قال الدكتور سالم عبد الجليل، وكيل وزارة الأوقاف سابقًا، إن النبي -صلى الله عليه وسلم- اهتم بشهر شعبان اهتماماً عظيماً؛ فكان يصومه حتى إنه لم يكن لشهر أكثر صياماً منه لشهر شعبان. واستشهد «عبد الجليل» خلال تقديمه برنامج «المسلمون يتساءلون»، بما روي عن عائشة رضي الله عنها قالت: «كَانَ رَسُول اللهِ صلّى الله عليه وسلّم يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ لا يُفْطِرُ، وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ لا يَصُومُ، فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ إِلاَّ رَمَضَانَ، وَمَا رَأَيْتُهُ أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ فِي شَعْبَانَ» [متفق عليه]، وفي زيادة عند مسلم: «... وَلَمْ أَرَهُ صَائِمًا مِنْ شَهْرٍ قَطُّ أَكْثَرَ مِنْ صِيَامِهِ مِنْ شَعْبَانَ، كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ، كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ إِلاَّ قَلِيلاً». وأشار إلى أنه لاحظ بعض الصحابة -رضوان الله عليهم- اهتمام النبي -صلى الله عليه وسلم- بهذا الشهر؛ فأدركوا أن هذا الحرص النبوي فيه من الخير ما لم يطّلعوا عليه أو يدركوا كنهه؛ فما كان منهم -كما هي عادتهم- إلا أن سألوا عن سرِّ هذا الاهتمام النبوي بهذا الشهر؛ فعن أسامةَ بنِ زيدٍ رضي الله عنه قال: قلت: «يا رسولَ اللهِ! لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْرًا مِنْ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ؟ قال: «ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ» [رواه أحمد والنسائي]. ونوه بأن وقوع هذا الشهر بين شهرين عظيمين؛ هما رجب الحرام، ورمضان شهر الصيام، جعل الناس تغفل بتعظيمهما عن إدراك ما في شهر شعبان من الفضل وعظيم الأجر؛ فنبه النبي صلى الله عليه وسلم الأمة بفعله ثم بقوله إلى أهميته وعظيمه مكانته عند الله سبحانه وتعالى. وأوضح أن في قول النبي -عليه الصلاة والسلام-: «ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ» إشارة إلى أن بعض ما يشتهر فضله من الأزمان أو الأماكن أو الأشخاص قد يكون غيره أفضل منه إما مطلقاً أو لخصوصية فيه لا يتفطن لها أكثر الناس؛ فيشتغلون بالمشهور عنه، ويفوتون تحصيل فضيلة ما ليس بمشهور عندهم». ولفت إلى أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بيّن هذه الفضيلة -التي يجهلها الناس فغفلوا عن هذا الشهر-، وهي أن الأعمال ترفع إلى الله تعالى ليجزي ويثيب عليها؛ فجدير بالعبد أن يرفع عمله إلى الله وهو قائم على طاعته.