تمثل زيارة الرئيس محمد مرسى لأوغندا محطة مهمة على طريق استعادة مصر لدورها التاريخى فى دعم التواصل والتلاحم مع أبناء حوض النيل وستكون لها نتائج إيجابية كبيرة على مستوى العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين. ولا يخفى أن السنوات الأخيرة خاصة خلال فترة حكم الرئيس السابق شهدت تراجعًا ملحوظًا على مستوى التعاون الاقتصادى والسياسى وهو ما أحدث فجوة كبيرة فى المواقف والترتيبات الخاصة بأهم ملف وهو ملف مياه النيل، حيث جرى بعيدًا عن دولتى المصب مصر والسودان التوقيع على اتفاقية المياه الجديدة المعروفة باتفاقية عنتيبى والتى تنص فى بنودها على إقامة مشروعات مائية دون الإخطار المسبق وعدم الاعتراف بالحقوق والاتفاقيات التاريخية التى جرى توقيعها سابقًا وتضمن حقوقنا فى مياه النيل ومنها اتفاقية 1959 وغيرها من الاتفاقيات الأخرى، وحجة الدول الموقعة على "عنتيبى" أن الاتفاقيات السابقة تم توقيعها خلال فترات الاحتلال الأجنبى ولم تعد صالحة الآن وهذا يتنافى مع القوانيين والأعراف الدولية. وعودة إلى مشاركة الرئيس مرسى فى احتفالات أوغندا بالعيد الوطنى نجد أنها تلفت النظر إلى طبيعة وحجم الاستثمارات المصرية الأوغندية وكذلك حجم التبادل التجارى، ووفقًا للأرقام المتاحة نجد أنها لا ترقى أبدًا للمستوى المطلوب، حيث تشير إحصائيات جهاز التمثيل التجاري أن الاستثمارات المصرية في أوغندا لا تزيد على 35 مليون دولار فقط وتتركز في قطاعات المصارف "بنك القاهرة الدولي" والبنية التحتية والأستشارات الهندسية "المقاولون العرب" والاتصالات "أوراسكوم مصر للمحمول" وشركة كاتو أروماتيك، إضافة للتوجه نحو الاستثمار في قطاعات الصحة والدواء والاستشارات والمستلزمات الكهربائية. من هنا تعد زيارة الدكتور محمد مرسى لأوغندا مهمة جدًا فى هذا التوقيت خاصة بعد زيارته لأثيوبيا والسودان ، ولا يخفى أن أوغندا من أهم دول حوض النيل بالنسبة لمصر، كما أنها أنسب دولة لإقامة مشروعات لتوليد الطاقة النظيفة ، كما أنها تعد وبشهادة الخبراء الدولة الأنسب لتوليد الطاقة عن طريق المولدات المائية نظرًا لما تتميز به من كثرة الشلالات. وهناك إجماع فى أوساط المعنيين بملف مياه النيل ومنهم د. محمود أبو زيد، الرئيس الشرفى للمجلس العالمى للمياه ووزير الرى الأسبق، أنه يمكن تحقيق التكامل بين دول حوض النيل عن طريق الاستثمار فى إنتاج الطاقة فى كل من أوغندا واثيوبيا والاستثمار فى الزراعة فى السودان. وتوجد فى أوغندا إمكانيات كبيرة فيما يتعلق بصناعة القهوة والسكر والشاي والأسماك وغيرها خاصة فى ظل الاهتمام الأوروبي الكبير بالسوق هناك، حيث تحصل دول العالم على المواد الخام من الدولة الأفريقية وتقوم بتصنيعها فى الخارج واعادة تصديرها مرة اخرى لأوغندا. وإذا كنا نسعى بالفعل لإحداث تعاون حقيقى مع أوغندا وباقى دول حوض النيل فلابد من الاسراع بتنفيذ مشروع انشاء شبكة الطرق والنقل بين هذه الدول عن طريق ربط الطريق النهرى بالطريق البرى بها والذى سيترتب عليه تخفيض تكلفة النقل بنسبة تصل الى 90 % ، خاصة بعد افتتاح الطريق البرى بين مصر والسودان الذى من الممكن أن يكون بداية لهذا المشروع المهم ، بجانب الاهتمام بخطوط الشحن الجوى . وعلى القيادة السياسية ومؤسسة الرئاسة الانتباه إلى التحركات الإسرائيلية فى منابع النيل ولا يخفى أن توتر العلاقات بين مصر وأوغندا سابقا كان سببا فى خروج اتفاقية "عنتيبى" التى تضر بالمصالح المائية المصرية، حتى أن الرئيس الأوغندي يورى موسيفينى من أكثر الرؤساء الأوغنديين دعما لإسرائيل وقام بدعوة المستثمرين والسائحين الإسرائيليين الى التواجد فى أوغندا. من مصلحة مصر إقامة جسور من الثقة مع دول الحوض والمشاركة فى إقامة المشروعات التى تساعد على زيادة حصتها من مياه النيل وأن تدخل بسرعة كشريك استثمارى فى مختلف المشروعات وتقدم ما لديها من خبرات فنية وتدريبية وكذلك العمل على زيادة التبادل التجارى.