يحمل الرئيس الإيراني حسن روحاني على عاتقه مع حلفائه آمال كثير من الإيرانيين في كسب مزيد من الحريات في الانتخابات التي تشهدها البلاد غدا الجمعة لاختيار أعضاء البرلمان ومجلس الخبراء. ومن المتوقع أن يعاد انتخاب روحاني في مجلس الخبراء خاصة وأنه سياسي برجماتي يحاول دفع إيران للانفتاح بعد سنوات من العقوبات الدولية. وفي نفس اليوم يحاول حلفاؤه استعادة السيطرة على البرلمان من قبضة المتشددين المصممين على التصدي لتزايد النفوذ الغربي بعد الاتفاق النووي الذي وقعه روحاني مع القوى الكبرى العام الماضي. وسيطرت على المنافسات الانتخابية حالة من النزق مع تبادل الاتهامات الغاضبة ومنع آلاف من المرشحين المعتدلين من خوض الانتخابات على أيدي الهيئة المكلفة بفحص أوراق المتقدمين. واتهم متشددون مقربون من الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي المعتدلين بأنهم أصبحوا خاضعين لنفوذ الغرب وهو اتهام قال روحاني إنه يهين ذكاء الإيرانيين الذي يجادل بأنهم يتوقون فحسب للتنمية الاقتصادية. ونقل عن روحاني قوله أمس الأربعاء على موقعه الإلكتروني "الإساءات اللفظية والاتهامات والإهانات لا تليق بكرامة الأمة الإيرانية والبلاد. الأمر لا يستحق أن تقوض الجمهورية الإسلامية والحكومة من أجل مقعد في البرلمان. بدلا من توجيه الإهانات والاتهامات علينا أن نسعى من أجل أهداف أسمى." وللمفاوض النووي السابق سجل من النهج التصالحي: ففي انتخابات عام 2013 حصل روحاني على أصوات الإيرانيين المؤيدين للإصلاح والذين تعرضوا للقمع السياسي على مدى سنوات لكنه حصل أيضا على دعم البعض داخل الدائرة المحيطة بخامنئي بفضل سجله الناصع داخل المؤسسة الدينية في إيران. ويأمل روحاني في تكرار هذا الأمر في انتخابات يوم الجمعة مدعوما بالاتفاق الموقع مع القوى العالمية والذي قيدت إيران بموجبه أنشطتها التي يمكن أن تقود إلى إنتاج قنابل نووية مقابل رفع العقوبات الاقتصادية. وتمكن روحاني من تفادي انتقادات المتشددين للمحادثات من خلال احتفاظه بتأييد خامنئي الذي أعلن دعمه لجهود الرئيس الإيراني رغم أن الأمر من وجهة نظر خامنئي يتعلق بتحسين وضع الاقتصاد الإيراني لا تعزيز العلاقات مع الغرب. وفي محاولة لمنع حلفاء روحاني من جني مكاسب في صناديق الاقتراع منع مجلس صيانة الدستور الذي يهيمن عليه المتشددون آلافا من المرشحين غالبيتهم من المعتدلين من خوض الانتخابات سواء على مقاعد البرلمان أو مجلس الخبراء. وتستمر ولاية مجلس الخبراء الذي ينتخب غدا الجمعة ثماني سنوات وقد يختار خلفا لخامنئي الذي يبلغ من العمر 76 عاما وتتردد شائعات عن اعتلال صحته. ويتمتع الزعيم الأعلى بسلطات مطلقة حيث يسيطر على القضاء وقوات الأمن ووسائل الإعلام الرسمية ومؤسسات تمتلك معظم أوجه الاقتصاد. ويتمتع روحاني (67 عاما) بخلفية لا تشوبها شائبة في المؤسسة الدينية في إيران. وكان خامنئي قد أشاد بانتخاب روحاني عام 2013 باعتباره "اختيار شخص جدير بالثقة أمضى أكثر من ثلاثة عقود في خدمة نظام الجمهورية الإسلامية." وخرج روحاني إلى المنفى مع الزعيم الأعلى الراحل آية الله روح الله الخميني قبل الثورة وعين ممثلا للمجلس الأعلى للأمن القومي بعد قليل من تولي خامنئي منصبه عام 1989. وأثناء توليه هذا المنصب ترأس روحاني وفد بلاده في المفاوضات مع بريطانيا وفرنسا وألمانيا التي أدت إلى تعليق الأنشطة المتصلة بتخصيب اليورانيوم عام 2003 ثم استقال بعد تولي الرئيس المتشدد محمود أحمدي نجاد منصبه عام 2005. ويرى بعض المحللين والمسؤولين أن أي نجاح للمعتدلين في انتخابات يوم الجمعة يمكن أن ينظر إليه كتحد لسلطة خامنئي. وقال مسؤول إيراني رفيع سابق "المتشددون قلقون من شعبية روحاني ومن الدعم الذي يحظى به من المعتدلين ومن الشعب. زيادة قوة روحاني قد تضر بتوازن القوى المعقد في النظام السياسي الإيراني." وعلى الجانب الآخر قال المسؤول الإيراني "إذا فاز المتشددون بمزيد من المقاعد في الانتخابات فإنهم قد يمارسون مزيدا من الضغط على روحاني وحكومته لإضعافه" فيما تبقى من فترة رئاسته. ويحاول المتشددون الساعون للإبقاء على الوضع الراهن إجهاض محاولات روحاني لإدخال التعددية السياسية إلى البلاد بعد نجاحه في مجال العلاقات الخارجية الإيرانية. في نفس الوقت فإن كثيرا من الإيرانيين الذين أيدوا روحاني في انتخابات عام 2013 مازالوا محبطين ويخشون من أن يغطي تركيزه على دعم الاقتصاد على وعوده بشأن الإصلاحات الداخلية وتحسين سجل حقوق الإنسان. لكن المحلل السياسي حامد فرح واشيان قال "إذا أراد روحاني الفوز بالانتخابات الرئاسية عام 2017 فإنه في حاجة لتحسين وضع الاقتصاد إلى جانب تحقيق إصلاحات اجتماعية ملموسة."