فى الاتجاهين

قال الدكتور محمد البرادعى فى تغريدة له على «تويتر» «إن احترام العقائد والمقدسات والرسل هو السبيل الوحيد لتعايش الأسرة الإنسانية»، وقد لخص القضية، فتبادل الإساءة إلى الأديان يمكن أن يشعل العالم، وما حدث فى ليبيا مثال على ذلك.. لكن من المهم الآن أن نفتح هذه القضية بحق وبصدق إذا ما كنا نريد ألا تتحول الحياة إلى حرب دينية.
شارك عدد من الأقباط فى رفض الإساءة فى هذا الفيلم ونددت الكنيسة القبطية بالفيلم وصانعيه، لكن خرج علينا بعض رموز التيارات الإسلامية يهددون بأن الرد على هذه الإساءة سيترجم فى الدستور، بما يعنى أنهم سوف ينتقمون من الأقباط بحرمانهم من حقوق فى الدستور..
مثل هذه التصريحات يجب التوقف أمامها، ليس فقط لأن الذى أساء إلى الدين الإسلامى ليسوا مسيحيى مصر فى الداخل، ولكن لأنه ليس من حق من يضعون الدستور أن ينتقموا ممن ينتمون لهذا الوطن مثلهم تماما ولهم فيه نفس الحقوق، ليفرجوا عن غضبهم.
أخطأ الذين صنعوا الفيلم، لأن الأنبياء قيمة للبشرية جمعاء لا يجب المساس بها.. لكن لماذا ترتكبون أنتم أنفسكم نفس الخطأ عندما تسيئون لدين غيركم؟ من يطالب بفريضة عليه أن ينتهجها هو نفسه قبل أن يطالب بها غيره.. لا يمكن لكى نكون منصفين إلا أن نتساءل أمام الخبر الذى نشر حول قرار النائب العام وضع القس الأمريكى وتسعة من أقباط المهجر على قوائم ترقب الوصول، بناء على خمسة بلاغات تم التقدم بها، لماذا لم يفعل النائب العام نفس الشىء فى العديد من البلاغات التى تقدم بها مسيحيون عشرات، بل مئات المرات، يتضررون من الإساءة لدينهم ورموزهم..
بل ألا يجب أن نتوقف بصدق أمام بيان حزب الحرية والعدالة الذى أعرب فيه «عن استنكاره الشديد للفيلم الذى أصدره أقباط المهجر، وطالب الحزب فى بيانه العقلاء من أبناء الوطن وخاصة من رجال الدين فى مؤسستى الأزهر والكنيسة، بالعمل الجاد من أجل وأد الفتنة وفضح القائمين عليها والعمل على إحالتهم إلى محاكمة عاجلة بتهمة الإساءة إلى الأديان السماوية..
«أتفق مع حزب الحرية والعدالة فى رفضه، لكننى أسأله لماذا وافق على الإساءة للدين المسيحى فى منابر المساجد وشاشات الفضائيات؟ ألا يقلل هذا من حقك فى الاقتصاص ممن أساء إلى معتقدك ومن رموزك بأنك تفعل نفس الشىء؟ بل ما الذى يمكن أن يقال تعليقا على مطالبة نواب الشورى المسلمين الأمريكيين بمقاضاة صناع الفيلم، فى الوقت الذى لاذوا فيه بالصمت هم وغيرهم من قيادات الحكم أمام تجاوز رئيس تحرير جريدة المساء الذى اختاروه هم فى حق المسيحية، بينما الجريدة قومية، أى مملوكة للشعب الذى يشكل فيه المسيحيون جزءاً أصيلاً أرفض الإساءة لأى معتقد لكن الرفض يجب ألا يكون فى اتجاه واحد فقط.
نقلا عن المصري اليوم