أخذ خبراء في مجال الطب الشرعي عينات من رفات الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في الضفة الغربية اليوم الثلاثاء لمحاولة تحديد ما إذا كان قد قُتل بأيدي عملاء إسرائيليين باستخدام البولونيوم وهو مادة سامة مشعة يصعب اكتشافها. وقبل ثمانية أعوام شاهد الفلسطينيون بطلهم وزعيمهم على مدى سنوات طويلة وهو يوارى الثرى لكن نظريات المؤامرة المحيطة بوفاته لم تتوقف منذ ذلك الحين. والكثير من الفلسطينيين مقتنع بأن زعيمهم كان ضحية لعملية اغتيال خسيسة وقد يظلون على اقتناعهم أيا كانت نتيجة تحليل الرفات لكن البعض في مدينة رام الله حيث يوجد قبر عرفات أعربوا عن أسفهم لاستخراج جثمانه اليوم . وقال عامل بناء يدعى أحمد يوسف (31 عاما) "هذا خطأ فجأة وبعد كل هذا الوقت يريدون اليوم اكتشاف الحقيقة؟..كان يجب ان يفعلوا ذلك قبل ثمانية أعوام." وكشف رفات عرفات في قبره وأخذت منه العينات دون رفع الرفات من الارض ونتيجة لذلك فقد ألغيت مراسم إعادة الدفن العسكرية التي كانت مقررة تكريما له. وأعيد اغلاق المقبرة خلال ساعات ووضع زعماء فلسطينيون بينهم رئيس الوزراء سلام فياض عليها اكاليل الزهور. وقال وزير الصحة هاني عابدين في مؤتمر صحفي إن حالة الرفات على الشكل المتوقع لشخص دفن منذ ثمانية أعوام وليس هناك اي شيء غير عادي. وبدأ محققون فرنسيون تحقيقا في أغسطس بشأن موت عرفات في باريس عام 2004 بعد أن قال معهد سويسري إنه اكتشف مستويات كبيرة من البولونيوم المشع على ملابسه التي قدمتها أرملته سها من أجل فيلم وثائقي تلفزيوني. وقال توفيق الطيراوي رئيس لجنة التحقيق الفلسطينية في وفاة عرفات ان الامور المتعلقة بأخذ العينات من الرفات سارت حسبما هو مقرر وأضاف ان فريقا طبيا فلسطينيا استخرج العينات واعطاها لخبراء سويسريين وفرنسيين وروس. وقال "اللجنة تسعى للحصول على دليل اغتيال ياسر عرفات حتى تستطيع محاكمة قتلته..نملك أدلة وقرائن وتصريحات القادة الإسرائيليين بضرورة التخلص منه ولكن نحتاج دليلا على ذلك حتى نذهب لمحكمة الجنايات الدولية." وقال الطبيب الأردني عبد الله البشير رئيس اللجنة الطبية الفلسطينية انه تم أخذ نحو 20 عينة وان التحاليل ستستغرق ثلاثة أشهر على الاقل. وقال دارسي كريستين المتحدث باسم مستشفى لوزان الجامعي في سويسرا الذي اجرى الاختبارات الاولية على ملابس عرفات "من أجل القيام بهذه التحاليل وللتأكد والتثبت والتحقق، فان الأمر سيستغرق عدة أشهر ولا أعتقد أنه سيكون لدينا أي شيء ملموس قبل مارس أو ابريل من العام القادم." وكان عرفات دائما مناضلا من اجل الحرية للفلسطينين لكنه كان في نظر الإسرائيليين ارهابيا في باديء الامر ثم شريكا للسلام بعد ذلك. وقاد عرفات المساعي الرامية لاقامة دولة فلسطينية عبر سنوات من الحرب والسلام ثم توفي في مستشفى بفرنسا عن عمر يناهز 75 عاما بعد مرض غامض دام فترة قصيرة. ولم يتم تشريح الجثة في ذلك الوقت نزولا على طلب من أرملته وقال أطباء فرنسيون عالجوه إنهم لم يتمكنوا من تحديد سبب وفاته. لكن ظهرت على الفور مزاعم بتعرض عرفات لمؤامرة ويشير الكثير من الفلسطينيين بأصابع الاتهام إلى إسرائيل التي حاصرت عرفات في مقره في رام الله بالضفة الغربية خلال آخر عامين ونصف العام من حياته بعد اندلاع انتفاضة فلسطينية. ونفت إسرائيل أن تكون قد قتلته ودعت القيادة الفلسطينية لإعلان كل سجلاته الطبية التي لم تعلن قط بعد وفاته. واتضح أن البولونيوم الذي تناوله عرفات فيما يبدو مع الطعام سبب مقتل الجاسوس الروسي السابق الكسندر ليتفيننكو في لندن عام 2006 لكن بعض الخبراء يتساءلون عن إمكانية أن يكون هذا هو سبب موت عرفات مشيرين إلى تعافيه لفترة قصيرة أثناء مرضه وهم يقولون إنه لا يتوافق مع التسمم بمواد مشعة كما يقولون إنه لم يفقد شعره. وتعتبر ثماني سنوات هي الحد الأقصى لاكتشاف أي آثار للبولونيوم سريع التحلل وتساءل مستشفى لوزان في أغسطس عما إذا كان السعي لأخذ عينات سيكون له جدوى في حالة تأجيل استخراج رفات عرفات إلى "أكتوبر أو نوفمبر". ولم يوافق كل أفراد أسرة عرفات على استخراج الرفات وشاهدت سها أرملة عرفات عملية كشف رفات زوجها الراحل عبر شاشات التلفزيون من منزلها في مالطا. وقالت سها وهي تذرف الدمع لموقع تايمز اوف مالطا "هذا الامر سيؤدي إلى إغلاق التكهنات سنعرف حقيقة وفاته انا مدينة بهذه الاجابة للشعب الفلسطيني وللجيل الجديد ولابنته."