الشرطة الأمريكية تعتقل 93 طالبا مؤيدا لفلسطين بجامعة كاليفورنيا    الرئيس الفلسطيني يدعو لوقف العدوان الإسرائيلي وإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة    أخبار الأهلي: ثلاثي الأهلي يضعون كولر في حيرة قبل لقاء مازيمبي    جلسة تحفيزية للاعبي «يد الزمالك» قبل مواجهة سكيكدة الجزائري    تطوير ملاحة «سبيكة» بالعريش ومجمع صناعى للإنتاج    النقل تكشف الأعمال الإنشائية للمرحلة الأولى من الخط الرابع للمترو (صور)    ملحمة مصرية «تحت الأرض»| تنفيذ 19 كيلومترًا بالمرحلة الأولى للخط الرابع للمترو    "فاو" تنظم مائدة مستديرة حول العمل المناخي في قطاعي الثروة الحيوانية والألبان بمصر    ضمن أعمال الموجة 22، إزالة التعديات على 6 أفدنة بواحة الخارجة في الوادي الجديد    أخبار السيارات| مواصفات وسعر أوبل كورسا الفيس ليفت بمصر.. أودي A3 الهاتشباك الجديدة تظهر بهذه الأسعار    تقسيط شقق رفح الجديدة على 30 عاماً تنفيذًا لتوجيهات الرئيس    «الريادة»: ذكرى تحرير سيناء ستظل راسخة في عقول ونفوس المصريين    جيش الاحتلال: 41 عسكري قُتلوا و630 أُصيبوا منذ بدء العملية البرية بغزة    تزامنا مع اقتحامات باحات الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون صلواتهم عند حائط البراق    إيراني: الرأي العام العالمي استيقظ    حزب الله يستهدف ثكنة زبدين في مزارع شبعا بالأسلحة الصاروخية    استجابة لشكاوى المواطنين.. حملة مكبرة لمنع الإشغالات وتحرير5 محاضر و18حالة إزالة بالبساتين    غادة شلبي: أعداد السائحين اقتربت من 15 مليون    أول قرار من جوميز بعد وصول الزمالك غانا استعدادا لدريمز    تشافي يكشف أسباب استمراره في القيادة الفنية لبرشلونة بعد قرار الرحيل    الدوري الإسباني، بيلينجهام خارج قائمة ريال مدريد أمام سوسيداد للإصابة    جاريدو عن أزمة مباراة نهضة بركان: قرار كاف ليس عادلا وهدفنا الفوز في الإياب    بمناسبة عيد تحرير سيناء.. الإفراج بالعفو عن 476 نزيلاً    عقب سيجارة أحرق الهيش.. حريق بجوار مسجد في بني سويف    ضبط 2200 مخالفة مرورية وتنفيذ 300 حكم قضائي خلال 24 ساعة    خطوات تحميل امتحانات دراسات الصف الثالث الإعدادي الترم الثاني pdf.. «التعليم» توضح    الإفراج عن 476 نزيلا بمناسبة عيد تحرير سيناء    كارول سماحة شاعرة وملحنة في ألبومها الجديد    قومي المرأة ينظم برنامج سينما الطفل بأسوان    «أرض الفيروز» بمستشفى57357    هبة مجدي تحيي ذكرى وفاة والدها بكلمات مؤثرة    بالفيديو.. خالد الجندي: كل حبة رمل في سيناء تحكي قصة شهيد    دعاء يوم الجمعة.. ساعة استجابة تنال فيها رضا الله    أعظم القربات في الحر الشديد.. الإفتاء تكشف عن صدقة ودعاء مستجاب    قلل الشاي والقهوة.. نصائح مهمة لتجنب ضربات الشمس والإجهاد الحراري    للنساء الحوامل.. 3 وصفات صحية لمقاومة الرغبة الشديدة في الأكل    تفاصيل الاجتماع المشترك بين "الصحفيين" و"المهن التمثيلية" ونواب بشأن أزمة تغطية جنازات المشاهير    مدرب الترجي: سنعمل على تعطيل القوة لدى صن داونز.. وهدفنا الوصول لنهائي إفريقيا    رئيس بيلاروس يحذر من كارثة نووية حال تواصل الضغوط الغربية على روسيا    تفاصيل اجتماع المجلس الأعلى للمستشفيات الجامعية برئاسة وزير التعليم العالي    دعاء الاستخارة بدون صلاة .. يجوز للمرأة الحائض في هذه الحالات    مصر تنافس على ذهبيتين وبرونزيتين في أول أيام بطولة أفريقيا للجودو    مصادرة 569 كيلو لحوم ودواجن وأسماك مدخنة مجهولة المصدر بالغربية    التحقيق مع المتهم بالتحرش بابنته جنسيا في حدائق أكتوبر    إصابة سيدة وأبنائها في حادث انقلاب سيارة ملاكي بالدقهلية    علماء يحذرون: الاحتباس الحراري السبب في انتشار مرضي الملاريا وحمى الضنك    خبيرة فلك: مواليد اليوم 25 إبريل رمز للصمود    الكرملين يعلق على توريد صواريخ "أتاكمز" إلى أوكرانيا    محافظ كفر الشيخ يتابع أعمال تطوير منظومة الإنارة العامة في الرياض وبلطيم    انعقاد النسخة الخامسة لمؤتمر المصريين بالخارج 4 أغسطس المقبل    محافظ شمال سيناء: كل المرافق في رفح الجديدة مجانًا وغير مضافة على تكلفة الوحدة السكنية    أبطال سيناء.. «صابحة الرفاعي» فدائية خدعت إسرائيل بقطعة قماش على صدر ابنها    مستقبل وطن: تحرير سيناء يوم مشهود في تاريخ الوطنية المصرية    «التعليم» تستعرض تجربة تطوير التعليم بالمؤتمر الإقليمي للإنتاج المعرفي    اليوم.. حفل افتتاح الدورة ال 10 لمهرجان الإسكندرية للفيلم القصير    فن التهنئة: استقبال شم النسيم 2024 بعبارات تمزج بين الفرح والتواصل    افتتاح وتشغيل 21 سرير عناية جديد بمستشفي الكرنك في الأقصر تزامنا ذكرى تحرير سيناء    الزكاة على أموال وثائق التأمين.. الإفتاء توضح أحكامها ومتى تجب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أمين «الإسلامي الأوروبي» يطالب بمحاكمة «الحوثي» وتجريم الإرهاب الإلكتروني وفتاوى الكراهية..ويؤكد ل«صدى البلد»:المتطرف العربي لا يبدأ من الصفر في تعلم الإسلام و450 مليون مسلم يعيشون خارج عالمنا كأقلية
نشر في صدى البلد يوم 30 - 10 - 2017

أمين عام المؤتمر الإسلامي الأوروبي ورئيس الفيدرالية العامة لمسلمي فرنسا:
المتطرف العربي لا يبدأ من الصفر في تعلم الإسلام
الإسلام موجود في البيت والمدرسة تلقائيًّا وأحيانًا في اللاوعي
إصرار الغرب على عدم إنصاف العرب يعيق مشاريع مواجهة الإرهاب
فتاوى الإنترنت «المُعلبة» تصدر آلاف الشباب إلى ساحات القتال
إيران تعمل على التبشير الشيعي من خلال «التصوف»
133 قناة «شيعية» تحاول خلق الفتن في عالمنا السُني
فتاوى الإنترنت تختطف الشباب من إسلامه وأوطانه
450 مليون مسلم يعيشون خارج العالم الإسلامي كأقلية دينية وبشرية
حُب الإعلام للإثارة وراء تصدر «الدخلاء» للفتوى
تصدى الشخصيات البارزة للفتوى يمنع غير المختصين من "الافتاء"
الفتاوى الموجودة الآن فردية وليست مجمعية
المتطرف العربي لا يبدأ من الصفر في تعلم الإسلام
يشغل الدكتور محمد البشاري، عدة مناصب، أهمها أنه أمين عام المؤتمر الإسلامي الأوروبي ورئيس الفيدرالية العامة لمسلمي فرنسا، وعميدًا لمعهد ابن سينا للعلوم الإنسانية بمدينة ليل بفرنسا، ومستشارًا لدى البرلمان الأوروبي للقضايا الإسلامية والعلاقات الأوروبية العربية، وعضو المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية بإيران، كما أنه أمين عام المؤتمر الإسلامي الأوروبي (IEC/CIE)، بلجيكا.
وكذلك هو عضو بعدة هيئات ومؤسسات، منها مؤسسة آل البيت الملكية للفكر الإسلامي – الأردن، ومجمع الفقه الإسلامي الدولي بجدة (OCI)، المملكة العربية السعودية، والأمانة العامة لمنتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة – أبو ظبي الإمارات العربية المتحدة المجلس الأوروبي للقيادات الدينية – النرويج، والمجلس الاستشاري لمركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات – النمسا، والمجلس الأعلى للثقافة الإسلامية في الغرب الإيسيسكو – المغرب والمجلس الأعلى للأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم.
وقد اختير «البشاري» ضمن خمسين شخصية إسلامية الأكثر تأثيرًا في العالم، وهو من مواليد مدينة وجدة بالمغرب، وحصل على الجنسية فرنسية، كل تلك المواقع جعلته موسوعة متنقلة، تلم بتفصيلات قضايا المسلمين في بلادهم وفي غير بلاد الإسلام، لذا حاول «صدى البلد» الاستفادة من خبراته الواسعة تلك، لمعرفة أحوال المسلمين حول العالم.
هل تلعب الفتوى دورًا في استقرار المجتمعات؟
حالة الاضطراب والفوضى الحالية التي تعم العالم العربي والإسلامي تدل على وجود خلل، والذي قد يُلامس المصدر، أي النص الشرعي، وتنزيل هذا النص الشرعي على واقعنا.
نرى بأن توظيف الشاذ والتطرف للأحكام الفقهية هو سبب الخلل وحالة الفوضى، التي يعيشها العالم العربي والإسلامي، وهذا الخلل كان في المصدر أي النص الشرعي أو تنزيله على واقعنا وتطبيقه، فالنتيجة واحدة، وهي ما نشهدها في صورة اضطراب في العصر الحالي.
والعالم العربي والإسلامي قد أصابه الخلل من أربعة جهات، وأول أنواع الخلل التي أصيب بها عالمنا، هو الخلل في المنهجية، والثاني في توصيف الواقع الذي نعيشه، والثالث يتمثل في تصدر الفتوى من غير المتخصصين ومن غير أولى العلم والمؤسسات المجمعية التي يجب أن تقوم بها، ورابعًا أن الفتاوى الموجودة الآن هي فتاوى شخصيات فردية، فيما يدفعنا الواقع والحاجة إلى فتاوى مجمعية، فيها اجتهاد جماعي للخبراء وعلماء الدين والواقع.
ما أسباب ظهور تلك الفتاوى الشاذة، التي تزايدت مؤخرًا؟
هناك سببين أساسيين لظهور الفتاوى الشاذة، التي زادت في الآونة الأخيرة، أولهما وجود قصور في الفهم، أما السبب الثاني فهناك إشكالية كبرى وأكبر، وهي أن الفقه الإسلامي في تدوينة في السنوات الأولى لظهور الإسلام، ببنى وأسس لمنهجيات في استنباط الأحكام واستقرائها وتنزيلها على الواقع، وهذه المنهجيات التي وضعت في القرن الأول والثاني والثالث مع الأسف الشديد، صار فيها تشديد في عصرنا الحاضر فصار فيها قصور في الفهم والفتوى وتشخيص الواقع.
لا يمكن إصدار فتوى أو حُكم، ما لم يكن المفتي لديه علم الدراية ومحيط بالواقع وبالأسباب، وهذا ما صار به ابن خلدون فيما يُسمى باللعمراني، وما ذهب في علم الاجتماع السياسي في العصور الأولى للمسلمين.
هل شهدت العصور القديمة من التاريخ سوابق لتلك الحالة من فوضى الفتاوى، التي نُعاني منها الآن؟
في العصور السابقة كانت الفتوى تصدر عن شخصيات مجمعية، برزت بشكل كبير مما تعذر معه دخول غير المتخصصين إلى مجال الإفتاء، وهذه الشخصيات المجمعية برزت كثيرًا حينئذ، وكانت موسوعة في ذاتها، مثل الإمام الغزالي وابن رشد وغيرهم من الأئمة، الذين كونوا مدارس.
والأئمة الأربعة وصلوا إلينا بما يُسمي بالمدارس، كالمدرسة المالكية والحنفية، والحنبلية، والشافعية، المذاهب الأربعة، منوهًا إلى أن الأئمة الآخرين مثل الثوري والإمام الأوزعي، وغيرهم، لم يكن لهم دور كما المذاهب الأربعة، لأنهم لم يكن لها مدارس أو الأتباع الذين أشبعوا الفقه.
واستطاع فقه الإمام مالك –رضي الله عنه- أن يجتاح العالم، ويعزز وجوده من خلال المدرسة المالكية، وما يتبع منهجه من تلاميذ، فمدرسة الغرب الإسلامي بشمال إفريقيا، ومدرسة الأندلس لعبت دور كبير في التدوين والإثراء والإنتاج الفقهي المبني على واقع دون ذلك الذي يعيشه العالم في الجزيرة العربية أو في ظروف مختلفة عنها فبي شمال أفريقيا أو في الأندلس.
كذلك الفتوى من الإشكاليات التي طرحها الفقه في القرون الأولى، كانت اشكالية الفتوى المتعلقة بالسلطة، بمعنى أن دين الدولة قاب قوسين هو الإسلام، أو ما يُسمى بعموم الإسلام في هذه الأوطان،
لماذا تَصدر للفتوى الآن دُخلاء من غير المتخصصين، فيما لم تشهد العصور السابقة ذلك؟
هناك فوضى وبلبلة وهذا معروف، وأما عن المسئول عنها، فقد تكون مؤامرة كبرى، لكن يمكننا القول بأن هناك عدة أسباب عدم تقنين الفتوى وعدم إيجاد وإلزام المؤسسات بمرجعية واحدة للفتوى، وثالثًا عدم التنسيق بين المرجعيات الفقهية، ورابعًا ظهور الفضائيات والمواقع الإلكترونية، حيث إن ظهور الفضائيات والمواقع الإلكترونية هو ما جعل لكل قناة فضائية مفتي صباحي وآخر مسائي، وبينهما المفتون الجدد أو الدعاة جدد، والإعلام يُحب ذلك، مع كامل احترامي، فهناك إعلام يُحب الإثارة فقط.
إذن أنتم مع سن قانون يمنع غير المتخصصين من تصدر الفتوى، ويوقف سيل المفتين بوسائل الإعلام؟
لابد من سن قانون ولكن ليس للصحافة بكافة أنواعها المكتوبة والمقروءة والمسموعة والمرئية، فلم لا يُسن قانون يُلزم ويُجرم من تطاول على الفتوى بدون رخصة من المؤسسة المنوط بها والمؤهلة للإفتاء.
ما خطورة فتاوى الإنترنت على الشباب المُسلم؟
الفتاوى المُعلبة المُصدرة من خلال الإنترنت،مسئولة عن تصدير الآلاف من الشباب المُسلم إلى ساحات القتال، فالشباب المُسلم الآن وخصوصًا في الغرب، الذي يهويه ويأخذ هذه الفتاوى المُعلبة المُصدرة من خلال الإنترنت، يتم تصديره إلى ساحات القتال، سواء كانت في داعش أو المرابطين أو البوكو حرام وغيرها، فهذه الفتاوى على الإنترنت، تعمل على خلق حالة الانفصام بين الشخصية الإسلامية والولاء والعلاقة مع البلد، الذي يعيشون فيه.
وتلك الفتاوى بالمواقع الإلكترونية، تعمل على اختطاف الشباب من ثوبه وإسلامه ودينه وحضارته وتاريخه ومن ولائه للبلد وولاة الأمور إلى الولاءات المتعددة، التي أصفها بالجماعات العابرة للقارات وهي خمس: «ولاية المرشد، ولاية الفقيه، ولاية الخليفة، ولاية أمير المؤمنين، وولاية حزب التحرير.
وهذه الجماعات كانت للإخوان المسلمين والشيعة والقاعدة وحزب التحرير، وداعش، تعمل من خلال هذا الفضاء الأزرقي لتجنيد الشباب، حيث إنهم ليس لديهم حصانة علمية وعقائدية وفكرية، تُساعدهم على التفرقة بين ما هو صائب وما هو غير صحيح.
ومن النتائج التي نراها للفتاوى الموجودة على الإنترنت وغيرها، أنها تعمل أساسًا على لاستيلاء على ولاءات الأوطان وولاة الأمور، وتحولها في اتجاه الجماعات العابرة للقارات، ولهذا يجب في تقنيننا في موضوع الفتوى، بمعنى وضع علماء أجلاء يتقنون صناعة الفتوى في الصدارة.
كيف يمكننا التخلص من فتاوى موقع جوجل على الإنترنت «google» التي يعتمد عليها الشباب ؟
لا يمكن التخلص من فتاوى موقع جوجل على الإنترنت «google»، التي يلجأ إليها الشباب على مستوى العالم، فجوجل هذا وغيره سيظل موجودًا، ولكن المسألة هي أنه عند ضبط الفتوى، بإصدار فتوى رسمية من الأزهر، لا يكون هناك مجال لفتاوى «ميزو أو كيكو أو بيبو»، التي تصدر عن غير المتخصصين بموقع جوجل على الإنترنت.
و أفضل حل لمواجهة فتاوى موقع جوجل وما نحوه، هو ضبط الفتوى وإتاحة فتاوى رسمية صادرة عن جهات الإفتاء الثقة والرسمية، بما يُضيع الفرصة على فتاوى الإنترنت، وإلا لأصبحنا في مشكلة كبيرة أمام هؤلاء الشباب، الذي يضطر للبحث عن الفتوى في مواقع أخرى، ويذهب إلى جوجل، حيث لم يجد مسألته من جهة رسمية في ظل هذه الفوضى.
من الذي يتصدر الفتوى الآن في موقع جوجل «google» على الإنترنت؟
يتصدر الفتوى في موقع جوجل على الإنترنت، تياران لا ثالث لهما، أولهما التيار السلفي، وفيه التوجه التكفيري، والاتجاه الثاني هو الاتجاه الصفوي الإيراني الشيعي، بما يعني أن متصفح الفتوى على جوجل يكون أمام حركتين أو مؤسستين داعمتين لفكر غريب عن ثقافتنا وتاريخنا، يُعطل العقل ويُقدس التراث والتاريخ، ويُلزم شبابنا بالسير في اتجاه معين، وفكر آخر يؤمن بولاية الفقيه ولا يؤمن بولاية الدولة ولا المواطنة ولا الولاء لمؤسسات الدولة ثم يُقسمها إلى ولاءات متفرعة ومتعددة.
وأمام تعدد الولاءات والفتاوى والمواقع الإلكترونية، التي تعمل على اختطاف الشباب من ثوبه وإسلامه ودينه وحضارته وتاريخه ومن ولائه للبلد وولاة الأمور إلى الولاءات المتعددة التي أصفها بالجماعات العابرة للقارات وهي خمس: «ولاية المرشد، ولاية الفقيه، ولاية الخليفة، ولاية أمير المؤمنين، وولاية حزب التحرير»، وهذه الجماعات كانت للإخوان المسلمين والشيعة والقاعدة وحزب التحرير، وداعش، تعمل من خلال هذا الفضاء الأزرقي لتجنيد الشباب، حيث إنهم ليس لديهم حصانة علمية وعقائدية وفكرية، والتي تُساعدهم على التفرقة بين ما هو صائب وما هو غير صحيح.
كيف يمكن تعزيز حُب الأوطان في نفوس الشباب العربي المُسلم؟
من النتائج التي نراها للفتاوى الموجودة على الإنترنت وغيرها، أنها تعمل أساسًا على لاستيلاء على ولاءات الأوطان وولاة الأمور، وتحولها في اتجاه الجماعات العابرة للقارات، ولهذا يجب في تقنيننا في موضوع الفتوى، بمعنى وضع علماء أجلاء يتقنون صناعة الفتوى في الصدارة.
الفتوى صناعة وليست هواية، وعليه فهي بحاجة إلى خبراء، على أن يُعرض هذا الأمر على عمل مجمعي مؤسسي يعمل على إصدار الفتوى وتذليل الصعاب أمام شبابنا.
الشباب المُسلم الآن وخصوصًا في الغرب، الذي يهويه ويأخذ هذه الفتاوى المُعلبة المُصدرة من خلال النت، والتي تعمل على خلق حالة الانفصام بين الشخصية الإسلامية والولاء والعلاقة مع البلد، الذي يعيشون فيه، كما أن تلك الفتاوى مسئولة عن تصدير الآلاف من الشباب المُسلم إلى ساحات القتال، سواء كانت في داعش أو المرابطين أو البوكو حرام وغيرها.
في رأيكم، ما أهمية عقد مؤتمرات عالمية لمناقشة قضايا الإسلام؟، وهل تؤتي ثمارها في الواقع؟
المؤتمرات لها أهمية كبيرة، تتمثل في التواصل وتبادل المعلومات والخبرات بين المُشاركين، خاصة وأنه يعيش الآن 450 مليون مسلم خارج العالم الإسلامي، ويعيشون كأقلية دينية وبشرية في هذه المجتمعات، من هنا تنبع أهمية عقد المؤتمرات العالمية، التي تتناول قضايا الإسلام والمسلمين، ففيها يتم تحديد المفاهيم.
ومن خلالها تُطلق المبادرات لتأصيل منهجيات جديدة تعتمد أولًا على التنسيق بين المرجعيات ودور الإفتاء في العالم، فضلًا عن أنها تعمل على تحرير العقل الإسلامي، للتحرر من قدسية التراث، إلى أن يتعامل مع الفتوى من حُكم أنها وقائع ونوازل فقهية، أو ما يُسمى بلغتنا مُستجدات.
خاصة وأنه تحدث تطورات جديدة مستمرة، فقبل عام من الآن كانت داعش قوية ، واليوم نتحدث "ماذا بعد داعش"، بمعنى أنه تحتم على الفقهاء والعلماء والمفكرين والقيادات الدينية، أنها الآن تبدأ في صناعة خطاب يعمل على حماية هؤلاء الشباب، حتي لا تظهر داعش أخرى، وحتي يصعب اصطياد في الماء العكر سواء في الفضاء الرقمي –الإنترنت-، أو في الفضائيات ، التي صارت تُعادل أكثر من 500 فضائية عربية، من بينها أكثر من 133 قناة شيعية لها رسالة، مضمونها "كيف يمكن توصيل التبشير الشيعي، وتحويل ولاء أبنائنا لأوطانهم إلى ولاية الفقيه" ثم خلق حالة من الفوضى والفتنة في عالمنا العربي والسُني على الخصوص.
ما تعليقكم على جرائم الحوثي باليمن؟
موقفنا من الحرب في اليمن، تلك التي تقودها إيران من أجل خلق حالة غير عادية في الوطن العربي والإسلامي، حيث إنها تتحرك بالعواصم الخمس من طهران وبغداد ودمشق وصنعاء وإلى جنوب لبنان، لخلق حالة من الفوضى سواء في المملكة العربية السعودية أو الكويت أو البحرين، أو العمل على التبشير الشيعي من خلال التصوف، الذي رأيناه في مصر والسودان وكثير من البلدان الإفريقية.
إن الذي تقوم به الميليشيات الإرهابية الحوثية في اليمن لا تخرج عن كونها إرهاب، لذا ينبغي تقديم الحوثي إلى المحكمة الجنائية، كما يجب تقديم كل الدول التي رعى الإرهاب، بالتبشير به والتشهير له عبر الفضائيات، أو من خلال إيوائها لعناصر حُكموا بالإرهاب.
لا يمكن أن نسمح بالحديث عن دولة أخرى تحت مُسميات حرية الرأي والتعبير وحرية الجماهير في اختيار ألوان وأساليب الحُكم بها، وعندما تصير القضية داخلية نُسميها مؤامرة، لذا ندعو المجتمع الدولى بأن يُعاقب تلك الدول التي تأوي الإرهابيين ، فبؤر الصراع الموجودة الآن لا تكاد أن تكون إلا منحصرة في عالمنا العربي والإسلامي في زمن أن أفريقيا التي كنا نعتها بأنها دول ديكتاتورية، صار فيها ديقراطيهات ونهضة وتحول جد مهم.
لذا نهيب بكل الدول التي تعمل بالفعل على إحلال ثقافة السلم أنهال تُجرم أولًا الإرهاب الإلكتروني وكل الفتاوي التي تدعو إلى الإرهاب والكراهية، فإذا كان الغرب قد وضع قوانين تُسمى " قوانين مُحاربة الكراهية"، يجب كذلك سن قوانين في البلدان العربية تُجرم كل من تصدى للقفتوى بدون رخصة، فالفتوى خصوصًا في بلد الأزهر، والذي يُعد مرجعًا للعالم العربي والإسلامي، لابد أن يكون لها احترام، وتنظيمها وسن قوانين مقيدة لمتصدريها.
كيف يتحول المراهق إلى إرهابي؟
المرجعية الدينية المؤثرة على سلوك الشباب، تُعد من أهم المحفزات المؤثرة في التحولات التي تطرأ على ممارسات وسلوكياته، بما يخدم أفكار الإرهابيين، أو الحركات الدينية التي تتبنى خيار العنف وتنفيذ الاعتداءات الإرهابية كخيار وحيد للتغيير والاحتجاج.
فالشباب الذي كان يبحث سابقًا عن المعلومة الدينية، أصبحت اليوم تأتي إليه طوعًا، عبر القنوات الإعلامية التي تمارس الخطاب الديني الذي لا يخضع لضابط ولا يقف عند حدٍّ، ولا يأخذ بمنهاج واضح.
والواقع أن الأمر لا يتعلق فقط بالقنوات الإعلامية والفضائيات الدينية، سواء كانت سنية أو شيعية، وإنما أيضا بالعديد من المواقع الإلكترونية التي يصعب حصرها حتى على المؤسسات البحثية أو الأجهزة الأمنية، وهناك أبحاث حديثة الإصدار تعترف في خلاصاتها بالتأثير الواضح للمواقع الإلكترونية، وتوظيفها في استقطاب الشباب لتنفيذ اعتداءات إرهابية.
هناك إجماع من طرف الباحثين على أنه في أغلب الدول العربية والإسلامية، نجد أن للدولة والمجتمع ومؤسسات البلد لها مرجعية واحدة، وهي الإسلام، وربما أن الإسلام الذي تتبناه الدولة غير محدد بقوانين واضحة في كل شأن، ولكن مع ذلك الإسلام، يبقى بشكل أو بآخر، موجود في البيت وفي المدرسة وفي حياة الناس وجودًا تلقائيًّا وأحيانًا في اللاوعي.
والمتطرف العربي، كما لاحظ أحد الكتاب، عندما يتطرف فإنه لا يبدأ من الصفر في تعلم الإسلام، لأن الدولة من خلال المدرسة والمسجد علمته مبادئه، وإنما يبدأ من قراءة جديدة في تفسير الإسلام، مناهضة ومعادية لما يُسمَّى القراءة الرسمية، ولأنه يبحث عن قراءة مغايرة، يبحث هذا الشاب عن "هوية ثالثة" يجدها في إسلام بعض المساجد التي يديرها أئمة مشبوهون، أو إسلام بعض المواقع على الإنترنت، ويصبح هذا الإمام أو هذا الموقع هو المرجعية الجديدة لهذا الشاب في تعلم الإسلام، بما في ذلك أبجدياته.
ما هي وسائل وآليات جذب الشباب إلى تلك المرجعيات المتطرفة؟
ومزايا هذا المصدر للمرجعية الجديدة أنه مريح وبسيط لأنه يقسِّم كل شيء إلى ثنائيات متضادة، إلى أبيض وإلى أسود، والعالم المعقد إلى دار إسلام ودار كفر، والناس إلى مسلم وإلى كافر، ويختزل التاريخ إلى غزوات وحروب وفتوحات وجهاد بالمعنى العسكري، أي أنه يوفر قراءة جديدة، ويسبغ معنًى بسيطًا لجميع الظواهر المعقدة، ويمنح راحة نفسية من صراع داخلي طويل ومرير.
إننا نرى أن أولى الخطوات التي من الضروري الانتباه إليها في معرض الاشتغال على معالجة أسباب الإرهاب والتطرف والعنف والغلو الديني في صفوف الشباب في العالم الإسلامي، هو الانتباه إلى دور المرجعيات الدينية، إلى طبيعة خطابها ومدى تأثيرها، والتفريق بين المرجعيات الإسلامية الوسطية، والمرجعيات الإسلامية المتشددة، مع وضع ضوابط وحدود وفوارق فاصلة بين الخطابين، حتى يكون الجميع على بيِّنة، سواء كنا نتحدث عن الدولة أو عن المؤسسات الإسلامية أو عن الكتاب والباحثين في الحقل الديني، أو عن الدور المنوط برجال التعليم والتربية.
هل هناك طريقة لحماية شريحة الشباب والمراهقين من التشدد؟
أكد أحد الفقهاء في هذا الصدد، أن إعداد منهج إسلامي نستطيع من خلاله حماية شريحة الشباب والأطفال من التشدد، يمر عبر التربية، "والتربية تعني التنمية، والتأديب يعني الترشيد؛ فكل مولود يولد على فطرة الخير، على التيسير والتوسط والاعتدال؛ ليس فيه تشدد أو تطرف، ثم أبواه "يشددانه" أو "يطرفانه"، لأنه يولد بصفات كلها خير تعينه على الانتفاع بالحياة هو ومن حوله والسعادة فيها، كصفات المحبة والتعاون والتراحم والتسامح والتشاور ونحوها، ثم على البيت والمجتمع تنميتها.
فالحب الفطري ينمو ثم يزداد أكثر وأكثر باستخدامه عند التعامل مع الجيران والأقارب والزملاء والأصحاب، وصفة التشاور تنمو بالحوار المنزلي ثم المدرسي ثم الجامعي ثم العملي في الحياة العملية، والتكامل ينمو بالتعاون، والتراحم ينمو بالتكافل، والتيسير ينمو بالرفق، والتوازن ينمو بالاعتدال".
من ملاحظاتكم العميقة للأوضاع في العالم العربي والإسلامي، ما أكثر مخاوفك؟
الدول الغربية، وخاصة بعض الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية، تتصيد أي معوقات لإدماج المرأة والشباب في مشاريع التنمية والعمل السياسي والمبادرات الجمعوية، من أجل الضغط على الدول العربية والإسلامية بخصوص مطالب الإصلاح.
وقد تتطور الأمور إلى درجة تقديم "وصفات استراتيجية" عبر مؤسسات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، تساعد المسؤولين الغربيين على تنفيذ مخططات سياسية ومجتمعية تخدم بالدرجة الأولى المصالح الاستراتيجية الغربية، قبل أن تخدم المصالح العربية والإسلامية.
وبالتالي، يصبح التسريع بإدماج الشباب في الحالة العربية، وتشجيعه على امتلاك الفضاءات التربوية والإعلامية اللازمة، وإلى جانب كونه يقطع الطريق على السقوط في فخ مشاريع العنف والإرهاب والغلو، فإنه يساهم أيضا في قطع الطريق على المسؤولين الغربيين من أجل التدخل في تدبير الشؤون الداخلية للدول العربية والإسلامية.
ماذا يعرقل نجاح الاستراتيجيات العربية التي تسعى جاهدة إلى معالجة أسباب الغلو الديني في صفوف الشباب؟
هناك عدة أسباب خارجية تشوش على المجهودات الجبارة التي تقوم بها الدول العربية والإسلامية في التضييق على الخطاب الإسلامي المتشدد، سواء جاءت في شكل مراجعات فقهية صدرت عن الحركات الإسلامية المتشددة، والتي راجعت أدبياتها السابقة وأصبحت اليوم تؤمن وتدعو إلى خطاب إسلامي وسطي، أو عبر المراجعات الحكومية المضادة، من خلال الإفراج عن المعتقلين الإسلاميين، وهذا ما قامت به تونس في منتصف الشهر الجاري، أو عبر بيانات ومبادرات علماء المؤسسات الإسلامية، وأعمال المفكرين والباحثين.
ويمكن أن نقف عند حالتين من العوائق الخارجية: السياسات الغربية في التعامل مع القضايا العربية والإسلامية، ثم الدراسات الأكاديمية للباحثين الغربيين والتي تسعى إلى تبرير والدفاع عن "وجاهة" هذه السياسات.
فبالنسبة للسياسات الغربية، وخاصة منها السياسات الأمريكية، فلا حاجة لنا لأن نتوقف عند ما يجري في فلسطين والعراق وأفغانستان، وغيرها من الدول العربية والإسلامية، بل إننا قد نجد أن المواطنين العرب البسطاء يتابعون أدق التفاصيل لجديد هذه القضايا عبر ما تبثه المحطات الفضائية العربية والغربية، حتى إنه بالنسبة للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، لم يتوقف الرئيس الأمريكي الجديد باراك أوباما عن تأكيد دعمه الكامل لإسرائيل.
كما أنه التزم في الخطاب الذي ألقاه في 5 يونيو الماضي أمام "لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية" بالحفاظ على التفوق العسكري لدولة إسرائيل من أجل مواجهة "أي تهديد قادم من غزة أو طهران"، واعدا بتخصيص 30 مليار دولار كمساعدات عسكرية إضافية لإسرائيل والتأكيد على أن القدس ستبقى عاصمة لدولة إسرائيل، وأعلن أيضا عن اعتراضه على حكومة فلسطينية توحد بين حركتي "فتح" و"حماس".
وبالنسبة للدراسات والأبحاث التي تصدر عن الأكاديميين والباحثين الغربيين، فإن مفعولها أخطر من السياسات لأنها تؤطر وتبرر أخطاء هذه السياسات، ولا يمر يوم أو أسبوع دون صدور مقالات صحفية وأبحاث من هذه العينة.
ونقتبس منها النموذج الذي حرره الكاتب الأمريكي دانيل بايبس، حيث أشار في إحدى مقالاته إلى أن "أكثر صور مكافحة الإرهاب فعالية وكفاءة لا تقاتل الإرهابيين وإنما تقاتل الأفكار التي تحرضهم، وتتضمن هذه الاستراتيجية خطوتين أساسيتين: الأولى هزيمة الحركة الإسلامية المتطرفة بنفس الطريقة التي تمت بها هزيمة الحركة الفاشية والحركة الشيوعية، على كل مستوى وبكل طريقة، وباستخدام كل الهيئات والمؤسسات العامة والخاصة.
ويقع عبء القيام بهذه المهمة أساسا على غير المسلمين، فالمجتمعات المسلمة إما هي عاجزة وغير قادرة أو هي غير راغبة في ذلك، وفي المقابل، فإن المسلمين وحدهم هم القادرون على إنجاز الخطوة الثانية، وهي صياغة ونشر صورة للإسلام تتصف بالحداثة والاعتدال والديمقراطية والحرية والليبرالية والإنسانية وتقبل الآخر واحترام المرأة. هنا يستطيع غير المسلمين المساعدة وذلك بعزل الإسلاميين المتطرفين وعدم التعامل معهم ومقاطعتهم وتأييد المسلمين المعتدلين".
إن إصرار السياسات الغربية والدراسات البحثية في الغرب عموما على عدم إنصاف القضايا العربية والإسلامية المصيرية، يساهم بشكل مباشر في إعاقة المشاريع الكبرى والضخمة التي تقوم بها أغلب الدول العربية والإسلامية من أجل مواجهة الخطر الإرهابي، وطرق توظيف واستغلال الشباب في شبكات التطرف والعنف والإرهاب، ومن مسؤولية القادة والزعماء العرب أن يؤكدوا على هذه النقطة الحيوية في اللقاءات الثنائية أو الجماعية التي تتم بين المسؤولين العرب والمسلمين مع المسؤولين الغربيين.
ما هي الصورة التي يصدرها الإعلام الغربي عن الإسلام والمسلمين؟
هناك حقيقة لا يمكن إنكارها، وهي أن أهداف ترويج وتصدير الإعلام الغربي لها بشتي الوسائل، الغاية الرئيسية منه: تشويه صورة الإسلام والمسلمين بشكل عام، وبلغت حدة هذه الهجمات الإعلامية الشرسة، إلى درجة وصف المسلمين بأوصاف بدائية وهمجية.
غير أن نسبة ضئيلة جدا من المعالجات الإعلامية، سلمت من تتبع هذا النهج، والتي تدخل في إطار الاستثناء، ليس لها تأثير في الرأي العام ولا ترسبات على الإسلام والمسلمين على غرار سابقتها، إضافة إلى كونها مرتبطة بصاحب التغطية الذي يكون موضوعيا في كل ما يقدمه وليس بالنسبة للقضايا الإسلامية فقط.
لماذا وجهت كل هذه الحملات المضادة ضد الإسلام؟ ولفائدة من؟
وجدنا نوعا من النزوع نحو ما يطلق عليه في لغة الإعلام "بشيطنة العدو"، الذي تم في هذه الحالة، وصف الإسلام والمسلمين به، وحصرهم في إطار تشويهي، يضيق الخناق عليهم، ويقوم هذا المبدأ على التحويل المعنوي لهذا "العدو" إلى شيطان من خلال نزع الصفة الإنسانية عنه، بحيث يستحق عقابا صارمًا يسمح للمضطهِد أن يمارس اضطهاده على المضطهَد، دون أن يكون مطالبًا بتطبيق الشرائع ومواثيق حقوق الإنسان المعروفة في التعامل مع البشر.
ما دامت العديد من وسائل الإعلام الغربية كانت تتعمد الخلط بين القيم الإسلامية وتصرفات فئة معينة من المسلمين عامة، وبين بعض الحركات والجماعات الإسلامية المتشددة، فإن الإعلام الأوروبي ربط بشكل كبير بين الإسلام كدين وبين هذه الجماعات الإسلامية المتشددة، بل بلغت به الجرأة إلى حد أنه في كثير من الأحيان، تعمد هذا الإعلام عدم التفريق بين المسلم المعتدل في ممارسته الدينية، وبين المسلمين المنتمين لجماعات إسلامية، تختلف في أطروحاتها وفي حركيتها، ويتأرجح هذا الاختلاف ما بين الاعتدال والتطرف.
وقد استغل هذا الإعلام السابق الذكر، فرصة الأحداث التي تورط فيها بعض الإسلاميين المتشددين، لتلطيخ سمعة الإسلام والمسلمين ونسبهم للإرهاب عن طريق الإعلام المرئي، والسمعي، والمقروء، ولقد اعترف العديد من الإعلاميين بوجود صورة خاطئة عن الإسلام والمسلمين في مختلف وسائل الإعلام الأوروبية.
ونحن نتطرق لهذا الموضوع من زاوية تجربتنا الخصبة في تمثيل الأقليات الإسلامية لدى الحكومات الأوروبية، وخاصة في الديار الفرنسية، وقد أوصلَنَا استنباطُنا المتواضع في هذا الميدان إلى الخلاصة التالية: أن احتجاجات قادة وزعماء الجاليات والأقليات الإسلامية في أوروبا، لم تتمكن في العديد من الحالات من التصدي السريع والنهائي، لمجموعة من المعالجات الإعلامية المغلوطة ضد الإسلام والمسلمين، أو ضد الأقليات الإسلامية.
وما نشير إليه في هذا الشأن أنه في بعض الحالات النادرة، أنتجت هذه الحملات المضادة للجاليات الإسلامية، نزع تقديم اعتذارات رسمية من كبار المسؤولين في أجهزة الدول ببعض الدول الأوروبية.
ما هي الأسباب التي ساهمت في فشل المسلمين في الغرب للتصدي لهذه الحملات التشويهية المكثفة في حقهم وضد الإسلام؟
في رأينا، يعود سبب هذا الفشل النسبي، بخلاف الوضع المتعارف عليه في جُل الدول العربية والإسلامية، بحيث غالبا ما تتحكم الحكومات في وسائل الإعلام، فإنه في القارة الأوروبية مثلا وفي الولايات المتحدة، يصعب أو يستحيل التحكم نهائيا في وسائل الإعلام والتدخل في عملها، وفق القوانين المعمول بها هناك.
إلا أنه يلاحظ بعض التحسُّن الذي طرأ على قليل من المعالجات الإعلامية في هذه القضية، كما بدأت بعض الوسائل تتجه نحو الموضوعية في عرض القضايا الإسلامية، نظرا للتدخل النوعي القادم من لدن الأقليات الإسلامية في بعض الدول الأوروبية.
مَن المسؤول المباشر عن هذه الوضعية المتأزمة في حق الإسلام والمسلمين؟
إن الأزمات السياسية والدينية التي بزغت للوجود، في السنين الأخيرة، في أوروبا والولايات المتحدة، ساهمت في تغذية هذه الخلاصات، وتكرار نفس التعامل الإعلامي مع صورة الإسلام والمسلمين، سواء تعلق الأمر بأزمة الرسوم الدنماركية، أو موضوع منع تشييد المآذن في سويسرا، أو العديد من قضايا منع ارتداء النقاب في فرنسا، وبلجيكا، ونكتفي بسرد هذه الأحداث على سبيل الذكر لا على سبيل الحصر لأن اللائحة طويلة.
أخيرا مسألة حرق مئات من النسخ القرآنية، في إحدى القرى الأمريكية المغمورة، الذي قام به قس مسيحي متطرف، هذا التصرف الشاذ، استدعى تدخل الرئيس الأمريكي باراك أوباما ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون.
ولكن تدخل الرئيس الأمريكي في أمريكا، لا يقابل بتدخل مضاد في القارة الأوروبية، عندما نسعى لوقف مثل هذه العمليات العدوانية ضد الإسلام والمسلمين والأقليات الإسلامية. من أجل ألا تتكرر هذه الحملات العدائية، وألا تمر بدون ردع قانوني.
ما الحل إذًا؟ وكيف نتعامل مع هذه الحرب النفسية الإعلامية التي تسعي إلى تدمير ما هو رمزي ومقدس عند المسلمين: دينهم الحنيف الإسلام؟
نأخذ كمثال هام في هذا الصدد، موضوع الرسوم الدنماركية، الذي كان السبب المباشر، في اندلاع أزمة شبه عالمية، بين الحكومة الدنماركية، والعديد من الدول الإسلامية، وانقسام أغلب الفقهاء، والعلماء المسلمين، حول طبيعة التعامل مع هذه الرسوم، واستغلال التيارات والجماعات الأيديولوجية المتطرفة، من كلا الجانبين، من أجل تأكيد أطروحة المفكر الأمريكي الراحل صامويل هانتنغتون حول صراع الحضارات، وبعد هدوء الأزمة.
وبخلاف ما قام به الرئيس الأمريكي باراك أوباما، في أولى محطات أزمة حرق بعض النسخ من القرآن الكريم، قامت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، منذ أسابيع قليلة فقط بتكريم الرسام الدنماركي كورت فيسترغارد، الذي رسم تلك الرسومات المسيئة للرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم قبل 5 أعوام، إلى درجة دفعت ببعض وسائل الإعلام الألمانية للتأكيد على أن المستشارة اليمينية تغامر بتكريم رجل "يعتقد المسلمون أنه أساء لدينهم".
إذا أردنا أن نساهم نظريًّا وعمليًّا في مواجهة أسباب هذه الصور النمطية السيئة عن الإسلام والمسلمين في الإعلام الغربي، وإلى جانب الدور المنوط بالمسؤولين العرب والمسلمين (وهذه مسؤولية دينية وسياسية وحضارية بالدرجة الأولى)، يمكن أن نذكر ثلاثة مخارج عملية وواقعية من أجل الانخراط الواعي والمسؤول في هذه المهمة الحضارية: توصيات عامة، دور الأقليات، دور الإعلام.
لماذا لم يساهم الإعلام العربي بشكل فعال في تحسين نشر صورة الإسلام والمسلمين؟
أجمع المراقبون في العصر الراهن، على الدور الخطير الذي تقوم به وسائل الإعلام بشكل عام، سواء كان دورًا إيجابيًّا أو سلبيًّا، بل إننا نؤكد على أن وسائل الإعلام اليوم، أصبحت من الأعمدة الرئيسية لقياس قوة البلدان، وتقدم الأمم بعد أن دخل العالم المعلوماتي بصورة مكثفة، وازداد انسياب التدفق الإعلامي بين أقطار العالم بصورة غير معهودة، وبطرق جديدة.
كما أن تحديات التكنولوجيا فرضت نفسها على العصر الذي نعيش فيه، حتى أصبح هذا العصر بفضل هذا التطور يعيش في بقعة محدودة، تحدت عوامل الزمان والمكان، مما جعل الإعلام يتحول إلى صناعة ضخمة تحتاج لإمكانيات كبيرة، ولملايين الدولارات، وبفضله أصبحت الدول المتقدمة تتبوأ الريادة والتفوق على الساحة الدولية، وتسيطر على السوق العالمية لإنتاج حتى غدت هذه الصناعة خاضعة لإمبراطوريات ضخمة، تنظم هذه السوق وفق ظروفها ومصالحها واحتياجاتها.
ومما لا شك فيه، فإن المراقبين يرون اليوم، أن العرب والمسلمين لا زالوا، بشكل كبير، عاجزين عن الإسهام الفعال، في تصحيح الصورة النمطية المشوهة عنهم، والتي يروج لها المتعصبون، والمتشنجون، والمتطرفون في القارة الأوروبية وفي الولايات المتحدة الأمريكية، مستهدفين من وراء ذلك بث الكراهية، والبغضاء بين الدول الإسلامية، والشعوب الغربية.
أي أن تقاعس الأجهزة الدبلوماسية، والمراكز الثقافية، والبعثات التعليمية الإسلامية عن الاضطلاع بالدور المنوط بها، يأتي في مقدمة الأسباب التي تسهم في تعميم هذا الجهل الغالب بين الأوساط الشعبية في الولايات المتحدة وغرب أوروبا، مما يترك الساحة خالية لتنفرد بها لأهل الأهواء والعداء والتطرف، من كلا الجانبين، حتى لا نعتقد أن الخلل يكمن في الغرب، لأن هناك اختلالات موجودة عندنا في الوطن العربي والعالم الإسلامي، مع وجود جماعات وتيارات سياسية ودينية متطرفة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.