المشهد يعاد مئات المرات.. ينكسر الضوء.. تصاب الحارة بارتفاع مفاجئ في حدة الظلام.. على الجانب الأيسر جدار يحذرنا من الارتطام.. المخرج يمينا متسعا.. يجذب الباحث عنه وينادى على الحائر حوله.. وفي كل مرة يرتطم الواقع العربي بالجانب الأيسر من الحارة المغلقة بكل خياره ودون أن يقوده للارتطام إلا سوء مصير يتحالف مع غبائه الأسطوري.. استطاع الأمريكي أن يركب ظهر المنطقة يسحب ريقها للثناء عليه ويسحب مالها للإنفاق منه.. ويسحب كرامتها لتُعبد طريقه فوق ظهور جغرافياً يستنزفها نزقه ويختال فوقها بهواه..!! وسط المشهد يعلن عن دعمه اللانهائي لكيان الاحتلال الصهيوني الذي يبول على كرامة العرب ويخرج لهم ما يشاء من لسانه وبنانه.. لا يفعلون شيئاً غير مزيد من اللهاث خلف الأمريكي والشعبطة في ذيله لعله ينقذهم من عدو وهمي خلقه لهم يكبر في خيالهم يشيطنه إعلامهم.. تُنفق على تكفيره فساق فتاويهم.. ينال من كرامتهم الأمريكي فيقبلون بمد مزيد من الأفواه لتقبيل يده ورفع نعاله ومنحه فوق ما يريد إرادة قيادتهم إلى المهلكة المحققة؟.. وفي النهاية.. وسط ثورة الوقود الحديثة والابتكارات التي لا تتوقف وما قدمه النفط الحجري والأبحاث الحديثة عن مصادر الطاقة البديلة.. فر الأمريكي من وسط العرب.. ترك لهم الجدري الذي يأكل بناءهم الفكري ويتغذى بفسقهم ويستمر في بث الرعب بجدرانهم..!! وإذ بالمنطقة التي لم تفهم ولا تريد أن تفهم.. تذهب بعيدًا لتأسيس صراع جديد يعتمد التنافس المذهبي ويرفع راية الحرب الطائفية وما حولها من أقليات عرقية ودينية.. وينسحق المؤشر نتيجة عدم قدرته على تسجيل حدة الموجات التي يبثها الغباء العربي المنسدل صحاري العرب الدينية.. عندما يذهب لاستبدال تحالفه مع أمريكا بإسرائيل.. ويسعى لتأمين من يحتلون مقدساته وسحقوا شعوبه ونسقوا لسرقه مقدراته ليعيد نفس الارتطام مجددًا بالجدار الأيسر من الحارة التي ارتفع فيها حدة الظلام ليعلن أن هذا الشرق نسي عدوه الصهيوني ابن الأمريكي وراح بخبلة مخدوعا للبحث عن عدو وهمي يسمى بإيران..!! عندها على التاريخ أن يتوقف ليسجل لحظات لن تعيدها الأيام كثيرًا في سياقات أمم أخرى في الأرض يعبث فيها مثل هذا الضلال..!! كيف يمضى بنا هذا الوهم ويقود جيوش من المفكرين والإعلاميين الذين باعدت بينهم وبين الفكر ومهنيه الإعلام صرر الدنانير..؟ كيف تحوّل وعي هذه المنطقة بالكامل إلى أجير عند الخيانة التي لن تبقى على أحد حينما يستعر أمرها وتنمحي ثمارها..؟ كيف تلبثت الأوهام وأصبح الخلط قادرا على دفع الأمة إلى الهلاك المحقق وهي تظن أنها تحسن صنعا..؟ الأمريكي الذي نجح في بناء منظومة الفتنة المذهبية.. ألقى ببذرتها ثم ترك للسلفين تعهدها لإكمال مهمتها في الأرض وقد ترك أيضا خلفه إسرائيل ترعى ما تبوء به إنجازاتها حين ينجذب إليها العرب..!! لايمكن أن يكون هناك بناء سياسي يسير عكس المنطق وطبيعة الأشياء وحركة التاريخ وحقائق الجغرافيا مثل الذي تقيم حصونه هذه الأمة الأمة الآن..!! الصهاينة شعب طارئ على المنطقة لا بقاء مطلقا له ولو بعد مئات السنين..! لن يتملك البولندي ولا اليهودي الخزري أرض فلسطين مطلقا وإن أخفق في إخراجهم جيل سينتصر جيل آخر ولو بعد حين.. فيما الجار الإيراني والعراقي واليمني والسوري.. وغيرهم أبناء هذه الجغرافيا.. من هذه الجبال والحواري والكهوف والسهول جاءوا..! وإن ماتوا فيها سيخرج غيرهم وتبقى حياتهم.. ومن هنا فعدم احتساب الجغرافيا وتأثيرها في حركة التاريخ وصنع الأحداث تبقى في عين المراقب تخبط سياسي كارثي.. لا استقرار مطلقا ولا نهضه إذا بقى الغباء العربي هكذا يرتطم بسوء مصيره في كل مرة ويأبى التعلم..!! والعداء المفتعل مع إيران والتفاهم اللين مع الصهاينة لن يوفر حمايه لأحد وقد سبقكم الأمريكي الهارب من أزمات المنطقة وحروبها بعدما ترك فيها بيض الفتنه ينتج جيلا من ضياع قد نوى نذره اليوم على يد صناع الفتاوي وحملة كيس الدنانير..!! دعوني أقولها لكم.. إن لم تكن قوتكم في خدمة محاربة الإرهاب السلفي الصهيوني فلن تخط المنطقة وشعوبها في سجل التطور والاستقرار سطرا واحدا وستستمر في الارتطام بنفس الجدار الأيسر من الحارة المغلقة .