إلى كبار المؤرخين الذين أسلفنا ذكرهم.
وأوضح أنه تم الإجماع على أنَّ الرأس الطاهر وصل إلى القاهرة من عسقلان في (يوم الأحد ثامن جمادى الآخرة سنة خمسمئة وتسع وأربعين) فحمله الأمير (سيف المملكة مكين)، والقاضي (ابن مسكين) إلى السرداب الخليفي العظيم بقصر الزمرد، فحُفِظَ مؤقتًا بالسرداب من عاشر جمادى الآخرة في خلافة (الفائز الفاطمي) على يد وزيره (الصالح طلائع بن رزيك)، حتى بُنِيَ القبر الحالي والقبة عند باب الديلم، الواقع وقتئذ في الجنوب الشرقي من القصر الكبير، والمعروف الآن بالباب الأخضر، فحمل الرأس الشريف من السرداب العظيم إلى هذا القبر، ودفن به في الثلاثاء الأخير من ربيع الآخر على المشهور من العام التالي، وهو موعد الذكرى السنوية الكبرى بمصر للإمام الحسين "رضى الله عنه".
وذكر الدكتور سعد الدين الهلالي، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، أن الأدلة على وجود رأس سيدنا الحسين، حفيد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في القاهرة عبارة عن منام لصالح بن الزبير، مشيرا إلى أن هذا الأمر كان عام 543 هجريًا، أي بعد 487 عامًا من وفاة الحسين.
وقال «الهلالي» إن "ما يقال عن أن رأس الحسين الذي تم دفنه بالقاهرة عام 548 هجريًا، على غير المنطق، إذ إنه بعد مئات السنوات من وفاته، هل نستطيع أن نميّز هل هو رأس الحسين أم لا؟"، موضحًا أن الإمام ابن كثير أكد أن من يزعم أن رأس الحسين بالقاهرة فقد كذب وخان.
الميلاد
ولد الإمام الحسين "رضي الله عنه" في الثالث من شهر شعبان السنة الرابعة من الهجرة، واستشهد في كربلاء في العاشر من المحرم سنة 61 ه.
شهد رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم)، البشرى بميلاد الإمام الحسين في الثالث من شهر شعبان المبارك في السنة الرابعة، فأسرع النبي الكريم إلي دار علي بن أبي طالب والزهراء رضي الله عنهما، فقال لأسماء بنت عميس: "يا أسماء، هاتي ابني، فاستبشر -صلى الله عليه وسلم- وضمَه إليه وأذن في أذنه اليمني وأقام في اليسري ثم وضعه في حجره وبکي، فقالت أسماء، فداك أبي وأمي ممَ بکاؤك؟ فقال -صلى الله عليه وسلم-: من ابني هذا، وقالت: إنه ولد الساعة. فقال -صلى الله عليه وسلم-: يا أسماء تقتله الفتنة الباغية من بعدي، لا انالهم الله شفاعتي، ثم تلقي الرسول -صلى الله عليه وسلم- أمر الله تعالي بتسمية وليده المبارك فالتفت إلي علي -رضي الله عنه- قائلا: سمَه حسينا".
احتفال خاص
ويرجع احتفال المصريين في الثلاثاء الأخير من ربيع الآخر، إلى ذكرى استقرار رأس الحسين في مسجده الحالي بالقاهرة، بعد وصوله من عسقلان في العهد الفاطمي، وتحديدا فى عام 548 من الهجرة، وهو احتفال لا يقوم به أي مسلم غير المصريين، لأنه "مولد" خاص بهم، فيقول عنه دراويش الصوفية إنه "ذكرى ميلاد المصريين بوجود الحسين بينهم".
رحلة الرأس
وتعود رحلة نقل رأس "الحسين" بمصر إلى قصة طويلة، عندما تزينت مصر وتجملت وأضيئت المصابيح شوقًا لحضور رأس "الحسين" حفيد رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وكان ذلك مع منتصف العام الثامن والأربعين بعد المائة الخامسة من الهجرة.
ويحكى أن الوزير الفاطمى الصالح طلائع خاف من الصليبيين أن ينتهكوا حرمة قبر رأس "الحسين" بعسقلان، والذي استقر به بعد قرابة نصف قرن من موقعة كربلاء، عام 61 هجريًا، حيث طاف قتلة الحسين "رضي الله عنه" برأسه الشريف على أسنة الرماح.
وذهب به "شمر بن ذى الجوشن" إلى يزيد بن معاوية في الشام، لينال مكافأته بولاية إحدى المدن الإسلامية، فأمعن يزيد في فعلته الشنعاء وعلق الرأس على أبواب منازل المشتركين في المعركة بدمشق ليرهب الناس.
ووجد الرأس بخزائن السلام بدمشق بعد وفاة يزيد، وذلك بعد الطوفان بها المدن الإسلامية لتستقر بعسقلان، ودفن هناك في تلك المدينة الساحلية بفلسطين، حتى يكون بعيدا عن مناصريه، فاستقر هناك قرابة الخمسة قرون، حتى اشتد وطيس الحملات الصليبية على فلسطين، فخاف الصالح طلائع فأوعز النصح للخليفة الفائز، وأجزل في نصحه له بالتفاوض مع بلدوين الثالث قائد الحملة الصليبية على عسقلان بدفع مبلغ مالى كبير مقابل الحصول على رأس الحسين وإعادة دفنها بمصر.
وبعد عدة جولات، اتفق ابن طلائع على أن يدفع الفاطميون ثلاثين ألف قطعة ذهب (دينار) مقابل الرأس الشريف، وذهب الأمير الأفضل ابن أمير الجيوش بدر الدين الجمالى، فوقف على القبر حتى استقر عند الرأس الشريف فحمله على صدره من عسقلان في يوم الأحد الثامن من جماد الآخر، ليصل يوم الثلاثاء العاشر من نفس الشهر الموافق العام 548 الموافق يوم 31 أغسطس عام 1153 ميلاديا، وسار به في موكب مهيب، وفى اليوم المشهود خرج السلطان الفائز بصحبة الصالح طلائع لاستقبال الرأس الشريف عند مدخل مدينة الصالحية، وإجلالا لشرف الاستقبال قام المصريون بخلع نعالهم حتى لم يكن بينهم من كان مرتديا نعله، وذلك زيادة في إجلال وتقديس الرأس.
وعلى الفور جرت مراسم التسليم الشريفة عند حدود الصالحية ليحمله الموكب السلطانى ويوضع في كيس من الحرير الأخضر ويحمل على كرسى من الأبانوس وبسير ويسير خلفه كل من فيه الروح بأرض مصر فرحين مهللين مكبرين من الصالحية وحتى بوابة مسجد طلائع الذي كان تحت الإنشاء، حيث تم بناؤه خصيصًا ليدفن به رأس الحسين "رضي الله عنه".
وسادت احتفالات المصريين بقدوم الرأس أياما وليالى حتى استقر بمسجد طلائع في كيسها الحريرى الأخضر الذي بناه، حيث أمر ابن طلائع ببناء المسجد خارج القاهرة وفى الجهة الشرقية المقابلة لباب زويلة وكأن المسجد قد بنى ليرقد به الرأس ناظرا على بوابة القاهرة القديمة، وأخيرا يدخل من بوابة المسجد إلى ساحته فبوضع على لوح من خشب معطرة بالمسك وأطيب العطور الزكية، وما زالت تلك الخشبة موجودة أعلى واجهة المسجد من الداخل، ويعرفها جيدًا أهالي الدرب الأحمر بالقاهرة بمغسلة سيدنا الحسين، ولكن بيت الحكم الفاطمى بمصر لم يرض أن يدفن الرأس الحسيني بعيدًا عن مقر الحكم حتى استقر الأمر بأن يغسل الرأس في مسجد طلائع ويدفن في قصر الزمرد.
دماء الحسين
يحكى أن قطرات الدماء الموجودة عند الباب الأخضر والمنسوبة لسيدنا الحسين، ترجع إلى أن حاكم عسقلان ورسل الخليفة الفاطمى، حينما حفروا لاستخراج الرأس من مرقده، ووجدوا دماءه لم تجف رغم أنه مر على دفنه بعسقلان قرابة 500 سنة.
وبعد الاتفاق بين طرفى الحكم بمصر تم الحفر بقصر الزمرد، أسفل قبة الديلم أسفل دهليز باب الخدمة بقصر الزمرد عند الباب الأخضر والمعروف حاليًا ب"المئذنة القديمة لمسجد الحسين"، وذلك لإتمام إجراءات نقل الرأس بعد مكوثها بمسجد طلائع، حيث تم وضع رأس سيدنا الحسين في الكيس الحريرى، ووضع على كرسى من الأبانوس، وكان ذلك عام 549 هجريا، ليصبح ذلك اليوم احتفالا لدى شعب مصر، معروفا عند الجميع بمولد سيدنا الحسين.
وتحول مقر الحكم الفاطمى من قصر الزمرد إلى مسجد سيدنا الحسين، وقد سمي الباب الأخضر نسبة إلى حرير الأخضر الذي يكسو الرأس الشريف، ويوجد بأسفل المئذنة شباك من الطوب المسدود وكأنه كان على شكل طاقة رؤيا من تلك التي كانت معروفة قديمًا في العمارة الإسلامية.
وتم سد الطاقة بعد التجديدات والتوسعات الأخيرة للمسجد عام 1965، حيث كان الشباك يطل مباشرة على سرداب الدفن الذي يحوى الرأس الشريف في حجرة يتوسطها الطست الذهبى.
وهذه الطاقة عليها قطرات دماء الحسين -حسبما يقال- وقد وضع عليها زجاج به ثقوب حتى تتيح للزائر أن يشم رائحة هذه الدماء، التي توصف بأنها تفوح بالعطر! لكن هذه الغرفة الخلفية لا تفتح إلا بالمناسبات ويكتفي فقط بفتح حجرة الدفن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.