الهيئة الوطنية للانتخابات تعلن أسماء المرشحين على النظام الفردي بانتخابات مجلس النواب    حصلت فاتورة الكهرباء، تعرف على سعر أسطوانة البوتاجاز الجديدة بعد الزيادة المرتقبة    اختراق مكبرات الصوت في أمريكا وكندا وبث رسائل تنتقد ترامب وتدعم حماس    عماد النحاس وجهازه المعاون يصل إلى بغداد لقيادة فريق الزوراء العراقي    ضبط ربع طن لحوم فاسدة في 4 مطاعم شهيرة بأسوان وغلق 8 منشآت مخالفة (صور)    فشلوا في العثور على فصيلة دمه، وفاة الفنان أشرف بوزيشن بعد تدهور حالته الصحية    انطلاق البطولة المصرية المفتوحة للهواة وسط حضور دولي واسع يضم أكثر من 100 لاعب| فيديو وصور    إعلام إسرائيلي: حماس أبلغت الوسطاء بعثورها على مزيد من جثث المحتجزين    أسماء المرشحين على مقاعد الفردي بدوائر محافظة البحيرة لانتخابات مجلس النواب 2025    «مش صديقي.. وبقول اللي حسيته».. رد مثير من كريم نيدفيد بشأن هجومه على رمضان صبحي    أسعار البنزين الجديدة تتصدر التريند.. وترقب بمحطات البنزين    الحفني: تعزيز السلامة الجوية أولوية تستهدف التشغيل الآمن وفق متطلبات الإيكاو    «سينما من أجل الإنسانية» تتجسد في انطلاق الدورة 8 من مهرجان الجونة    مساعد الرئيس الروسي: بوتين يؤيد فكرة ترامب بعقد قمة روسية أمريكية فى بودابست    اتهام مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق ب 18 تهمة بينها الاحتفاظ بوثائق بشكل غير قانوني    سعر الدولار اليوم الجمعة 17102025 بمحافظة الشرقية    سعر اليورو أمام الجنيه المصري في تعاملات الجمعة 17 أكتوبر 2025    فاروق جعفر يتغزل في نجم الزمالك.. ويؤكد: «قدراته الفنية كبيرة»    ستاد المحور: الكوكي يدرس الدفع ب صلاح محسن في التشكيل الأساسي أمام الاتحاد الليبي وموقف الشامي    سعر الأسمنت اليوم الجمعة 17 أكتوبر 2025 فى الشرقية    طقس حار نهارًا وشبورة صباحية خفيفة.. الأرصاد تكشف تفاصيل حالة الطقس الجمعة 17 أكتوبر 2025    عاجل- أمن المقاومة يحذر من الشائعات حول مصير أبو عبيدة وسط اتفاق جديد لوقف إطلاق النار في غزة    «زي النهارده».. وفاة شيخ الأزهر الدكتور عبدالحليم محمود 17 أكتوبر 1978    «زي النهارده».. وفاة الفنان والملحن منير مراد 17 أكتوبر 1981    أطعمة طبيعية تساعد على خفض الكوليسترول في 3 أشهر    حيلة لتنظيف الفوط والحفاظ على رائحتها دائمًا منعشة    لو عايز تركز أكتر.. 5 أطعمة هتساعدك بدل القهوة    جوتيريش يدعو للعودة إلى النظام الدستورى وسيادة القانون فى مدغشقر    روسيا توسع أسواق نفطها وتستهدف إنتاج 510 ملايين طن    أوقاف الفيوم تعقد فعاليات البرنامج التثقيفي للطفل لغرس القيم الإيمانية والوطنية.. صور    الصحف المصرية: إسرائيل تماطل فى فتح معبر رفح    حمزة نمرة ل معكم: وفاة والدتى وأنا طفل أورثتنى القلق وجعلتنى أعبّر بالفن بدل الكلام    هشام عنانى: حزب المستقلين الجدد يخوض انتخابات النواب على مقاعد فردية    فلسطين.. قوات الاحتلال تطلق قنابل الغاز خلال اقتحام بلدة بيت ريما قضاء رام الله    أسماء المترشحين بنظام الفردي عن دوائر بمحافظة الغربية لانتخابات النواب    حبس متهم بقتل شقيقه فى قنا    رفضت إصلاح التلفيات وقبول العوض.. القصة الكاملة لحادث تصادم سيارة هالة صدقي    نجم الأهلي السابق يطلب من الجماهير دعم بيراميدز في السوبر الإفريقي    يونس المنقاري: بيراميدز فريق جيد.. سعيد ب أداء الشيبي والكرتي.. ومواجهة السوبر الإفريقي صعبة    أسعار الخضار والفاكهة في أسواق أسوان اليوم الجمعة    بحضور رئيس مجلس الوزراء.. وزير الشؤون النيابية يشهد ختام أسبوع القاهرة الثامن للمياه    حماس: إعادة جثث الرهائن من غزة قد يستغرق وقتًا بسبب دفنها في أنفاق    الحفني يشهد توقيع بروتوكول تعاون بين سلطة الطيران المدني وإدارة الحوادث    4 أبراج «مبيخافوش من المواجهة».. صرحاء يفضلون التعامل مع المشكلات ويقدّرون الشفافية    تركي آل الشيخ: «بدأنا الحلم في 2016.. واليوم نحصد ثمار رؤية 2030»    فضل يوم الجمعة وأعماله المستحبة للمسلمين وعظمة هذا اليوم    فضل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة ووقتها المستحب    أدعية يوم الجمعة المستحبة للمتوفى والمهموم والأبناء    الداخلية تكشف ملابسات واقعة فيديو «التوك توك» بملابس خادشة للحياء    السيطرة على حريق سيارة ملاكي بميدان الرماية في الهرم    السيطرة على حريق داخل مخزن لقطع غيار السيارات بميت حلفا    تفاصيل لا يعرفها كثيرون.. علاقة فرشاة الأسنان بنزلات البرد    مصطفى شلبي يتنازل عن 50%؜ من مستحقاته لنادي الزمالك    استبعاد هيثم الحريري من انتخابات البرلمان بالإسكندرية وتحرك عاجل من المرشح    الرعاية الصحية: المواطن يدفع 480 جنيه ونتحمل تكلفة عملياته حتى لو مليون جنيه    هل يجوز المزاح بلفظ «أنت طالق» مع الزوجة؟.. أمين الفتوى يجيب    بالأسماء والأسباب .. تعرف علي قائمة المستبعدين من خوض انتخابات النواب بالقليوبية    هل الصلوات الخمس تحفظ الإنسان من الحسد؟.. أمين الفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أمريكا تضغط بقوة على السودان للانحياز ضد مصر في ملف سد النهضة
نشر في صدى البلد يوم 18 - 04 - 2018

انتابتني دهشة كبيرة وأنا أتابع تحرك أمريكا المفاجئ، في إبريل الحالي ، من أجل تدشين المرحلة الثانية للحوار الأمريكي السوداني بعد أن أثمرت المرحلة الأولى للحوار عن رفع العقوبات الاقتصادية الأمريكية المفروضة على السودان منذ أكثر من 20 عاما .
و يرجع سبب دهشتي إلى سببين رئيسيين، أولهما : إختيار أمريكا لهذا التوقيت بالذات للإعلان عن بدء التحرك لإطلاق المرحلة الثانية من الحوار مع السودان ، و السبب الثاني هو ربط أمريكا بين إنطلاق المرحلة الثانية ، و موقف السودان من ملف سد النهضة الإثيوبي ، خاصة بعد النتائج الإيجابية لزيارة الرئيس عمر البشير لمصر ، في مارس الماضي .
فإذا تحدثنا عن الشق الأول، و هو توقيت التحرك الأمريكي ، سيظهر لنا بوضوح أن هذا التحرك تزامن في نفس يوم إنطلاق جولة المفاوضات حول سد النهضة التي جرت في الخرطوم ، عاصمة السودان، يوم 5 إبريل ، من الشهر الحالي بحضور وزراء خارجية مصر ، و السودان ، و إثيوبيا إلى جانب رؤساء أجهزة الإستخبارات، و وزراء الري في الدول الثلاث .
و بتحليل سريع لتزامن التحرك الأمريكي تجاه السودان وبدء الجولة الجديدة لمفاوضات سد النهضة، لن نجد إلا هدفا واحدا من وراء هذا التحرك، و هو أن واشنطن تعمل بقوة على التأثير على الموقف السوداني، لكي يميل من جديد لصالح الجانب الإثيوبي، بعد أن إتجه الموقف السوداني لصالح مصر ، كنتيجة مباشرة للزيارة التاريخية التي قام بها الرئيس السوداني ، عمر حسن البشير، لمصر في 20 مارس الماضي ، بعد فترة فتور في العلاقات المصرية السودانية ، بزعم تدعيم مصر للحركات المتمردة في إقليم دارفور السوداني .
و كشفت صحيفة "الإنتباهة" السودانية ، عن أن وزير الخارجية السوداني ، إبراهيم غندور ، تلقى إتصالا من وزير الخارجية الأمريكي بالإنابة ، جون سوليفان ، بخصوص الإعداد للمرحلة الثانية من الحوار الأمريكي السوداني ، مشيرة إلى أن الإتصال أولى إهتماما كبيرا بملف سد النهضة الإثيوبي .
و كانت المفاوضات الثلاثية بين مصر ، و السودان ، و إثيوبيا قد توقفت لمدة أربعة أشهر، بسبب تحفظات كلا من إثيوبيا د السودان على التقرير المبدئي للمكتب الإستشاري الفرنسي المكلف بتقييم الأضرار الإقتصادية ، و الهيدروليجية ، و البيئية ، لسد النهضة على دولتي المصب ، مصر و السودان، لا سيما الضرر المحتمل على حصة مصر التاريخية من مياه النيل ، و البالغ قدرها 5ر55 مليار متر مكعب .
و لو بادرنا بدراسة ما كشفت عنه صحيفة الإنتباهة السودانية ، سنجد أن إهتمام أمريكا بتناول مشكلة سد النهضة مع السودان ، يعكس سياسة أمريكا الرامية للتأثير على حصة مصر من مياه النيل ، و هي سياسة قديمة هددت بها أمريكا الرئيس الراحل ، جمال عبد الناصر، إنتقاما من قراره ببناء السد العالي بالتعاون مع الإتحاد السوفيتي، العدو اللدود للولايات المتحدة في ذلك الوقت .
كما أن نفس التهديد ببناء السد جاء بإيعاز من إسرائيل في 1979 ، غير أن الرئيس الراحل أنور السادات، هدد بضرب السد الإثيوبي ما دفع إثيوبيا عن التراجع عن بنائه . و لم تتمكن إثيوبيا من بناء السد إلا في فترة حكم الرئيس الإخواني ، محمد مرسي ، فقامت في 2013 ، بتحويل نهر النيل للمرة الأولى عن مجراه التاريخي لبناء جسم السد الذي يمكن أن ينزل الضرر بحصة مصر المائية ، على الأقل، خلال مرحلة ملء خزان السد البالغ سعته 74 مليار متر مكعب و خلال ضعف الفيضان .
و إذا كان المخطط الصهيوني الأمريكي ، الخاص بدول الشرق الأوسط ، يدرك أنه من المستحيل تفتيت مصر إلى دويلات، كما حدث في العراق ، و سوريا ، والسودان، نظرا لقوة الجيش المصري ووطنية المصريين ، إلا أنه يدرك أيضا أن إضعاف القدرات الإقتصادية لمصر يعد السلاح البديل لتنفيذ مخطط " الفوضى الخلاقة" التي تستهدف زعزعزة إستقرار الدول العاصية على التقسيم و التفتيت .
و يكفي هنا للكشف عن أهمية الإغراءات، التي تقدمها الولايات المتحدة للسودان و للرئيس عمر البشير شخصيا، في إطار المرحلة الثانية للحوار الأمريكي السوداني ، لكي ندرك مدى قوة الضعوط الأمريكية للتأثير على موقف السودان حيال مفاوضات سد النهضة الإثيوبي . و تجدر الإشارة ، إلى أن المرحلة الأولى من الحوار ، أسفرت في أكتوبر 2017 ، عن قرار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب ، عن رفع العقوبات الإقتصادية التي فرضتها أمريكا على السودان منذ 1997 ، بسبب دعمها للإرهاب ، ما سبب خسائر للإقتصاد السوداني قدرتها الحكومات السودانية المتعاقبة بنحو 500 مليار دولار .
و تقدم أمريكا في المرحلة الثانية للحوار مع السودان إغراءات أكثر جاذبية من إغراءات المرحلة الأولى ، فهي تتعلق برفع إسم السودان من على قائمة الدول الراعية للإرهاب، و هو الإتهام الذي وجه للسودان منذ أن فتح السودان أراضيه في التسعينات من القرن الماضي لإيواء ،أسامة بن لادن ، زعيم تنظيم القاعدة ، خلال سيطرة الإخوان المسلمين ، بزعامة حسن الترابي، على سياسة السودان داخليا و خارجيا .و يعني رفع إسم السودان عن الدول الراعية للإرهاب إسقاط الإتهام الذي وجهته المحكمة الجنائية الدولية للرئيس عمر البشير ، بإرتكاب جرائم ضد الإنسانية ، و الإبادة الجماعية ، لأبناء إقليم دارفور، الواقع غرب السودان، و الذي تقدر مساحته بما يقرب من 400 ألف كيلو متر مربع( أقل قليلا من نصف مساحة مصر ) و يمتلك ثروات من البترول ، و الذهب ، و اليورانيوم، فضلا عن الثروة الزراعية، و الحيوانية الكبيرة .
المعروف أن مخطط تقسيم السودان، لا يكتفي بتقسيمه إلى دولتين ، كما حدث في 2011 ، بإنفصال جنوب السودان عن السودان ( جنوب السودان مساحته 500 ألف كيلو متر تقريبا ) و لكنه يشمل أيضا ، فصل إقليم دارفور، في إطار مخطط تقسيم الدول العربية إلى دويلات على أسس دينية ، و عرقية، و قبائلية .
و كانت المحكمة الجنائية الدولية ، أصدرت مذكرتي إعتقال بحق البشير في عامي 2009 و 2010 ، و يعني ذلك ، إجبار أي دولة يزورها البشير، على المبادرة بإعتقاله فور وصوله لأراضيها و تسليمه للمحكمة الجنائية الدولية ، و إلا تعرضت لعقوبات دولية . يذكر أن مصر كانت أول دولة يزورها البشير بعد صدور مذكرة التوقيف الدولية بحقه في 2009 ، لكن أحدا لم يستطع إجبار مصر على تسليم البشير ، لعدم إنضمام مصر إلى عضوية المحكمة الجنائية الدولية .
و لكن هل ستقف الإغراءات الأمريكية في إطار المرحلة الثانية من الحوار الأمريكي السوداني عند رفع إسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب؟ ... بالقطع لا ، فهي تشمل أيضا العمل على إسقاط ديون السودان الخارجية التي تقترب من 50 مليار دولار ، فضلا عن وعود بتدفق الإستثمارات الأمريكية و الأوروبية على السودان ، الذي يعاني من مشاكل إقتصادية خانقة أدت مؤخرا إلى تراجع سعر الجنيه السوداني ليصل إلى 30 جنيه في مارس 2018 مقابل 18 جنيها فقط في يناير 2018 .
و لكن هل يخضع السودان للتهديد و الترغيب من جانب أمريكا فقط ، أم أن لإثيوبيا ، جار السودان المباشر، دور في دفع السودان للإنحياز للجانب الإثيوبي في قضية سد النهضة ؟ الإجابة هي أن إثيوبيا تمكنت من إقناع السودان بأن من مصلحته دعم موقفها من سد النهضة نظرا لإحتياج السودان للكهرباء ، لكن هذا يحتاج لمقال آخر ، خاصة و أن إسرائيل هي التي تقف وراء هذا الملف .
و لا يمكن مع ذلك ، أن أختم هذا المقال، من دون الإشارة إلى أنه لولا سيطرة الإخواني ، حسن الترابي، على تسيير شئون السودان، ما طالب أبناء جنوب السودان بالإنفصال عن السودان . فقد أصر الترابي على تطبيق الشريعة الإسلامية على الجنوب المسيحي ما أدى لإنفصال الجنوب في إستفتاء شعبي جرى في 2011 . و بالمثل لولا شعور إثيوبيا بضعف مصر و جيشها عقب ثورة 25 يناير 2011 و سقوط مصر في براثن حكم الإخوان المسلمين ، ما تجرأت إثيوبيا على بناء سد النهضة الذي ورثه الرئيس عبد الفتاح السيسي .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.