إنَّ للأسرة تأثيرًا أساسيًّا في تكوين شخصية الطفل من سائر جوانبها ومراحل نموِّها، خاصة النمو النفسي أو الانفعالي؛ لذا تلعب الظروف التي تعيش فيها أيُّ أسرة، والعلاقات التي تسود بين أفرادها دورًا مهمًّا وأساسيًّا علي سلوكياته بصورة مباشرة، الأمر الذي يُلقي على عاتقها مسئولية كبيرة وحسَّاسة في الوقت نفسه. لقد أثبتَت الدِّراسات النفسيَّةُ الحديثة أنَّ للعلاقات الإنسانية السائدة في الأسرة لها تأثيرات بالغة في الخِبرات والانطباعات التي يكوِّنها الطفل من محيطه، وأنَّ الاضطراب العائلي بأشكاله يَخلق لَدَيه الشعور بعدم الاستقرار، ويُضعف قدرته على التلاؤم مع نفسه ومع مجتمعه، ويُمَهِّد لمشكلات سلوكيَّة عدَّة، بعكس الأسرة التي يسودها الدِّفء العاطفي والاحترام المتبادل، والتي تعوِّد طفلها على حرية الرأي واتخاذ القرار، وتُعامله وَفْقًا للقِيَم التربوية الحديثة، وتؤكِّد دراسات أخرى أن الأطفال الأكثر صحة وذكاءً، والأكثر مقدرة على الإبداع والتواصل هم الذين يعيشون في أجواء أُسرية هادئة. وهناك بعض النصائح التي يجب علي الآباء اتباعها لتحقيق صحة نفسية أفضل لطفلك... - يجب علي الوالدين إيجاد نوعٍ من التوازن المُمكن بين العطف والشدَّة، وبين الحب والحَزم، أو الحب المعتدل والنظام الثابت، وبين الحرية والتوجيه، والاتفاق على نَهْجٍ تربوي واضح بينهما، وأن يتفق الوالدين في آرائهما التي توجه للأبناء في التعامل بأساليب الشدة والمرونة حتي لا ينفر الأبناء من أساليب معامله الأب القاسية والميل إلي أساليب الأم التي تتسم بالتدليل والمرونة. - يجب علي الآباء إبعاد الأبناء عن أجواء المشاحَنات التي تحدث بين أفراد الأسرة وبين الوالدين على وجه الخصوص والتي تكون عادةً بيئة نفسيَّة سيِّئة للنمو، ومصدرًا للعديد من المشكلات النفسية للطفل. - تجنَّب التفرقة في المعاملة بين الأبناء، أو اللجوء إلى المقارنة بينهما، والابتعاد عن استخدام أساليب الزجر والتهديد والحِرمان، والعقاب البدني والنفسي المبالَغ فيه، وتوجيه عبارات التوبيخ والانتقاد المستمرَّة لهم، اعتقادًا بإسهامها في تربيتهم تربية قويمة ولكن هذه الأساليب تؤثر سلبًا علي نفسية الأبناء. - يجب ألاَّ يتجاوز حدود الحرص والاهتمام بالأبناء، وعدم الإسراف في تدليلهم وحمايتهم، أو يقوم الوالدان بالمسؤوليَّات التي يجب أن يقوم بها الأبناء، فالدلال الزائد يجعل الطفل أكثر تمرُّدًا وأكثر ميلًا إلى الغضب، ويَحرمه من فرص التفاعل الأمثل مع بيئته، إضافة إلى مشكلات نفسية أخري كضَعف الشخصيَّة وعدم الثقة بأنفسهم، والخوف والانطواء، والأنانية وغيرها. - اهتمي بميول وهوايات ابنك، وتَهيئة الأجواء له؛ لممارسة أنشطته وتشجيعه على القراءة والكتابة، وممارسة الرياضة بأنواعها. - تدريب الأبناء على المثابرة في مواجهة المشكلات والاعتماد علي أنفسهم والالتزام وحبِّ النظام وتحمُّل المسؤولية واحترام آراء الآخرين، مع عدم السخرية أو الاستهزاء بقدراتهم علي مواجهة الصعوبات. - أن تَعتمدَ الأسرة مع أبنائها أساليبَ المصارحة والمناقشة والحوار البنَّاء، وأن تُتيح لهم فُرَص إبداء آرائهم ومُقترحاتهم، والسماح لهم بالحديث عن مشكلاتهم، وتقبُّل ما يَطرحونه من أفكار وملاحظات، وأن تُجيب عن تساؤلاتهم إجابات صادقة ومُبسَّطة، وتتحاشى التهرُّب منها؛ حتى لا تُثبطَ رغباتهم في الوصول إلى المعرفة بطريقه أخري. - عدم تخويف أبنائهم من أشياء معيَّنة أو سَرْد قَصصٍ راعبة لهم؛ كقَصص الأشباح والحيوانات المُفترسة، أو السماح لهم بالإسراف في مشاهدة التلفاز أو متابعة الإنترنت واللعب الإلكترونيَّة.