تساءلت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، عن إمكانية تخلى حركة حماس عن الانفاق المنتشرة على طول الحدود بين قطاع غزة ومصر، موضحةً أنها "من أكثر مصادر الدخل لدى الحركة التي تجنى بسببها أموالاً طائلة". وذكرت الصحيفة أن ما مجموعه 70 ألف فلسطيني في قطاع غزة يكسبون لقمة عيشهم مما وصفتها ب "الصناعة الجديدة". ونقلت الصحيفة عن "إبراهيم" وهو من سكان رفح ويملك نفقاً لتهريب السلع من مصر إلى القطاع، قوله: "إن إغلاق الانفاق عقب الهجوم الأخير يؤثر بشدة على دخله المادي"، مشيراً إلى أن حماس أمرتهم بإغلاق الانفاق 3 أيام منذ الهجوم وعادت لإصدار الأوامر بفتحه لمدة يوم واحد لنقل البضائع واحتياجات القطاع. وأضاف خلال حديث للصحيفة: "العدد الدقيق للأنفاق غير معروف، ولكن ربما يصل عددها إلى 500 نفق"، في حين يقول مصدر أمني مصري للصحيفة أن عدد الانفاق نحو 1200، ولكن العديد منها يوصل إلى "مدخل واحد" مما يشير إلى أن عددها نحو 350 لذلك السبب. ووفقاً لصاحب النفق (إبراهيم) فإن "كل نفق يعمل فيه 30 عاملا أو أكثر من ذلك، وأن كل عامل يكسب يومياً نحو 100 دولار"، ويتساءل قائلاً: "في حال أُغلقت الانفاق كيف سيعيل هذا العامل أسرته؟" مشيراً إلى أنه كان يعمل قبل 4 سنوات من الآن سائق سيارة لنقل السلع والبضائع، ومن ثم قرر فتح نفق بنفسه، وأنه لم تكن هناك رقابة في ذاك الوقت، أما الآن فيجب الحصول على إذن من لجنة خاصة تتبع حكومة غزة التي تسيطر عليها حماس. وأشارت هآرتس، إلى أن اللجنة التي شكلتها حماس، ترصد جميع النشاطات عبر الانفاق التي تعد مصدر دخل وأرباح ضخمة لصالحها، وتقدم شهادات ترخيص لفتح انفاق لمن ترى ان لديه القدرة على الوفاء بالتزاماته المالية، في حين يشتكى كثيرون من التمييز وعدم منحهم التراخيص، ويتهمون اللجنة بالفساد وتقديم التراخيص لأقربائهم، وللذين يقدمون الرشاوى. ويقول "إبراهيم": عمل اللجنة ضروري، كان هناك فوضى سابقاً، كل شخص كان يأتي ويبدأ بالحفر، اليوم من يأتي إلى هنا لابد وأن تكون معه شهادة ترخيص من اللجنة للبدء بحفر النفق، وفي كل مدخل نفق تجد شرطي حمساوي أو عضو من لجنة الانفاق الحمساوية، وهي تحقق في كل شيء وتمنع عمليات تهريب المخدرات والكحول، في حين تمنع نقل الأسلحة من قرب الانفاق. وأشار إبراهيم إلى أن اللجنة تقوم بفحص البضائع التي يتم تهريبها، ومعرفة وزنها لدفع الضرائب مقابلها، موضحاً: "على سبيل المثال ندفع عشرة دولارات عن كل طن من الأسمنت، وخمسة عشر دولاراً عن كل طن من الحصى"، ولا يقتصر التهريب على ذلك بل يمتد للملابس والمنتجات الغذائية والسيارات وغيرها. وأضاف، حفر النفق يكلف 75 ألف دولار، والإيرادات تزداد وفق الكميات المهربة يومياً، والمبالغ تصل يومياً إلى نحو 170 ألف دولار، ورغم الخطر الذي يحدق بالكثير من العاملين ومقتل العديد منهم سابقاً إلا أن هناك إقبال من الشباب "الناس تريد أن تعيش وتكسب لقمة العيش، لا يوجد بديل؟". وزعمت الصحيفة وفقاً لمصادر في قطاع غزة، أن حماس تراقب الانفاق جيداً، وعناصر من الجهاديين العالميين يتنقلون بحرية من خلالها إلى سيناء وبالعكس إلى غزة، والمخابرات المصرية تغضب من أفعال حماس، وتطالب بمراقبتهم، وتتهمها بتجاهل أفعالهم، وأن حماس تسيطر على كافة الأنفاق الواقعة إلى الشرق من معبر رفح، وفي المقابل عائلات من البدو في المنطقة تتمكن من تهريب المخدرات والسجائر والكحول وفي بعض الأحيان "البشر". وأضافت: من الممكن أن تُقدِم حماس على إغلاق الانفاق في حال فتحت مصر معبر رفح للبضائع والأفراد، حيث لن يكون لها حاجة (بالانفاق)، ولكن على المدى الطويل فان إغلاق الانفاق سيشكل مشكلة حقيقية بالنسبة لحماس، وسيشكل تهديداً مباشراً لسيطرة العشائر الكبيرة على معظمها كعوائل الشاعر، وأبو سمهدانة، وأبو الريش وغيرهم، وهي عائلات ذات قوة حقيقية في جنوب قطاع غزة، ولا ترغب حماس في مواجهتها. وأوضحت أن حماس تستفيد من أن عناصرها يقومون بتهريب الأسلحة بسهولة، ورجالها يذهبون إلى التدريبات أو الاجتماعات في سيناء، ودخل المنظمة يعتمد على الانفاق التي يقدر أنها تشكل من 10 إلى 15 في المئة من ميزانية حكومة حماس. وأكدت "هآرتس" أن استمرار هدم الانفاق على الجانب المصري، خصوصاً من شرق معبر رفح، وهي المنطقة التي لا تسيطر عليها حماس بشكل كامل، تبين أن هناك اتفاقا هادئاً بين حماس ومصر، حول ما هو ممكن، وما هو مرغوب فيه لتدمير ما يجب تدميره، وإبقاء ما يجب أن يكون مصدر رزق ودخل لحكومة إسماعيل هنية، حسب الصحيفة الاسرائيلية.