قال مرصد الأزهر، إن نيجيريا شهدت سلسلة من الهجمات العنيفة خلال الأسابيع الماضية، استهدفت أبرياء ذهبوا للصلاة فما بين مصلّين في مسجد وقائمين في كنيسة ولم يفرّق إرهاب بوكو حرام ووحشيتها بين مسلم ومسيحي ولا بين مدني وعسكري ولا بين كبير وصغير، فالجميع طالته يد الغدر والإرهاب، والكل بات خائفًا حتى في أوقات وأماكن يفترض أنّ الإنسان يلجأ إليها لتطمئن نفسه وتهدأ روحه. وأضاف مرصد الأزهر، أن دور العبادة باتت هدفًا رئيسيًا من أهداف جماعات العنف والإرهاب وعلى رأسها جماعة بوكو حرام التي صارت تتصدّر مشهد الوحشية والإجرام بعدما أفل نجم داعش وظنّ العالم أنّ الشر قد انتهى والدّماء قد تتوقّف. وأشار المرصد إلى الهجوم الانتحاري الوحشي الذي نفّذه أحد عناصر بوكو حرام في أحد مساجد مدينة جامبورو بولاية برنو شمال شرق نيجيريا، ما أسفر عن سقوط عشرات الضّحايا ممن خرجوا لأداء الصلاة غير متوقعين أن يندسّ ذلك الإرهابي بينهم ويفجّر نفسه دونما تفكير ولا إنسانية، ووفقًا لأحد الناجين من الهجوم فقد لقي نحو 14 شخصًا على الأقل مصرعهم إثر الهجوم. وتابع: أن أحد الشهود ويدعى علي مصطفى وهو موظف بإحدى المنظمات الإغاثية، أفاد بأنّ انتحاريًا فجّر نفسه قبل صلاة الفجر بدقائق. فيما نقلت وكالات الأنباء عن مصطفي قوله: "كنت في طريقي لأداء صلاة الفجر فسمعت دوي انفجار داخل المسجد"، مضيفًا أنّ المسجد قد تهدّم عن آخره من شدّة الانفجار، وأنّ موظفي الإسعاف والإغاثة تمكنوا من إخراج 14 جثة من تحت الأنقاض يرجّح أنّ من بينها جثة الانتحاري منفّذ العملية. واستطرد: يأتي هذا فيما أعلنت مصادر أمنية في شمال شرق نيجيريا، عن فقدان 31 حطابًا في نفس المدينة التي شهدت الهجوم الانتحاري الذي استهدف أحد مساجدها وراح ضحيته 14 مصليًا، مشيرة إلى أن أصابع الاتهام تتجه إلى جماعة «بوكو حرام» باختطاف هؤلاء الحطّابين. وأكمل: وأوضحت المصادر لوكالة «فرانس برس» أن الحطّابين وغالبيتهم في العشرينيات من العمر غادروا مدينتهم الواقعة في ولاية برنو على الحدود مع الكاميرون، متجهين إلى غابة ينتشر فيها مقاتلو الجماعة الإرهابية وانقضى النهار من دون أن يعودوا إلى منازلهم. وقال عمر كاشالا وهو قيادي في مليشيا للدفاع الذاتي تساند الجيش في قتاله ضد بوكو حرام إنّ «الحطابين وعددهم 31 شخصًا فقدوا جميعًا، إلا انّنا نرجّح أنّهم اُختطفوا على أيدي عناصر بوكو حرام»، وأضاف «الكل يعرف أن قرية وولغو التي اتجه إليها الحطّابون المفتقدون هي معقل ل«بوكو حرام» ولكن لم يكن لديهم أي خيار آخر»، مشيرًا إلى أن قطع الأخشاب يعتبر من مصادر الدخل النادرة في هذه المنطقة النائية الغارقة في الإرهاب منذ تسع سنوات حيث ظهور هذه الجماعة الإرهابية. وأردف: وقال شيخ مادا وهو قيادي آخر في الميليشيا المحلية إن إرهابيي بوكو حرام قتلوا في الغابة نفسها في نهاية ديسمبر الماضي عشرة حطابين من نفس المدينة، وأضاف «هذه المرة نعتقد أن بوكو حرام اختطفت الحطّابين لتجنيدهم في صفوفها وذلك بالنظر إلى أعمارهم الشابة، خاصةً مع انعدام أي أثر لهم أو لجثثهم». وألمح إلى أن هذه الجرائم الوحشية لجماعة بوكو حرام تتزامن مع ظهور إعلامي جديد لزعيمها أبو بكر شيكاو الذي أطلّ علينا من خلال مقطع مصوّر بلغت مدته إحدى وثلاثين دقيقة؛ حيث ظهر "شيكاو" معلنًا مسؤولية جماعته عن سلسلة الهجمات الإرهابية التي وقعت بشمال شرق نيجيريا خلال موسم أعياد الميلاد. وخلال المقطع تحدّث شيكاو بلغة الهاوسا قائلًا: «نحن بخير ولم يلحق بنا سوء». وزعم شيكاو أنّ قوات الجيش والشرطة النيجيرية لا يمكنهم فعل أي شيء ضده ومقاتلي بوكو حرام وأنّه في مأمن لم يلحقه أذى. كما أعلن شيكاو تبنيه مسؤولية الاعتداءات في مايدوجوري وجامبورو ودامباو في شمال شرق نيجيريا، وأكد: «نفذنا كل هذه الهجمات»، فيما أظهر الفيديو لقطات لاعتداء في ليلة الميلاد. هذا ويرى مرصد الأزهر أنّ تنامي جرائم بوكو حرام يدلّ دلالة قاطعة على أنّ داعمي الإرهاب وتجّار الدّماء لجأوا لدعم هذه الجماعة بعدما خاب أملهم في أن يستمر تنظيم داعش تهديدًا للعالم، فانهزم شر هزيمة، مما أصاب مخططاتهم بالإحباط، وأنّ ظهور شيكاو في هذا التوقيت يمثّل دفعةً معنوية لمقاتلي الجماعة والمنضمّين إليها حديثًا من العائدين من معسكرات داعش في سوريا والعراق بأنّ زعيم هذه الجماعة قادر على الظهور والتحدّي السّافر لأجهزة الأمن النيجيري وقوات تحالف غرب إفريقيا لمكافحة بوكو حرام. وشدد المرصد على أنّ تنوّع أساليب الهجمات بين دور العبادة (الإسلامية والمسيحية) تارةً ونقاط ارتكاز الجيش والشرطة والأهداف المدنية والمنشآت الحيوية كالأسواق وغيرها تارةً أخرى يثبت أنّ هذه الجماعة ومن على شاكلتها إنّما هي جماعات هدفها نشر الفوضى وتكدير سلام العالم، فلا هي تقاتل على عقيدة ولا تدعو إلى فكر وإنّما عقيدتها التخريب وفكرها الإرهاب والترويع، مما يجعلها أبعد ما تكون عن الأديان والإنسانية جمعاء.