أكد السيد أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية أهمية الشراكة بين الحكومات والقطاع الخاص في الدول العربية، مشيرا إلى ضرورة استعداد العرب لمرحلة إعادة الإعمار في المدن التي دمرتها الحروب والصراعات في المنطقة سواء في سوريا أو ليبيا أو العراق والتي قدر البعض تكلفتها بحوالي تريليون دولار. جاء ذلك في كلمة أبو الغيط اليوم في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر السنوي السابع عشر للمنظمة العربية للتنمية الإدارية " الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص - أنماط جديدة للتنمية الاقتصادية"- وقال أحمد أبو الغيط إن الاقتصادات العربية تنطوي على إمكانيات هائلة وفرص لا محدودة للنجاح والتفوق.. غير أن الأمر يحتاج إلى تبني النموذج التنموي السليم الذي يلائم ظروف البلاد العربية ويلبي حاجاتها ولا يخاصم -في الوقت ذاته- المستجدات والتحديات التي يفرضها العصر. وأضاف أن بعض مناطق العالم العربي تشهد اليوم عددا من الصراعات الخطيرة التي أفضت إلى هلاك الإنسان وخراب العمران بصورة غير مسبوقة.. وكلنا نشاهد، في ألم وأسى، ما صارت إليه بعض من أزهى الحواضر العربية من تدمير وتخريب . وقال أعلم أن المدافع لم تصمت بعد، غير أن علينا الاستعداد لمرحلة إعادة الإعمار من اليوم.. وهناك من يُقدر كلفة إعادة إعمار هذه المدن بنحو تريليون دولار. وأضاف إن جهود إعادة الإعمار قد تكون فرصة مثالية لجهد عربي متكامل من أجل بناء ما خُرب وجبر ما انكسر .. وتجارب التاريخ شاهدة على أن مثل هذه العمليات الكبرى لإعادة إعمار المدن التي دمرتها الحروب كثيرًا ما حملت للمجتمعات والبلدان التي جرت فيها فرصًا للنمو الاقتصادي والتنمية. وقال إن عقد هذا المؤتمر للعام السابع عشر للمنظمة العربية للتنمية الإدارية هو دليل على الاستمرارية وعلامة الجدية والتراكم، وهو ما يُحسب لمنظمتكم ويستحق كل التقدير والإشادة. وَقّال إنه لا يخفى أن التحدي الاقتصادي-التنموي هو الأخطر والأكثر إلحاحًا من بين جملة التحديات الخطيرة التي تواجه بلادنا العربية.. فالتنميةُ هي الطريق الذهبي لتحقيق الأمن والاستقرار اللذين تنشدهما مجتمعاتنا وحكوماتنا العربية على حد سواء . وأضاف لقد أثبتت التجارب المختلفة، بما فيها بعض التجارب العربية الناجحة والمُبشرة، بأن تحقيق التنمية والازدهار الاقتصادي يزيد من مناعة المجتمعات ويحصنها في مواجهة تحديات الإرهاب والتطرف. وَقّال لقد أخذت الدول العربية بنماذج تنموية متباينة، وأحرزت نجاحات متفاوتة اعتمادًا على هذه النماذج ومنيت بإخفاقات لا مجال لإنكارها سواء على صعيد تحقيق تراكم ملموس في النمو الاقتصادي، أو في الوصول إلى درجةٍ معقولة من التنمية الإنسانية والمُستدامة . وأردف قائلا ولا مجال للتعميم هنا، فالدول العربية -كما نعرف جميعًا- متفاوتة من حيث الموارد والمستوى الاقتصادي، ومن ثمّ النموذج التنموي الذي تستلهمه وتطبقه. وقال إن المرحلة الحالية تقتضي، من وجهة نظري، إطلاق شراكة حقيقية ومثمرة بين الحكومات والقطاع الخاص.. فدور الدولة وحضورها في المجال الاقتصادي لا غنى عنه في المنطقة العربية، إذ أن كثيرًا من اقتصادات دول هذه المنطقة اعتمد تاريخيًا على دور قائد للدولة .. غير أن التحدي الحقيقي يكمن في كيفية رسم دور للدولة لا يؤدي لخنق القطاع الخاص ومزاحمته والقضاء على الحافز الذي يدفعه للنجاح والابتكار . وأضاف أن التحدي الثاني ، وربما الأهم، يتمثل في خلق علاقة ناجحة بين القطاعين، الحكومي والخاص، تؤدي إلى ازدهارهما معًا. وأشار إلى أن الكثير من دول العالم العربي يشهد اليوم عددًا من المبادرات الضخمة التي تقودها الحكومات من أجل فتح آفاق جديدة للاستثمار .. وتعتمد هذه المشروعات على حشد هائل لموارد وطنية واستثمارها في البنية الأساسية والمرافق وإنشاء كافة التسهيلات التي تهيء الاقتصادات لاستقبال الاستثمارات الضخمة . وقال إن هذه كلها مبادرات محمودة وتصب في الاتجاه الصحيح.. وينبغي أن تقترن بتغييرات جذرية في بيئة الاقتصادات العربية، بما في ذلك منظوماتها القانونية والمالية، لتصير أكثر جذبًا للاستثمارات المحلية والأجنبية. وأكد أن التوازن الدقيق بين دور الدولة في قيادة هذه الجهود التنموية، وبين إتاحتها المجال للمشروعات الخاصة للعمل في بيئة تنافسية يُمثل التحدي الأكبر أمام كثير من الدول العربية . من جهته أكد المهندس إبراهيم محلب مستشار رئيس الجمهورية للمشروعات القومية أهمية الشراكة بين الحكومات والقطاع الخاص للنهوض بالمشروعات الخدمية ومشروعات البنية الأساسية. وقال في كلمته أمام المؤتمر أن تلك الشراكة قد خطت خطوات ملموسة وناجحة في مشروعات التطوير العقاري والنقل وشبكات الطرق وتنامت في مشروعات الصحة والتعليم. ونبه إلى أن نجاح أو فشل الشراكة بين الحكومات والقطاع الخاص تعتمد على ترسيخ مفهوم الشراكة العادل ، وتحديد الأدوار وتعزيز القدرة على إدارة الإزمات التي تواجه المشروعات . من جهتها أكدت الدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط والمتابعة والأصلاح الإداري في كلمة وجهتها للمؤتمر والقاها نيابة عنها ممثلها صالح أحمد أن الشراكة بين الحكومات والقطاع الخاص تشكل قاعدة ارتكاز لتحقيق استراتيجية التنمية المستدامة رؤية مصر 2030 وبناء مؤسسات فعالة ، داعية إلى وضع تلك الشراكة في صدارة الاهتمامات من أجل زيادة الاستثمارات وتحقيق التنمية . وأشارت إلى تجربة مصر في تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص.