ميناء دمياط يستقبل 10 سفن محملة ب48400 طن قمح وسلع أساسية    رئيس جهاز القاهرة الجديدة: حل مشكلة الصرف الصحي بحي الأندلس    مصر ترحب بقرار دول النرويج وأيرلندا وإسبانيا الاعتراف رسمياً بدولة فلسطين    للخضوع لجراحة الرباط الصليبي.. الزمالك ينهي إجراءات سفر أحمد حمدي إلى ألمانيا    مودريتش يوجه رسالة إلى كروس بعد قرار اعتزاله كرة القدم    المشدد 7 سنوات لسائق لإتهامه بقتل شخص طعنا بشبرا الخيمة    إيرادات فيلم السرب تقترب من 32 مليون جنيه.. و3 ملايين تفصل شقو عن تحقيق أرقام الحريفة    الصحة تفتتح فعاليات ورشة عمل "تأثير تغير المناخ على الأمراض المعدية"    جوميز: كنت قريبا من تدريب الأهلي.. وهذا شرط منافستنا على الدوري    جوارديولا: أود مشاركة جائزة أفضل مدرب بالدوري الإنجليزي مع أرتيتا وكلوب    موعد مباراة ريال مدريد ضد بوروسيا دورتموند في نهائي دوري أبطال أوروبا.. والقنوات الناقلة    وزير التعليم: شهادة البكالوريا الدولية IB تحظى بثقة كبيرة في مصر    فيديو.. أول ظهور لمصمم الأزياء إسلام سعد بعد إخلاء سبيله ويقدم عروضا على فساتين الزفاف    رسامة قمص بكنيسة الأنبا شنودة بقرية بهجورة في قنا    «مواني البحر الأحمر»: تصدير 27 ألف طن فوسفات من ميناء سفاجا ووصول 742 سيارة لميناء بورتوفيق    مصادر: توافر الأدوية الناقصة في السوق بزيادة 25% من أسعارها يونيو المقبل    رئيس حزب الجيل: فخور بموقف مصر الحاسم تجاه العدوان الإسرائيلي على غزة    الأزهر يطلق صفحة مستقلة بفيس بوك لوحدة بيان لمواجهة الإلحاد والفكر اللادينى    الأكبر سنا والمربع السكني.. قرارات هامة من «التعليم» قبل التقديم للصف الأول الابتدائي 2024    رئيس جهاز القاهرة الجديدة يبحث مطالب ومقترحات سكان حي الأندلس    تراجع جديد.. سعر الريال السعودي اليوم الأربعاء 22-5-2024 مقابل الجنيه المصري بمنتصف التعاملات    وزير العمل: لدينا عمالة ماهرة جاهزة لتصديرها للسوق الخارجية    «إي فاينانس» تعلن الاستحواذ على حصة من أسهم «الأهلي ممكن» و«إيزي كاش» للمدفوعات الرقمية    بإجمالي 37.3 مليار جنيه.. هيئة قناة السويس تكشف ل«خطة النواب» تفاصيل موازنتها الجديدة    خلال 24 ساعة.. تحرير 480 مخالفات لغير الملتزمين بارتداء الخوذة    عاجل.. رفض طعن سفاح الإسماعيلية وتأييد إعدامه    للمرة الأولى منذ "طوفان الأقصى".. بن جفير يقتحم المسجد الأقصى    ختام فعاليات ملتقى «التمكين بالفن» بالمتحف القومي للحضارة.. اليوم    لمواليد برج القوس.. اعرف حظك في الأسبوع الأخير من شهر مايو 2024    بروتوكول تعاون بين نقابة السينمائيين واتحاد الفنانين العرب و"الغردقة لسينما الشباب"    فدوى مواهب تخرج عن صمتها وترد على حملات المهاجمين    إقامة صلاة الجنازة على رئيسي وعبداللهيان في طهران    هيئة شئون الأسرى: قوات الاحتلال تعتقل 12 فلسطينيا بالضفة الغربية    لمدة يومين.. انطلاق قافلة طبية إلى منطقة أبوغليلة بمطروح    الصحة: برنامج تدريبي لأعضاء إدارات الحوكمة في مديريات الشئون الصحية ب6 محافظات    التكييف في الصيف.. كيف يمكن أن يكون وسيلة لإصابتك بأمراض الرئة والتنفس؟    قمة عربية فى ظروف استثنائية    طلاب جامعة الإسكندرية في أول ماراثون رياضي صيفي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 22-5-2024 في المنيا    تعديلات جديدة على قانون الفصل بسبب تعاطي المخدرات    دار الإفتاء توضح أفضل دعاء للحر.. اللَّهُمَّ أَجِرْنِى مِنْ حَرِّ جَهَنَّمَ    طلاب جامعة القاهرة يحصدون المركزين المتميز والأول فى مسابقة جسر اللغة الصينية    هكذا تظهر دنيا سمير غانم في فيلم "روكي الغلابة"    جامعة عين شمس تحصد 3 جوائز لأفضل رسائل ماجستير ودكتوراه    استطلاع رأى 82% من المواطنين:استكمال التعليم الجامعى للفتيات أهم من زواجهن    سيدة «المغربلين»    طلاب الشهادة الإعدادية في الإسكندرية يؤدون امتحان الهندسة والحاسب الآلي    دبلوماسي سابق: الإدارة الأمريكية تواطأت مع إسرائيل وتخطت قواعد العمل الدبلوماسي    عباس أبو الحسن بعد دهسه سيدتين: أترك مصيري للقضاء.. وضميري يحتم عليّ رعايتهما    قرار جديد من الاتحاد الإفريقي بشأن نهائي أبطال إفريقيا    رئيس نادي إنبي يكشف حقيقة انتقال محمد حمدي للأهلي    مأساة غزة.. استشهاد 10 فلسطينيين في قصف تجمع لنازحين وسط القطاع    شاهد.. حمادة هلال ل إسلام سعد: «بطلت البدل وبقيت حلاق»    هل تقبل الأضحية من شخص عليه ديون؟ أمين الفتوى يجيب    «نادٍ صعب».. جوميز يكشف ماذا قال له فيريرا بعد توليه تدريب الزمالك    الأرصاد: الموجة الحارة ستبدأ في الانكسار تدريجياً يوم الجمعة    وزيرة التخطيط تستعرض مستهدفات قطاع النقل والمواصلات بمجلس الشيوخ    هل ملامسة الكلب تنقض الوضوء؟ أمين الفتوى يحسم الجدل (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المفتي: التعامل بعملة "البيتكوين" لا يجوز شرعًا
نشر في صدى البلد يوم 01 - 01 - 2018

أكد الدكتور شوقي علام -مفتي الجمهورية- أنه لا يجوز شرعًا تداول عملة "البيتكوين" والتعامل من خلالها بالبيعِ والشراءِ والإجارةِ وغيرها، بل يُمنع من الاشتراكِ فيها؛ لعدمِ اعتبارِها كوسيطٍ مقبولٍ للتبادلِ من الجهاتِ المخُتصَّةِ، ولِمَا تشتمل عليه من الضررِ الناشئ عن الغررِ والجهالةِ والغشِّ في مَصْرِفها ومِعْيارها وقِيمتها، فضلًا عما تؤدي إليه ممارستُها من مخاطرَ عاليةٍ على الأفراد والدول.
وأوضح مفتي الجمهورية -في فتوى له- أن عملة "البتكوين" (Bitcoin) من العملات الافتراضية (Virtual Currency)، التي طُرِحت للتداول في الأسواق المالية في سنة 2009م، وهي عبارة عن وحداتٍ رقَمية مُشَفَّرة ليس لها وجودٌ فيزيائيٌّ في الواقع ويمكن مقارنتها بالعملات التقليدية كالدولار أو اليورو مثلًا.
وأضاف أن هذه الوحدات الافتراضية غيرُ مغطَّاةٍ بأصولٍ ملموسةٍ، ولا تحتاج في إصدارها إلى أي شروطٍ أو ضوابطَ، وليس لها اعتمادٌ ماليٌّ لدى أيِّ نظامٍ اقتصادي مركزي، ولا تخضعُ لسلطات الجهات الرقابية والهيئات المالية؛ لأنها تعتمدُ على التداول عبر الشبكة العنكبوتية الدولية (الإنترنت) بلا سيطرة ولا رقابة. ومن خلال هذا البيان لحقيقة عملة "البتكوين" (Bitcoin) يتَّضحُ أنها ليست العملةَ الوحيدةَ التي تجري في سوق صرف العملات، بل هذه السوق مجالٌ لاستخدام هذه العملة ونظائرها من عملات أخرى غيرها تندرج تحت اسم "العملات الإلكترونية".
وأشار إلى أن الصورة الغالبة في إصدار هذه العملة أنها تستخرج من خلال عملية يُطلق عليها "تعدين البتكوين" (Bitcoin Mining)، حيث تعتمد في مراحلها على الحواسب الإلكترونية ذات المعالجات السريعة عن طريق استخدام برامج معينة مرتبطة بالشبكة الدولية للمعلومات (الإنترنت)، وتُجرى من خلالها جملة من الخطوات الرياضية المتسلسلة والعمليات الحسابية المعقدة والموثقة؛ لمعالجة سلسلة طويلة من الأرقام والحروف وخَزْنها في مَحَافِظَ (تطبيقات) إلكترونية بعد رقْمنتها بأكواد خاص، وكلما قَوِيت المعالجةُ وعَظُمَت زادت حصةُ المستخدم منها وفق سقفٍ مُحَدَّدٍ للعدد المطروح للتداول منها.
وتتم عملياتُ تداول هذه العملة من محفظةٍ إلى أخرى دون وسيطٍ أو مراقبٍ من خلال التوقيع الإلكتروني عن طريق إرسال رسالة تحويل مُعَرَّف فيها الكود الخاص بهذه العملة وعنوان المُستلم، ثم تُرْسل إلى شبكة "البتكوين" حتى تكتملَ العمليةُ وتُحْفَظَ فيما يُعرف بسلسلة البلوكات (Block Chain)، من غير اشتراط للإدلاء عن أي بيانات أو معلومات تفصح عن هوية المتعامل الشخصية.
وهذه الوحدات الافتراضية غيرُ مغطَّاةٍ بأصولٍ ملموسةٍ، ولا تحتاج في إصدارها إلى أي شروطٍ أو ضوابطَ، وليس لها اعتمادٌ ماليٌّ لدى أيِّ نظامٍ اقتصادي مركزي، ولا تخضعُ لسلطات الجهات الرقابية والهيئات المالية؛ لأنها تعتمدُ على التداول عبر الشبكة العنكبوتية الدولية (الإنترنت) بلا سيطرة ولا رقابة.
وأكد مفتي الجمهورية أنه استعان بعدد من الخبراء وأهل الاختصاص وعلماء الاقتصاد في عدة اجتماعات من أجل التوصل إلى حقيقة هذه المسألة ومدى تأثيرها على الاقتصاد، لافتًا إلى أن أهم نتائج النقاش معهم تلخصت في هذه النقاط:
1. أن عملة البتكوين تحتاجُ إلى دراسةٍ عميقةٍ لتشعبها وفنياتها الدقيقة؛ كشأن صور العملات الإلكترونية المتاحة في سوق الصرف، إضافة إلى الحاجة الشديدة لضبط شروط هذه المعاملة والتكييف الصحيح لها.
2. أن من أهم سمات سوقِ صرفِ هذه العملات الإلكترونية التي تميزها عن غيرها من الأسواق المالية أنها أكثرُ هذه الأسواق مخاطرةً على الإطلاق؛ حيث ترتفع نسبةُ المخاطرة في المعاملات التي تجري فيها ارتفاعًا يصعب معه -إن لم يكن مستحيلًا- التنبؤ بأسعارها وقيمتها؛ حيث إنها متروكةٌ لعوامِلَ غيرِ منضبطةٍ ولا مستقِرَّة، كأذواق المستهلكين وأمزجتهم، مما يجعلها سريعةَ التقلُّب وشديدةَ الغموضِ ارتفاعًا وهبوطًا.
وأوضح، أن هذه التقلبات والتذبذبات غير المتوقَّعة في أسعار هذه العملات الإلكترونية تجعلُ هناك سمة لها هي قرينة السمة السابقة؛ فعلى الرغم من كون هذه السوق هي أكبرَ الأسواقِ المالية مخاطَرَةً، فهي أيضًا أعلاها في معدلات الربح، وهذه السمة هي التي يستعملها السماسرة ووكلاؤهم في جذْب المتعاملين والمستثمرين لاستخدام هذه العملات، مما يؤدي إلى إضعاف قدرة الدول على الحفاظ على عملتها المحلية والسيطرة على حركة تداول النقد واستقرارها وصلاحيتها في إحكام الرقابة، فضلًا عن التأثير سلبًا بشكل كبير على السياسة المالية بالدول وحجم الإيرادات الضريبية المتوقعة، مع فتح المجال أمام التهرُّب الضريبي.
وأوضح أن التعامل بهذه العملة بالبيع أو الشراء وحيازتها يحتاجُ إلى تشفير عالي الحماية، مع ضرورة عمل نسخ احتياطية منها من أجل صيانتها من عمليات القرصنة والهجمات الإلكترونية لفَكِّ التشفير، وحرزها من الضياع والتعرُّض لممارسات السرقة أو إتلافها من خلال إصابتها بالفيروسات الخطيرة، مما يجعلها غيرَ متاحةِ التداول بين عامَّة الناس بسهولة ويسر، كما هو الشأن في العملات المعتبرة التي يُشترط لها الرواج بين العامَّة والخاصَّة.
وأضاف أنه لا يُوصَى بها كاستثمار آمن؛ لكونها من نوع الاستثمار عالي المخاطر، حيث يتعامل فيها على أساس المضاربة التي تهدف لتحقيق أرباح غير عادية من خلال تداولها بيعًا أو شراءً، مما يجعل بيئتها تشهد تذبذبات قوية غير مبررة ارتفاعًا وانخفاضًا، فضلًا عن كون المواقع التي تمثل سجلات قيد أو دفاتر حسابات لحركة التعامل بهذه العملة بالبيع أو الشراء غير آمنة بَعْدُ؛ لتكرار سقوطها من قِبل عمليات الاختراق وهجمات القرصنة التي تستغل وجود نقاط ضعف عديدة في عمليات تداولها أو في محافظها الرقمية، مما تسبب في خسائر مالية كبيرة.
وأشار إلى أن مسئولية الخطأ يتحملها الشخص نفسه تجاه الآخرين، وربما تؤدي إلى خسارة رأس المال بالكامل، بل لا يمكن استرداد شيء من المبالغ المفقودة جرَّاء ذلك غالبًا، بخلاف الأعراف والتقاليد البنكية المتبعة في حماية المتعامل بوسائلِ الدفع الإلكتروني التي تجعل البنوك عند الخلاف مع المستثمر حريصةً على حل هذا النزاع بصورة تحافظ على سمعتها البنكية.
وأضاف أن لها أثرًا سلبيًّا كبيرًا على الحماية القانونية للمتعاملين بها من تجاوزِ السماسرة أو تعدِّيهم أو تقصيرهم في ممارسات الإفصاح عن تفاصيلِ تلك العمليات والقائمين بها، وتسهيل بيع الممنوعات وغسل الأموال عبر هؤلاء الوسطاء، فأغلب الشركات التي تمارس نشاط تداول العملات الإلكترونية تعملُ تحت غطاء أنشطة أخرى؛ لأن هذه المعاملةَ غيرُ مسموحٍ بها في كثير من الدول.
وأكد أنه بناءً على ما سبق فإنه لا يمكنُ اعتبارُ هذه العملة الافتراضية وسيطًا يصحُّ الاعتمادُ عليه في معاملات الناس وأمور معايشهم؛ لفقدانها الشروطَ المعتبرةَ في النقود والعملات؛ حيث أصابها الخللُ الذي يمنع اعتبارها سلعةً أو عملةً: كعدم رواجها رواجَ النقود، وعدمِ صلاحيتها للاعتماد عليها كجنس من أجناس الأثمان الغالبة التي تُتخَذُ في عملية "التقييس" بالمعنى الاقتصادي المعتبر في ضبط المعاملات والبيوع المختلفة والمدفوعات الآجلة من الديون، وتحديد قيم السلع وحساب القوة الشرائية بيسر وسهولة، وعدم إمكانية كَنْزها للثروة واختزانها للطوارئ المحتملة مع عدم طريان التغيير والتلف عليها؛ فضلًا عن تحقق الصورية فيها بافتراض قيمة اسمية لا وجود حقيقي لها مع اختلالها وكونها من أكثرِ الأسواق مخاطرة على الإطلاق.
كما يفترق هذا النوع من العملات عن وسائل الدفع الإلكترونية -ككارت الائتمان، وبطاقات الخصم المباشر- بعدم ارتباطه بحسابات بنكية دائنة أو مَدِينَة، وأنه يقوم على أساسٍ مُنْفَصلٍ عن النظام النقدي المعتمَد في أغلب دول العالم، وأنه تتحدَّد قيمتُه بناءً على حجم المضاربات وإقبال الناس على تداول هذه العملة والتعامل بها فيما بينهم كبديل للنقود العادية؛ التماسًا للاستفادة من مزاياها؛ حيث إنه لا يَغْرَم المتعامل بها أي رسوم أو مصروفات على عمليات التحويل، ولا يخضع لأي قيود أو رقابة، فضلًا عن صعوبة تجميدها أو مُصادرتها.
وأضاف أنه لم تتوافر في عملة البتكوين الشروطُ والضوابطُ اللازمةُ في اعتبار العملة وتداولها، وإن كانت مقصودةً للربح أو الاستعمال والتداول في بعض الأحيان، إلا أنها مجهولةٌ غير مرئيةٍ أو معلومةٍ مع اشتمالها على معاني الغش الخفيِّ والجهالة في معيارها ومَصْرِفها، مما يُفْضي إلى وقوع التلبيس والتغرير في حقيقتها بين المتعاملين؛ فأشبهت بذلك النقودَ المغشوشة ونفاية بيت المال، وبيع تراب الصاغة وتراب المعدن، وغير ذلك من المسائلِ التي قرَّر الفقهاءُ حرمةَ إصدارِها وتداولها والإبقاء عليها وكنزها؛ لعدم شيوع معرفتها قدرًا ومعيارًا ومَصْرفًا، ولما تشتمل عليه من الجهالة والغش، وذلك يدخلُ في عموم ما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: ((من غشَّنا فليس مِنَّا)).
هذا، بالإضافة إلى أن التعامُلَ بهذه العملة يترتَّبُ عليه أضرارٌ شديدةٌ ومخاطرُ عاليةٌ؛ لاشتماله على الغرر والضرر في أشد صورهما:
والغرر هو: (ما انطوت عنا عاقبته أو تردَّد بين أمرين أغلبهما أخوفهما)، كما عرَّفه العلامة البجيرمي الشافعي في "حاشيته على الإقناع" (3/ 4، ط: دار الفكر).
واتفق الاقتصاديون وخبراء المال على أن هذه العملة وعقودها حَوَتْ أكبر قدر من الغرر في العملات والعقود المالية الحديثة على الإطلاق، مع أن شيوعَ مثلِ هذا النمط من العملات والممارسات الناتجة عنها يُخِلُّ بمنظومة العمل التقليدية التي تعتمدُ على الوسائطِ المتعددة في نقل الأموال والتعامل فيها كالبنوك، وهو في ذات الوقت لا يُنشِئُ عملة أو منظومة أخرى بديلة منضبطة ومستقرة، ويُضيِّق فرص العمل.
وأوضح أن هذه العمليات تُشْبِه المقامرة؛ فهي تؤدي وبشكل مباشر إلى الخراب المالي على مستوى الأفراد والجماعات والمؤسسات من إفساد العملات المتداولة المقبولة، وهبوط أسعارها في السوق المحلية والدولية، وانخفاض القيمة الشرائية لهذه العملات بما يؤثر سلبًا على حركة الإنتاج والتشغيل والتصدير والاستيراد.
وأما اشتمال هذه العملة والممارسات الناتجة عنها على الضرر، فأوضح مفتي الجمهورية أنه يتمثل في جهالة أعيان المتعاملين بها بالإضافة إلى تعدي تأثير التعامل بها اقتصاديًّا حيز التأثير على مدخرات الأفراد المتعاملين بهذه العملة إلى اقتصاديات الدول؛ حيث تقف الدولُ عاجزةً أمام الأضرارِ التي تقعُ على عملاتها من جرَّاء هذه الخسائرِ، بل يؤدي النظام الذي يُنَظِّم ممارسات استخدام هذه العملة حاليًّا إلى اتخاذها وسيلةً سهلةً لضمان موارد مالية مستقرة وآمنة للجماعات الإرهابية والإجرامية، وتيسير تمويل الممارسات المحظورة وإتمام التجارات والصفقات الممنوعة: كبيع السلاح والمخدرات، واستغلال المنحرفين للإضرار بالمجتمعات؛ نظرًا لكونه نظامًا مغلقًا يصعبُ خضوعُه للإشراف وعمليات المراقبة التي تخضع لها سائر التحويلات الأخرى من خلال البنوك العادية في العملات المعتمدة لدى الدول، والقاعدة الشرعية تقول أنه "لا ضَرَرَ ولا ضِرَارَ".
وأشار إلى أن التعامُلَ بهذه العملة التي لا تعترف بها أغلب الدول، ولا تخضع لرقابة المؤسسات المصرفية بها والتي على رأسها البنوك المركزية المنوط بها تنظيم السياسة النقدية للدول وبيان ما يقبل التداول من النقود من عدمه -يجعل القائم به مفتئتًا على ولي الأمر الذي جَعلَ له الشرعُ الشريفُ جملةً من الاختصاصات والصلاحيات والتدابير ليستطيع أن يقومَ بما أُنيط به من المهام الخطيرة والمسئوليات الجسيمة. وجَعَل كذلك تطاولَ غيرِه إلى سَلْبِه شيئًا من هذه الاختصاصات والصلاحيات أو مزاحمته فيها من جملة المحظورات الشرعية التي يجبُ أن يُضرَب على يَد صاحبِها؛ حتى لا تشيعَ الفوضى، وكي يستقِرَّ النظامُ العامُّ، ويتحقَّقَ الأمنُ المجتمعيُّ المطلوب.
وشدد على أن ضرْب العملةِ وإصدارها حقٌّ خالصٌ لولي الأمر أو من يقوم مقامه من المؤسسات النقدية، بل إنها من أخَصِّ وظائفِ الدولة حتى تكون معلومةً المصْرفِ والمعيارِ؛ ومن ثَمَّ يحصُل اطمئنانُ الناس إلى صلاحيتها وسلامتها من التزييف والتلاعب والتزوير سواء بأوزانها أو بمعيارها.
وهذا الذي استوعبه الفقهاءُ من الشَّرع الشريف وطبَّقوه في فتاويهم وأحكامهم هو عينُ ما انتهى إليه التنظيمُ القانوني والاقتصادي للدول الحديثة؛ حيث عمدت القوانين إلى إعطاء سلطة إصدار النقد وبيان ما يقبل منه في التداول والتعامل بين مواطنيها ورعاياها تحت اختصاصات البنوك المركزية وتصرفاتها، وفق ضوابطَ مُحْكَمةٍ ومُشدَّدة من: طبْعها في مطابعَ حكوميةٍ، واستخدامِ ورق وحبر ورسومات مخصوصة، وفحصها لمعرفة التالف منها، ورقْمِها بأرقام مُسَلْسَلة.
وشدد على أن استعمال هذه العملة في التداول يمسُّ من سلطة الدولة في الحفاظ على حركة تداول النقد بين الناس وضبط كمية المعروض منه، وينقص من إجراءاتها الرقابية اللازمة على الأنشطة الاقتصادية الداخلية والخارجية، مع فتح أبواب خلفية تسمح بالممارسات المالية الممنوعة، وذلك كلُّه من الافتيات على ولي الأمر الممنوع والمحرم؛ لأنه تَعَدٍّ على حقه بمزاحمته فيما هو له، وتَعَدٍّ على إرادة الأمة التي أنابت حاكمَها عنها في تدبير شئونها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.