اعتراض الشيخ خالد الجندي، الداعية الإسلامي، على قرار هيئة كبار العلماء، برئاسة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، بوقوع الطلاق الشفهى دون اشتراط توثيق أو إشهاد. وقال «الجندي» خلال تقديمه برنامج «لعلهم يفقهون»، إنه على حسب التصريحات الرسمية فإن دار الإفتاء عرض عليها 3300 حالة طلاق خلال شهر وبالنظر فيها تبين لها وقوع 3 حالات فقط، متعجبًا من ذلك: «فكيف أنكم تصفون بأن معظم الناس لا تعرف معنى الطلاق، ورغم ذلك تصدرون تلك الفتوى». وأشار الداعية الإسلامي، إلى أن المحكمة لا تعرف بالزواج العرفي الذي لا ورقه له إلا إذا اعترف به الطرفان «الزوج والزوجة»، موجهًا سؤالا إلى الأزهر: «إن من تزوج عُرفيًا بدون توثيق، وأراد أن يطلق، فهل يكون الطلاق من وقت إطلاقه اليمين أم بعد يكون من وقت التوثيق». وألمح إلى أن بيان هيئة كبار العلماء فيه استهانة للفتوى ويفتح الباب أمام أي شخص متلحٍ ليسأله الناس عن أمور الطلاق، وهذا كارثة، منوهًا بأن المطالبين بتوثيق الطلاق الشفوي لا يستهينون بأمر الفتوى، موجها حديثة لهيئة كبار العلماء: «ولكن أنتم ببيانكم هذا تفتحون الباب على البحري». ونوه بأن الشيخ الذي ستذهب إليه المرأة تسأله عن حكم في الطلاق، سيستفسر منها عن بعض الأمور الجنسية مثل الحيض والجماع وغير ذلك. وكانت هيئة كبار العلماء، قد أقرت برئاسة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وقوع الطلاق الشفهى دون اشتراط توثيق أو إشهاد. وعقدت هيئة كبار العلماء بالأزهر، عدَّة اجتماعاتٍ خلالَ الشهور الماضية لبحثِ عدد من القضايا الاجتماعية المعاصرة؛ ومنها حكم الطلاق الشفويِّ، وأثره الشرعي، وقد أعدَّت اللجان المختصَّة تقاريرها العلمية المختلفة، وقدَّمتها إلى مجلس هيئة كبار العلماء الذي انعقد اليوم، الأحد 8 من جمادى الأولى 1438ه الموافق 5 من فبراير 2017م. وانتهى الرأي في هذا المجلس بإجماع العلماء على اختلاف مذاهبهم وتخصُّصاتهم، إلى القرارات الشرعية التالية: أولًا: وقوع الطلاق الشفوي المستوفي أركانَه وشروطَه، والصادر من الزوج عن أهلية وإرادة واعية وبالألفاظ الشرعية الدالة على الطلاق، وهو ما استقرَّ عليه المسلمون منذ عهد النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - وحتى يوم الناس هذا، دونَ اشتراط إشهاد أو توثيق. وأضافت: ثانيًا: على المطلِّق أن يُبادر في توثيق هذا الطلاق فَوْرَ وقوعِه؛ حِفاظًا على حُقوقِ المطلَّقة وأبنائها، ومن حقِّ وليِّ الأمر شرعًا أن يَتَّخِذَ ما يلزمُ من إجراءاتٍ لسَنِّ تشريعٍ يَكفُل توقيع عقوبةً تعزيريَّةً رادعةً على مَن امتنع عن التوثيق أو ماطَل فيه؛ لأنَّ في ذلك إضرارًا بالمرأة وبحقوقها الشرعيَّة. وترى هيئة كبار العلماء أنَّ ظاهرةَ شيوع الطلاق لا يقضي عليها اشتراط الإشهاد أو التوثيق، لأن الزوجَ المستخفَّ بأمر الطلاق لا يُعيِيه أن يذهب للمأذون أو القاضي لتوثيق طلاقه، علمًا بأنَّ جميع إحصاءات الطلاق المعلَن عنها هي حالاتٍ مُثبَتة ومُوثَّقة سَلَفًا إمَّا لدى المأذون أو أمام القاضي، وأنَّ العلاج الصحيح لهذه الظاهرة يكون في رعاية الشباب وحمايتهم من المخدرات بكلِّ أنواعها، وتثقيفهم عن طريق أجهزة الإعلام المختلفة، والفن الهادف، والثقافة الرشيدة، والتعليم الجادّ، والدعوة الدينية الجادَّة المبنيَّة على تدريب الدُّعاة وتوعيتهم بفقه الأسرة وعِظَمِ شأنها في الإسلام؛ وذلك لتوجيه الناس نحوَ احترامِ ميثاق الزوجية الغليظ ورعاية الأبناء، وتثقيف المُقبِلين على الزواج. وناشدت الهيئةُ جميعَ المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، الحذَر من الفتاوى الشاذَّة التي يُنادي بها البعض، حتى لو كان بعضُهم من المنتسِبين للأزهر؛ لأنَّ الأخذَ بهذه الفتاوى الشاذَّة يُوقِع المسلمين في الحُرمة. وأهابت بكلِّ مسلمٍ ومسلمةٍ التزام الفتاوى الصادرة عن هيئة كبار العلماء، والاستمساك بما استقرَّت عليه الأمَّةُ؛ صونًا للأسرة من الانزلاق إلى العيش الحرام. كما حذِّرُت الهيئة المسلمين كافَّةً من الاستهانة بأمرِ الطلاق، ومن التسرُّع في هدم الأسرة، وتشريد الأولاد، وتعريضهم للضَّياع وللأمراض الجسديَّة والنفسيَّة والخُلُقيَّة، وأن يَتذكَّر الزوجُ توجيهَ النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنَّ الطلاق أبغَضُ الحلال عند الله، فإذا ما قرَّر الزوجان الطلاقَ، واستُنفِدت كلُّ طرق الإصلاح، وتحتَّم الفراق، فعلى الزوج أن يلتزم بعد طلاقه بالتوثيق أمام المأذون دُون تَراخٍ؛ حِفظًا للحقوق، ومَنعًا للظُّلم الذي قد يقعُ على المطلَّقة في مثلِ هذه الأحوال. واقترحت الهيئة أن يُعادَ النظرُ في تقدير النفقات التي تترتَّب على الطلاق بما يُعين المطلَّقة على حُسن تربيةِ الأولاد، وبما يتناسبُ مع مقاصدِ الشريعة. وتمنت هيئةُ كبار العلماء على مَن "يتساهلون" في فتاوى الطلاق، على خلاف إجماع الفقهاء وما استقرَّ عليه المسلمون، أن يُؤدُّوا الأمانةَ في تَبلِيغ أحكامِ الشريعةِ على وَجهِها الصحيح، وأن يَصرِفوا جُهودَهم إلى ما ينفعُ الناس ويُسهم في حل مشكلاتهم على أرض الواقع؛ فليس الناس الآن في حاجةٍ إلى تغيير أحكام الطلاق، بقدر ما هم في حاجةٍ إلى البحث عن وسائل تُيسِّرُ سُبُلَ العيش الكريم.