الدول الراقية والمتحضرة والتي وصلت إلى درجة كبيرة من العلم، وصلت أيضا إلى درجة كبيرة من النضوج، فتتفحص ضمائرها ولا تجد غضاضة في الاعتراف بالأخطاء التاريخية التي وقعت فيها. يقول توماس أوبرمان، رئيس الكتلة البرلمانية للحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني: "إن ألمانيا تتحمل مسئولية تاريخية خاصة بصفتها حليفا سابقا للامبراطورية العثمانية"، وذلك بمناسبة اعتراف البرلمان الألماني البوندستاج ب"تصنيف مذبحة مئات الآلاف من الأرمن وتشتتهم في عهد الامبراطورية العثمانية، والتي باتت معروفة بعد مائة وواحد سنة باسم "الإبادة الأرمنية"، وذلك على الرغم من المعارضة التركية. ففي الثاني من يونيو ستقدم مذكرة من الاتحاد المسيحي الذي تتزعمه المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، والحزب الاشتراكي والديمقراطي وحزب الخضر بعنوان "تذكر وإحياء ذكرى الإبادة الجماعية للأرمن وغيرهم من الأقليات المسيحية". وقال رئيس حزب الخضر الألماني جيم اوزمير، ذو الأصول التركية، لوسائل الإعلام: "من الممكن أن يكون هناك غضب قادم من أنقرة، ولكن لا يمكن ابتزاز البوتدستاج من خلال طاغية مثل السيد أردوغان". هكذا تتقدم الدول الديمقراطية والضمير الجمعي يفحص ضميره وتاريخه ويراجعه ويعترف بالأخطاء التي وقع فيها أسلافهم، فهذه الدول تضرب لنا المثل وتقبل الاعتراف بالأخطاء والخطايا، ولا تضع رأسها في الرمال أو تتكبر فتنفى الخطأ كما تفعل تركيا في هذا الموضوع بالذات أو تفعله دول أخرى في مواضيع مماثلة.