تبذل السعودية جهودا لخفض تخمة المعروض العالمي من النفط من خلال تقليص الشحنات المتجهة إلى الولاياتالمتحدة، وهو ما يعني أن منتجين آخرين ولاسيما العراق سيعوضون هذا النقص في توجه عام ربما يتسارع في الأشهر المقبلة. وعلى مدى فصل الصيف، الذي يكون عادة أنشط الفترات لشحنات الخام، ارتفعت واردات الولاياتالمتحدة من الخام العراقي نحو 41 بالمائة عن العام الماضي، بينما هبطت الشحنات من السعودية 22 بالمائة. وهذا التوجه مستمر، حيث أظهرت بيانات كليبر داتا أن الشحنات العراقية إلى أكبر مصفاة في الولاياتالمتحدة في أكتوبر تجاوزت مثيلتها السعودية للمرة الأولى فيما يزيد على 30 عاما. وتظهر البيانات أن الدور القيادي للمملكة في خفض المعروض العالمي من الخام كلفها أيضا حصة سوقية في أكبر بلد مستهلك للنفط في العالم مع تراجع نصيبها في الواردات الأمريكية إلى أدنى مستوياته منذ 1985. وزادت واردات الولاياتالمتحدة من العراق ونيجيريا، العضوين في منظمة أوبك، إضافة إلى كندا، وأصبحت المصافي الأمريكية أكثر اعتمادا على إنتاج البلاد المتزايد من النفط الصخري. وقالت ساندي فيلدن، مديرة بحوث السلع الأولية والطاقة لدى مورننج ستار: "كل برميل لا تنتجه السعودية تفقد أمامه حصة سوقية.. تلجأ شركات التكرير إلى بديل في هذا الموقف ومن الواضح أن العراقيين يستفيدون". وخفضت السعودية الشحنات إلى الولاياتالمتحدة بدءا من يونيو في إطار الجهود المستمرة لمنظمة أوبك لكبح الإمدادات. واتفقت أوبك ومنتجون آخرون، من بينهم روسيا، في أواخر 2016 على خفض الإنتاج نحو 1.8 مليون برميل يوميا. وسيجتمع ممثلو دول المنظمة في نهاية الشهر لبحث تمديد الخفض. وأظهرت بيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أنه في الفترة من يونيو إلى أغسطس هذا العام صدر العراق 600 ألف برميل يوميا في المتوسط إلى الولاياتالمتحدة مقارنة مع 426 ألف برميل يوميا قبل عام. وهبطت شحنات السعودية إلى 850 ألف برميل يوميا في المتوسط من 1.09 مليون برميل يوميا العام الماضي. وفي أوجها عام 1991 كانت المملكة تورد إلى الولاياتالمتحدة 29 بالمائة من وارداتها من الخام. وقال مات سميث، مدير بحوث السلع الأولية لدى كليبر داتا، إن الشحنات العراقية إلى مصفاة بورت آرثر التابعة لشركة موتيفا في تكساس ارتفعت نحو 35 بالمئاة في الأشهر الستة حتى أكتوبر. ولم ترد مصفاة تكساس، وهي أكبر مصفاة في الولاياتالمتحدة ومملوكة لأرامكو السعودية، على طلب للإدلاء بتعليق. وقال سميث: "بالنسبة لشهر أكتوبر، رأينا شحنات الخام العراقية تتجاوز الشحنات السعودية للمرة الأولى منذ 1985". والبيانات الرسمية الأمريكية المتعلقة بمستويات واردات المصافي المتوافرة حاليا تغطي فقط حتى أغسطس. ومن المنتظر أن تتسارع تلك التخفيضات في الشحنات المتجهة إلى الولاياتالمتحدة، حيث أبلغ وزير الطاقة السعودي خالد الفالح رويترز أن شحنات ديسمبر ستتراجع أكثر من عشرة بالمئة عن مستويات نوفمبر. وساهم خفض الإمدادات في رفع أسعار النفط، مع تجاوز خام برنت 64 دولارا للبرميل الأسبوع الماضي مسجلا أعلى مستوياته في عامين ونصف العام. وخفضت السعودية صادراتها إلى ساحل الولاياتالمتحدة على خليج المكسيك 16 بالمائة، بينما قلصت الشحنات إلى الساحل الغربي ثمانية بالمائة فقط عن الصيف الماضي، حيث تواجه المملكة منافسة من منتجين في أمريكا اللاتينية. وحتى إذا بقيت الواردات من السعودية عند متوسط الصيف البالغ 850 ألف برميل يوميا فإن هذا سيعادل 11 بالمائة فقط من إجمالي واردات الولاياتالمتحدة من النفط الخام بحسب بيانات إدارة معلومات الطاقة. وأظهرت بيانات الإدارة أيضا أن الإنتاج الأمريكي ارتفع 430 ألف برميل يوميا هذا العام حتى أغسطس. وقالت فيلدين إن تهديد النفط الصخري يعني أن أوبك ستواصل خفض الإنتاج، إلا أن أرقام الشحن تشير إلى خلاف بخصوص الإمدادات إلى الولاياتالمتحدة. وأضافت: "هذا المثال بين العراق والسعودية، على ما أعتقد، سيتحول إلى وضع مستمر".