أحدثت الانتخابات التركية المبكرة التي جرت في الرابع والعشرين من شهر يونيو تطورات جديدة مع فوز أردوغان بسدة الحكم وبصلاحيات واسعة، هذه التطورات شأنها أن تخلق واقع آخر في المنطقة وعلى وجه الخصوص في سوريا، سعي أردوغان بشكل مستمر وتصريحاته الخالية من الدبلوماسية أو من الرسائل المبطنة ضد الكرد في سوريا تزيد من صعوبة الوضع، الكلام العلني لمحاربة الكرد والحملة التي بدأت في شهر يناير من العام الجاري على عفرين دلالات في أن المشروع التركي بقيادة أردوغان لن يرضى بالمساومة رغم الضغوط الممارسة عليه وإن كانت نسبية في محاولة احتواء وتوازن من الولاياتالمتحدة وفرنسا حلفاء الكرد في سوريا. الحديث عن دستور جديد والتأييد الروسي له، بالإضافة إلى طلب المبعوث الدولي إلى سوريا استيفان دي مستورا لقوائم الشخصيات المشاركة من الأطراف السورية في مقارنة مع الدور التركي في سوريا، يبدو أنه مشروع يتم فيه كسب الوقت من قبل روسياوتركيا على وجه الخصوص، روسيا تتحالف مع تركيا في سوريا وتبرم معها صفقات والاتفاق القادم في إدلب ومحيطها عنوان مرحلة جديدة قد لا ترضى فيها تركيا بالشروط الروسية في حال موافقة الأخيرة على صياغة ما يمكن ضمن الدستور الجديد فيما يخص وضع الكرد في سوريا ومنحهم حقوقهم والتي يراها الكرد بأن شرعية تستوجب الاعتراف. يبدو أن أردوغان لا يكتفي بالتصدي للكرد في سوريا فحسب، بل يوسع من نطاق استهدافه ليطال شمال العراق، حيث العمليات العسكرية والقصف على مواقع حزب العمال الكردستاني وداخل تركيا، حيث الحد من دور الكرد وزجهم بالسجون وفرض إجراءات الطوارئ بغية حرية الحركة في التصدي للتطور اللافت للكرد في تركيا، خاصة فيما يتعلق بالانتخابات الأخيرة وحصول حزب الشعوب الديمقراطي على نسبة تجاوزت ال11%، الأمر الذي رفع عدد النواب الكرد داخل البرلمان التركي إلى 67 بدل 58،و هذا العدد كفيل بخلق الأرق لدى أردوغان إلى حد ما رغم الصلاحيات الموسعة التي بات يتمتع بها بعد فوزه بالرئاسة. سرعة تنامي وتطور دور الكرد في المنطقة وعلى الأخص في سوريا تجعل من تركيا متوترة، حيث تخشى وتقول بشكل علني إنها لا تريد توسع هذا المد الكردي لمخاوف تاريخية من جهة ومن جهة أخرى لضرورات قومية كما تقول، لكن ماذا عن الغرب والولاياتالمتحدة التي تدعم التطور الكردي وتحافظ على شعرة معاوية بينهم وبين تركيا؟ هل هناك توجه دولي للحفاظ على التقدم التدريجي للكرد ولكن ببطء إلى مرحلة ما ومن ثم العمل على إعادة النظر في الأمور مع تركيا، خاصة في ظل تفاهمات أنقرة - موسكو أم العكس؟ على الأرجح ما حصل في منبج خطوة تؤكد إصرار الولاياتالمتحدة في دوام التطور المذكور للكرد، حيث الخطوة جاءت بشكل دبلوماسي وبقراءة سليمة وتعاون الكرد مع الموقف يشير إلى مستوى تطور الدبلوماسية الكردية وعدم الإصرار على التوجهات القاسية القومية التي كانت إحدى مزايا من يريد أن يعرف الهوية الكردية، لكن الاختبار القادم والذي يلخص دور الكرد في سوريا هو آلية المواجهة لما سيبدأ به أردوغان بعد فترة، فهل يا ترى سنكون أمام تطورات تعيد رسم معالم المنطقة عبر ما يتم الاتفاق عليه في سوريا أم سنكون أمام مواجهة تستنفد فيها القوى؟ كذلك تبقى التحليلات التي يتحدث عنها الزعيم الكردي عبد الله أوجلان حاضرة وهي أن الحرب والصراع سيمتد إلى عام 2023، وهذا ما يتحدث عنه الكرد دائمًا في أن الاستقرار لن يكون قبل ذلك ويجدون في أردوغان أكبر عامل مزعزع للاستقرار، فهل سنوات حكمه الخمس القادمة والتي ستنتهي في عام 2023 صدفة؟! أم أن هناك آليات مواجهة محسوبة لدى الكرد دون الاكتراث بالوقت؟