سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
نجل كمال الدين حسين ل صدى البلد: والدي جند ضباط المدفعية للانضمام لثورة 23 يوليو.. عبد الناصر رفض تأجيلها رغم علم الملك بأسماء التنظيم..السادات حارب أبي داخل البرلمان..والسيسي حررنا من الإخوان..فيديو
مصطفى كمال الدين حسين: * أسرتي لم تعرف شيئا عن الثورة حتى قيامها * والدي تراجع عن تأييد الإخوان بعدما تبين حقيقتهم * السادات أسقط عضوية والدي بالبرلمان * والدي لو كان عايش سيكون من أشد مؤيدي الرئيس السيسي * استحداث وزارة الإدارة المحلية والتعليم الصناعي أبرز إنجازات كمال الدين حسين * أحمد زويل كان فخورا بالتعليم في عهد وزارة أبي * السيرة الحسنة هى ما تبقى من إرث الوالد للعائلة على الرغم من حداثة المكان وزينته ببعض الأثاث المودرن في أماكن الجلوس والفرش إلا أنه لم يفتقر إلى عبق التاريخ وذكريات الماضي التي ظهرت في الصور القديمة المعلقة على الجدران بطول الحائط يمينا ويسارا بشكل دائري يبدأ من طرفي باب الحجرة حتى الحائط المقابل للباب، جميعها صور شاهدة على أحداث الماضي العريق الذي يجعلك تشعر بالفخر والعزة بمجرد النظر إليها ولعل ذلك السبب الذي جعل النائب مصطفى كمال الدين حسين نجل عضو تنظيم الضباط الأحرار يحتفظ بالآثار القديمة والمقتنيات الخاصة بوالده في مسقط رأسه ببنها. "الآية القرآنية اللي فوق دي جزء من كسوة الكعبة أهداها الملك عبدالله لوالدي تقديرا لدوره في الثورة".. ظهر الحماس الممزوج بالسعادة على وجه النائب وهو يشير بيديه إلى قطعة من القماش أعلى الحائط مدون عليها كلمات مزخرفة من القرآن، أعقبها بإشارة أخرى إلى إحدى الصور أقصى اليمين لوالده وهو يؤدي فريضة الحج ليفسر لنا كيف جاءت هذه الآية إلى هنا، وأخيرا لوّح النائب بيديه أقصى اليسار إلى بعض القلادات والأوسمة، قائلا وهو ينظر إلينا بنفس الحماس: "بعضها لوالدي والبعض الآخر لي.. والباقي في بيتنا القديم بالقاهرة". وعلى الرغم من مرور 66 عاما على ذكراها، لم يفقد نائب بنها حماسه وهو يتحدث إلينا عن دور والده في ثورة 23 يوليو 1952 وما أعقبها من أحداث ومناصب وخلافات، فظل يتحدث عن علاقة والده بجمال عبدالناصر والسادات والضباط الأحرار وفي كل مرة يتوهج حماسه حتى ظننا أن الثورة كانت بالأمس فلم يكن حديثه معنا حوارا بل كانت قصصا نرويها عليكم في السطور الآتية.. * حدثنا عن ليلة 23 يوليو؟ الثورة كان من المفترض قيامها يوم 22 يوليو لكن تم تأجيلها يوم وتم تبليغ جمال عبدالناصر بأن الملك عرف أسماء التنظيم وطلبوا منه التأجيل لكنه رفض وقال: "لقد دارت العجلة" فذهب والدي إلى منزلنا في كوبري القبة ليلا وأخد الطبنجة ولم يخبرنا بشيء عن الثورة حتى فوجئنا بها في اليوم التالي. * كيف انضم والدك إلى الضباط الأحرار؟ الوالد التقى بالضابط أحمد عبدالعزيز خلال أحد معسكرات الحرب والذي قال له: "الجهاد الحقيقي في مصر في القاهرة" ليلتقي بعدها بعبدالناصر وينضم لتنظيم الضباط الأحرار لتحرير البلاد من الإنجليز وحكم الملك فاروق الفاسد. * وما دوره في التنظيم؟ والدي كان في سلاح مدفعية الميدان وكان دوره تجنيد ضباط السلاح للانضمام للثورة وتأمين مصر من الإنجليز خاصة في السويس والإسماعيلية ومدن القناة خلال اندلاع الثورة بجانب تأمين المنشآت العامة ومنع الإنجليز من دخول القاهرة. ضباط المدفعية كانوا لا يعرفون بوجود الثورة لدرجة إن ضابط المدفعية علي نجيب شقيق الرئيس الراحل محمد نجيب اعترض طريق والدي وقاله: "رايح فين" فرد: "فيه ثورة" ليسأله علي نجيب: "إزاي" فأجابه والدي: "اسأل أخوك". * وماذا عن دور محمد نجيب قائد التنظيم؟ محمد نجيب راجل محترم وطيب وخلوق وكان له دور كبير في حرب فلسطين 1948 وأخذ العديد من الأوسمة والنياشين، كما كان له دور في انتخابات نادي الضباط قبل الثورة مباشرة لكنه لم يكن له دور مؤثر في الثورة وكان مجرد "واجهة" للتنظيم لما له من مكانة وثقل وتاريخ في القوات المسلحة خاصة في ظل تدني رتب الضباط الأحرار والتي كانت تتراوح ما بين صاغ وبكباشي. * كيف كانت علاقة والدك بجمال عبد الناصر؟ كانت علاقته قوية جدا بعبدالناصر لدرجة إنه دائما ما يقول: "مستعد افديه بولد من ولادي" ووقعت بينهما خلافات بعد حرب اليمن نتيجة اختلاف الآراء ووجهات النظر، حيث رفض والدي السياسة الاشتراكية التي اتبعها جمال عبدالناصر خلال حكمه لكنها لم تؤثر على علاقتهم القوية. * ما موقف كمال الدين حسين من الإخوان؟ والدي نشأ في بيئة دينية لذلك كان يميل إلى الإخوان قبل أن يظهروا على حقيقتهم وتظهر أغراضهم السياسية وبمجرد أن تبين حقيقتهم تخلى عن فكرهم وعند قيام الثورة حظر عبدالناصر على الضباط الانتماء إلى أي كيان سياسي، ولو كان والدي حيا في فترة الإخوان كان سيهاجم الإخوان وخلافتهم الإسلامية المزعومة "دي ناس لا دين لهم ولا انتماء عايزين يخربوا البلد ويسلموها لأي حد تحت مسمى الخلافة". * وماذا عن برقيته لعبد الناصر بعد حبس الإخوان؟ والدي أرسل برقية لعبدالناصر يقول له فيها: "اتق الله" وذلك ردا على حملات الاعتقالات وسوء معاملة السجناء بعدما وردته أخبارا بذلك وليس ردا على حبس الإخوان فقط كما يردد البعض فالسجناء كان من بينهم شيوعيون واشتراكيون. * وكيف كانت علاقته بالرئيس السادات؟ كانت جيدة ولما مات عبدالناصر كان يجلس السادات مع والدي بالساعات لبحث شئون البلاد خاصة في ظل تعلق الشعب بعبد الناصر وحبهم الشديد له ورفضهم لرئيس آخر بعده "في مرة قعد معاه 12 ساعة وكل ما يقوم يقوله خليك معايا شوية يا ابو كمال". * وما سبب الخلاف بينهما؟ والدي عارض السادات بعد اتفاقية كامب ديفيد وكان يطلق عليها "اتفاقية استسلام وليس سلام" وحصل بعدها خلاف حاد عندما كان والدي عضوا بمجلس الشعب نتيجة انتقاده سياسات السادات الذي أصدر عددا من القرارات الجمهورية في إجازة البرلمان فضلا عن أزمة غلاء الأسعار وخروج المظاهرات في 18 و19 يناير 1977 (انتفاضة الخبز). تطور الخلاف بعد ذلك إلى إسقاط عضوية والدي نتيجة انتقاده وتم حل البرلمان بعد عام من انعقاده وعلى الرغم من نقض المحكمة لحكم إسقاط العضوية إلا أن البرلمان كان قد حُلّ وشهدت انتخابات البرلمان الجديد العديد من حالات التزوير "كان فيه لجان لا يسمحوا فيها بالتصويت أو المراقبة" لذلك لم يتمكن والدي من النجاح في الانتخابات. * حدثنا عن تحركات والدك تحت قبة البرلمان؟ كان والدي يرغب في تكوين حزب الجبهة المستقلة داخل المجلس لكنه لم يتمكن من إتمام العدد اللازم لتشكيل الحزب (20 نائبا) فبعد أن نجح في ضم 22 نائبا فوجئ بعد ذلك بخروج 4 نواب وانضمامهم إلى حزب الوفد الجديد. حاولت تكرار تجربة والدي داخل البرلمان الحالي لكني لم أجد الحمية في نواب. * وكيف كان موقفه من الرئيس الأسبق مبارك؟ كان معارضا لمبارك نتيجة سياسات الحزب الوطني المنحل والفساد الذي انتشر وقتها كما أعطى الفرصة للإخوان للنهوض مرة أخرى والتوسع الاقتصادي والسيطرة على اقتصاد البلاد، فضلا عن سياسة توريث ورغبته في ترك الحكم لابنه جمال مبارك. * ماذا قدّم والدك للتعليم خلال توليه الوزارة؟ والدي تولى وزارة التربية والتعليم 6 سنين وحول اسمها من وزارة المعارف إلى التربية والتعليم وكان يؤمن بأهمية التربية قبل التعليم، حيث أحدث ثورة فعلية بإنشاء العديد من المدارس في الأرياف والقرى وزيادة البعثات التعليمية للخارج، فضلا عن استحداث التعليم الصناعي (الفني). وأستشهد بمقولة العالم أحمد زويل عندما قال: "تعليمي في الستينات كان أحسن تعليم وهو اللي خلاني اسافر برة وأقدم اكتشافاتي وإنجازاتي العلمية". * تولى والدك أيضا مسئولية المحليات فماذا قدّم للمنظومة؟ هو من أنشأ وزارة الإدارة المحلية وكان يسعي في تطوير المنظومة لجعلها حكم محلي وليست إدارة محلية، فإن ما يطبق إلى الآن هو إدارة محلية وليس حكما محليا، وهو ما يضع بعض الضغوطات علي النائب لأن المواطنين يطالبونه بطلبات ليست من دوره أو صلاحياته "شغل النواب هو التشريع والرقابة علي المحليات". * هل كان لوالدك دور في دخولك الحياة السياسية؟ لم يكن لوالدي دور أو سبب في دخولي الحياة السياسية أو مجلس النواب، فلم يكن الانضمام لمجلس النواب في تفكيري، ولكن سبب دخولي المجلس هو فترة حكم الإخوان لمصر، كان في مؤتمر للإخوان هنا بمدينة بنها وحضرته وقلت لهم مقولة جمال عبد الناصر يوم الثورة "لقد دارت العجلة"، وذلك تأكيدا علي نهاية حكم الإخوان لمصر، وكنت من أكثر المعادين للإخوان، فكنت أضع لافتات تطالب برحيل محمد مرسي، "البلد كانت في حالة سيئة جدا وكان لابد من التدخل من جميع الوطنيين، لذلك تدخلت لكوني عسكريا وابن كمال الدين حسين وشاركت في انتخابات البرلمان الحالي على الرغم من رحيل الإخوان وذلك لبناء الدولة". * حدثنا عن شخصية كمال الدين حسين في عمله ومنزله؟ كان شديدا في حياته العملية، وكنا نراه في فترات قليلة جدا، فكان يذهب للعمل في وقت نزولنا للمدارس والجامعات ويأتي متاخرًا بعد نومنا، فكنا لا نراه إلا قليلا، نتيجة سهره في العمل "أحد الأشخاص أعطى له قرصا، فسُئل عنه، فقال: منشط، ليرد السائل: اعطيله قرص منوم أحسن عشان نمشي". وعقب وفاة والدتي عن عمر يناهز 36 سنة، كان لنا أب وأم فكان يحنو علينا وعلي جميع العائلة، ويعطي الثقة للجميع بقلب طيب، وكنت أقول له: "لاتعطي الناس كل هذه الثقة". * وكيف كانت علاقته بالسعودية؟ كانت علاقته جيدة جدا بالسعودية وبالمسئولين بها، وكان أكثر الملوك قربا منه هو الملك عبد الله، الذي محبا لمصر لأبعد الحدود، وكذلك كان الملك فيصل، كما كانت له علاقة خاصة وطيبة مع الشيخ عبد العزيز تويجري قائد الحرس، فعندما كان يسافر والدي للمملكة، يعقد الشيخ تويجري اجتماعات مطولة معه بحضور كبار القادة السعوديين ومن الدول العربية كلها ويقيم احتفالات خاصة بحضوره. وكان ضمن مجلس قيادة الثورة، الذين قاموا بزيارة إلى السعودية عقب ثورة 23 يوليو وأهدي لهم الملك سترة الكعبة وقتها. * من أكثر الشخصيات المقربة لكمال الدين حسين؟ عبد اللطيف البغدادي كان من أقرب الشخصيات لوالدي بالرغم من اختلافهم في السلاح والعُمر، فكان البغدادي أكبر منه بحوالي 4 سنوات. وفي فترة علاج كمال الدين حسين في أمريكا كان البغدادي يتصل به بشكل يومي للاطمئنان علي تقدم حالته الصحية وتحسنها، وكانت العلاقة قوية بينهما. * هل تعرض والدك لظلم من الدولة في التكريم أو إعلاميا؟ عندما يقابلني عضوا في البرلمان يقول لي: "أهلا بالبطل ابن البطل" أو "أهلا بالمحترم ابن المحترم"، ذلك الإرث الذي ورثناه منه "السمعة الطيبة لدي الجميع"، فكل ما يهمنا هو تكريم الناس فقد يختلف معه البعض سياسيا ولكن قيمته، الكل يشيد بها، ونحن نفتخر أننا أبناء كمال الدين حسين. أما التسليط الإعلامي فلم يحظى به الوالد، برغم ما قام به من أعمال بطولية هامة وقت الثورة وبعدها وما أحدثه من تطوير في التعليم والتعليم العالي، والإدارة المحلية فأطلق عليه الضابط وجيه أباظة "أبو الادارة المحلية" لما بذله من جهد عند توليه الوزارة، فكان يأخذ جميع الوزراء المختصين ويذهب إلي المحافظات ويحل المشاكل التي تواجه المواطنين علي أرض الواقع. * ما أكثر منصب محببا إلى الوالد؟ وزير التربية والتعليم * ماذا سيكون موقف الوالد من الرئيس السيسي لو كان متواجدا حاليا؟ سيكون من أشد مؤيديه وذلك لدوره في تحرير البلاد من خطر الإخوان فمنذ أن قال الرئيس السيسي في مسرح الجلاء "تنقطع ادينا لو قاومنا أي حد من الشعب"، علمنا أنه سيقف مع الشعب ضد الإخوان، وكان ذلك إرهاص يدل علي انتهاء عصر الإخوان.