* « الشحات الجندي»: * القرآن والسُنة حرما الانتحار بنصوص صريحة * المنتحر ليس كافرًا ولا يخرج من المِلة * «الإفتاء»: * لا يجوز الانتحار بدعوى رفض المهانة أو التعذيب * تغسيل وتكفين المنتحر ودفنه في مقابر المسلمين فرض كفاية * الانتحار بطريق السلب والإيجاب حرام شرعًا شهدت هذه الأيام ارتفاع معدل حوادث الانتحار لمختلف الأعمار، وعلى الرغم من تنوع الضغوط والأسباب، إلا أنها انتهت جميعًا نهاية واحدة، تبعثرت منها علامات استفهام كثيرة حول ذلك الشخص الذي قرر أن يفقد دنياه، ولم يضع بحسبانه أنه قد يفقد معها آخرته أيضًا، ما حكم الشرع وهل خروج المنتحر بهذه الطريقة يُخرجه من الملة، وأسئلة أخرى كثيرة حاول «صدى البلد» الإجابة عنها من خلال العلماء. قال الدكتور محمد الشحات الجندي، عضو مجمع البحوث الإسلامية، إن الانتحار هو قتل الإنسان نفسه، وهو جريمة عُظمى تتناقض مع نصوص صريحة وردت بالقرآن والسُنة. وأضاف الجندي أن قوله تعالى: «وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾ [النساء: 29]، وكذلك قوله تعالى: «وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ» (البقرة: 195)، هما نصان صريحان في تحريم الإقدام على الانتحار، لافتًا إلى أنه ورد بالسُنة مثل ذلك فقال النبي - صلى الله عليه وسلم-: «وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ عُذِّبَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما. وأكد أن أخطر ما في الانتحار أنه يُمثل سخط العبد على قضاء الله سبحانه وتعالى وقدره، لافتًا إلى أن الإيمان بالقضاء والقدر هو أصل من أصول الإيمان بالنسبة للمسلم. المنتحر ليس كافرًا ولا يخرج من المِلة كما أكد «الجندي» أن المنتحر ليس كافرًا، والانتحار لا يُعد خروجًا عن الملة، وتجري عليه جميع الأحكام الشرعية الخاصة بالمسلم حال موته، منوهًا بأن المنتحر يظل مسلمًا، من تغسيل وتكفين ودفن في مقابر المسلمين، ثم أداء صلاة الجنازة عليه، مشيرًا إلى أن هذا وهذا ليس دفاعًا عنه أو تخفيفًا لجرمه، إنما المسألة أن الله وحده هو من له أن يحاسبه. تغسيل وتكفين المنتحر ودفنه في مقابر المسلمين فرض كفاية واتفقت معه، دار الإفتاء المصرية، موضحة أن الانتحار حرام شرعًا؛ لما ثبت في كتاب الله وسنة النبي (صلى الله عليه وسلم)، وإجماع المسلمين على حرمة الانتحار. وقالت إنه رغم وقوع المنتحر في كبيرة من عظائم الذنوب وكبائرها؛ إلا أنه مع وقوعه في هذه الكبيرة لا يخرج عن الملة، ويظل على إسلامه، وبالتالي يفترض على المسلمين - فرضًا كفائيًا- تغسيل وتكفين المنتحر ودفنه في مقابر المسلمين، وذلك لأنه مسلم داخله في عموم أحكام موتى المسلمين. واستشهدت بما قال شمس الدين الرملي في "نهاية المحتاج" (2/441): [(وغسله) أي الميت (وتكفينه والصلاة عليه) وحمله (ودفنه فروض كفاية) إجماعا؛ للأمر به في الأخبار الصحيحة، سواء في ذلك قاتل نفسه وغيره]. لا يجوز الانتحار بدعوى رفض المهانة أو التعذيب فيما رفضت دار الإفتاء المصرية، الانتحار أيًا كان موضوعه، فلا يجوز الانتحار لتوقي الشرور، كالاغتصاب والتعذيب، فالمسلم مأمور بالصبر على البلاء، ومقاومة الظلم. وفصلت: "لأنه لا يجوز للفتاة أن تنتحر خوفًا من أن تغتصب، وعليها مقاومة الغاصب حتى لو وصل الأمر إلى قتله، وإن قتلها هو فهي شهيدة؛ لموتها وهي تدافع عن عرضها، وكذلك غيرها -ممن يتعرض للمهانة والتعذيب- له مقاومة التعذيب والمهانة، ولكن لا يجوز لهؤلاء الانتحار بدعوى أن الانتحار أشرف له من قبول الأسر والتعذيب". وأكدت أن المسلم مأمور بالصبر على البلاء، ومقاومة الظلم قدر استطاعته، وغير مأمور بالانتحار وقتل النفس خروجًا من البلاء أو هروبًا من المشاكل. الانتحار يتم بطريقتين وكلاهما حرام شرعًا من ناحية أخرى، أشارت «الإفتاء» إلى أن الانتحار يتم بطريقتين، أولهما « طريق الإيجاب» وثانيهما « طريق السلب». وأوضحت أن الانتحار بطريق الإيجاب يعني إزهاق النفس بالفعل، كاستعمال السيف أو الرمح أو البندقية، أو أكل السم، أو إلقاء نفسه من شاهق، أو في النار ليحترق، أو في الماء ليغرق، وغير ذلك من الوسائل، فهو انتحار بطريق الإيجاب. أما الانتحار بطريق السلب فهو إزهاق النفس بالترك، كالامتناع من الأكل والشرب، وترك علاج الجرح الموثوق ببرئه، أو عدم الحركة في الماء، أو في النار أو عدم التخلص من السبع الذي يمكن النجاة منه، فهو انتحار بطريق السلب.