أعد المركز المصري للدراسات الاقتصادية دراسة حول "معضلة الضريبة العقارية في مصر"، تضمنت أهم الممارسات العالمية في كثير من الدول لتطبيق الضريبة العقارية، كالولاياتالمتحدةالأمريكية، وجنوب أفريقيا، والاتحاد الأوروبي وأمريكا اللاتينية، وأوروبا الشرقية، وآسيا، وأفريقيا، ودول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. وخلصت الدراسة إلى مجموعة من العناصر التي اجتمعت عليها كل الدول في تطبيق الضريبة العقارية، تتلخص في الرصد من خلال التسجيل بالمحليات عبر آليات مميكنة، ووجود ثلاثة أنواع من التقييم لاحتساب الضريبة العقارية: إما على أساس المساحة، أو على أساس القيمة السوقية، أو على أساس القيمة الإيجارية، حيث تعتمد معظم الدول على القيمة السوقية والمساحة أكثر من اعتمادها على القيمة الإيجارية. كما تعتمد الدول منهجية واضحة وشفافة لحساب قيمة العقار وبالتالي تحديد قيمة الضريبة مع وجود جهاز واضح متخصص في التقييم، وتوجه كل عوائد الضريبة العقارية للمحليات، والتي يكون لها صوت ونصيب ضخم في صناعة القرارات الخاصة بها، ولا يوجد إعفاءات للمنشآت الخاصة بالدولة ما دامت تقوم بنشاط مثل الذي يقوم به القطاع الخاص (وفقا للاتفاقيات الدولية)، وتختلف الدول في قيمة الضريبة العقارية التي تتبناها وذلك وفقا لمرحلتها التنموية بدون الإخلال بشروط الحوكمة. أما عن طبيعة الوضع في مصر، فيتم حصر العقارات من خلال وزارة المالية بشكل يدوي ودون وجود سجل عيني مفعل، وتُحدد قيمة العقار على أساس القيمة الإيجارية بعكس السائد في التجارب الدولية من الاعتماد على القيمة السوقية أو المساحة، ويتم احتساب الضريبة بشكل عشوائي بدون معادلة دقيقة نظرا لقلة المعلومات، وهو ما يتسبب في كثير من الطعون التي يصعب حسمها. والاعتماد على القيمة الإيجارية في تحديد قيمة الضريبة يجعلها ضمن ضريبة الدخل بدلا من أن تكون ضريبة على الثروة، كما يؤدى لصعوبة احتساب الضريبة على المصانع والفنادق وتجاوز هذه المشكلة من خلال بروتوكولات قد تخالف القانون في تفاصيلها. ويتم تحصيل الضريبة من خلال مصلحة الضرائب العقارية وتذهب الحصيلة بالكامل إلى السلطة المركزية، ولا تستفيد المحليات منها إلا في إطار ما تقرره السلطة المركزية بالرغم من أنها في أشد الحاجة إلى التنمية، وهاتين السمتين الأخيرتين هما المشكلتان الأكبر في الضريبة العقارية بمصر. كما أن نسبة الضرائب العقارية في مصر إلى إجمالي الإيرادات الضريبية تعد ضئيلة للغاية مقارنة بنسبتها في الدول المختلفة، حيث بلغت في مصر 0.1% عام 2015، مقابل 10.3% في الولاياتالمتحدة، و12.6% في المملكة المتحدة، و9% في فرنسا، و11.8% في كندا على سبيل المثال. ومن أهم المشكلات التي رصدتها الدراسة أيضا في النظام المصري، هي المشكلات الخاصة بالضرائب على المسكن والمصانع، والتي تشير إلى غياب القاعدة الأساسية للقوانين، وهى وجوب أن يعبر القانون عن الواقع الفعلي، فوجود العقار ليس بالضرورة دليل على الثراء، كما أن الضرائب العقارية على المصانع تحتاج إلى إعادة نظر في إطار اهتمام الدولة بتحقيق التنمية، وبالإضافة إلى ذلك أشارت الدراسة إلى مشكلة عدم جود سجل عيني مفعل وحديث، وتداخل الضريبة العقارية مع ضريبة الدخل، لافتة إلى عدم دستورية فرض الضريبة على الأرض الفضاء طبقا لحكم المحكمة الدستورية العليا الصادر عام 2002. وقدمت الدراسة مجموعة من المقترحات لتحقيق كفاءة الضريبة، تتضمن إعفاء الأنشطة الإنتاجية من الضريبة العقارية وتحديدا النشاط الصناعي لأن هدف التنمية الصناعية أكبر من أي إيرادات تأتى من خلال الضريبة العقارية عليها. وأشارت إلى أن نسبة منشآت الصناعات التحويلية في مصر تشكل 3.32% من إجمالي عدد المباني طبقا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء لعام 2017، وهي نسبة ضئيلة، في حين يعمل في هذه المنشآت 2.7 مليون نسمة. واقترحت الدراسة تغيير التقييم ليصبح حسب القيمة السوقية بدلا من القيمة الإيجارية للخروج من فخ كونها ضريبة دخل وليست ضريبة ثروة، والتعامل مع منشآت الدولة بنفس معاملة القطاع الخاص مادامت تقوم بنفس النشاط، والاستفادة من إمكانية الحصول على ضريبة عن الإعلانات على الطرق وأبراج المحمول، وتبنى التكنولوجيا الحديثة وخاصة ال Blockchain في تسجيل العقارات.