أخطر ما في احتفالية أكتوبر بالاستاد اخفاء الجيش المصري، لا يعني وجود بضع مئات من الجنود في المدرجات أنه كان ماثلا، فالجيش المصري لم يكن يكمل المقاعد الفارغة في أكتوبر، إنما كان يحرر وطنًا ويبذل دما. لقد اختفي الجيش تماماً هو جوهر اليوم والأيام ومحور الاحتفال، كان المفروض أن يقف الفريق أول عبدالفتاح السيسي إلي جانب الرئيس في العربة المكشوفة، كان المفروض أن تصطف في أرض الاستاد وحدات رمزية من القوات التي حاربت، الفرق التي عبرت، كان من المفروض أن تعرض بعض غنائم العدو مثل الدبابات المأسورة السليمة، ساحة الاستاد الفارغة والتي طاف بها الرئيس في سيارة مكشوفة. كان يجب أن تكون للجيش، أذكر بعد توقيع اتفاقية السلام أن الرئيس السادات أقام حفلاً في الاستاد نفسه، وجرت العادة أن الجيش المصري كان يعرض الغنائم وتجري مشاهد تدريبية يرمز فيها إلي العدو المهزوم، في تلك السنة رمز إلي العدو باللون الأزرق، فقط اضاءة تبث لونا أزرق، لم يكن هناك أي شيء ملموس يدل علي الجيش الإسرائيلي وكأن مصر كانت تحارب سراباً، واختفت طوابير الغنائم بعد ذلك. واختفي أي رمز حول الصراع. في احتفالية أكتوبر هذا العام اختفي الجيش المصري نفسه، قادة الجيش غابوا عن الحفل، القائد العام الحالي جلس بعيداً، العبارات التي ذكرها الرئيس عامة، ليس يرد علي لسانه اسم أي قائد، لا جمال عبدالناصر، ولا صاحب قرار الحرب أنور السادات، ولا القادة العظام الذين قادوا الجيش إلي النصر، محمد فوزي، عبدالمنعم رياض. أحمد إسماعيل، تكريم سعد الشاذلي بمفرده لا يكفي، لم أر أسرته في الاستاد. كان لابد من تخصيص مقصورة لقادة الحرب، من تبقي منهم علي قيد الحياة، أين اللواء عبدالمنعم خليل قائد الجيش الميداني الوحيد الذي مازال علي قيد الحياة، أعي تماماً أن ثمة دولة تزيح دولة، وأن ما يجري طبيعي، خاصة ان الإخوان لا يؤمنون بعقيدة محورها الوطن، وأنهم يعتمدون علي الميليشيات العقائدية أكثر مما يحرصون علي وجود جيش وطني قوي. انني أثق في وطنية قادة الجيش ثقة مطلقة وفي مقدمتهم الفريق أول السيسي. لكننا كنا نتمني رؤية رموز أكتوبر والرجال الذين يستكملون المسيرة، وليس عربة مدنية يستقلها رئيس مفرد، ملهم، إنها الخطوة الأخطر في محو الذاكرة الوطنية. نقلا عن الأخبار