حذر يوهان إكستيين، وهو باحث بيئي في مجال الحفاظ على الطبيعة من جنوب أفريقيا: "غالبية من هم في الخارج لا يدركون مدى الخطورة التي يمكن أن تتسم بها حيوانات أفراس النهر عند التثاؤب أو الضحك. وعلى مدى نحو ثلاثة عقود؛ أجرى إكستيين أبحاثا تتناول مسائل متعلقة بأفراس النهر، وهو يعمل حاليا لحساب وكالة "موبيمولينجا" للمتنزهات والسياحة، وهي هيئة حكومية تُعنى بحماية الحياة الطبيعية والمحميات في جنوب أفريقيا. ويقول إكستيين إن التثاؤب المتكرر لفرس النهر الذي يراه السائحون ويفترضون أنه مؤشر على أن هذا الحيوان سعيد وراضٍ ليس إلا "علامة خطر". ويضيف الباحث بالقول إن من بين علامات الخطر الأخرى تلك الأصوات الشبيهة ب"الضحك" التي تصدرها هذه الحيوانات، حتى وإن كان فرس النهر "الضاحك" يبدو - ربما - هادئا وذا مظهر هزلي. ونقل موقع "بي بي سي" البريطاني عن ليجيا دوروارد، وهو باحث يسعى لنيل درجة الدكتوراه من جامعة أكسفورد، ويدرس العلاقة والصراع ما بين البشر والحيوانات آكلة اللحوم في تنزانيا، قوله: "أعتقد أن المفهوم الخاطئ الأكثر شيوعا فيما يتعلق بأفراس النهر يتمثل في كون البشر يعتبرون أنها لا تتغذى سوى على العشب". وعلى مدى عدة سنوات، رصدت 87 من أفراس النهر، وهي تتغذى - في بقاع متنوعة من المنطقة التي تعيش فيها - على حيوانات مثل الجاموس والظبي، والبقر الوحشي. ويقول دوروارد: "هناك أدلة متزايدة على أن أفراس النهر لا تتغذى على اللحوم فحسب، بل إنها تفترس الحيوانات الأخرى بنشاط كذلك". وأضاف: " لم نكن على علم – للأسف – بالكيفية التي نفق بها فرس النهر الذي كانت جثته المتحللة تُستخدم كغذاء، إذ أن (علمنا بذلك) كان سيلقي ضوءاً أكبر على السلوك" المتعلق بالتهام أفراس النهر لجثث أقرانها. وفي بعض الأحيان، تهاجم أفراس النهر البشر أيضا. وهنا يوضح يوهان إكستيين بالقول إن هذه الحيوانات "لا تخرج من مكامنها وتتصيد البشر، ولكن إذا ما صادفتها (أنت) وهي في طريق العودة من مكان الماء الذي تشرب منه.. سيتعين عليك حينذاك إعداد خطة" للفرار. وفي عام 2014، لقي 13 شخصا حتفهم في النيجر عندما قلبت حيوانات فرس النهر القارب الذي كانوا يستقلونه. وتتكرر مثل هذه الحوادث بين الحين والآخر في المناطق التي تعيش فيها مثل هذه الحيوانات. وفي هذا الصدد، يمكن الاستفادة من تجربة جيسيكا كالر، التي درست الصراع ما بين البشر وعناصر الحياة البرية في ناميبيا، وذلك في إطار دراستها لنيل درجة الماجستير. وتركزت الدراسة بشكل خاص على كيفية إدراك البشر للخطر الذي تمثله عليهم حيوانات برية متنوعة. وفي هذا الإطار، سمعت كالر بعض القصص المروعة التي تتعلق بما فعلته أفراس النهر ببعض البشر، بما في ذلك قصة تتناول مقتل زوجين في إحدى الليالي على يد فرس نهر كان يختبئ أمام منزلهما. بل كان لكالر نفسها مواجهة مرعبة مع أحد أفراس النهر. ففي ليلة ما خلال فترة إعدادها لدراستها، كانت هذه الباحثة تقيم في خيمة صغيرة بجوار النهر، حينما بُوغت قطيعٌ من الماشية كان يرعى على ضفاف النهر نفسه - على ما يبدو - ب"فرس نهر لم يكن في كامل سعادته". ولذا دفع هذا الحيوان القطيع بالكامل للهرب عبر المعسكر الذي كانت تُخيم فيه كالر. وهكذا باتت هذه الباحثة ممزقة بين أن تفر لتلوذ بسيارتها حيث الأمان، مُخاطرةً بأن تصادف فرس النهر في الظلام وهي في طريقها للسيارة، أو أن تبقى حيث هي في هذه الخيمة المهلهلة، التي كانت تحاول إحدى الأبقار دخولها. وقتذاك، فضلت كالر البقاء، واضطرت للكم البقرة غير المُرحب بها في الأنف لإجبارها على الابتعاد. وتستذكر الباحثة أنها وجدت في الصباح "كل آثار الحوافر هذه منتشرة في كل مكان". رغم ذلك، فإن معدة فرس النهر غير مُعدة لهضم اللحوم – كما تقول دوروارد – وهو ما يعني أن تناولها للحوم يحدث عندما تعاني من نقص في إحدى المواد التي تتغذى عليها. وهكذا تتغذى أفراس النهر في أغلب الأوقات على النباتات، رغم أنه بوسعنا القول إن تلك الحيوانات الضخمة غير مُهيئة تقريبا لتقتات على نظام غذائي نباتي مثل هذا. ويقول إكستيين مازحا إن فرس النهر عبارة عن "تصميم مجنون لشيء تعين عليه أن يتغذى على العشب". فغالبية الحيوانات التي تعتمد في غذائها على الرعي، تمتلك قواطع حادة في فكوكها حتى يتسنى لها أن تقضم بدقة الأطراف العليا للنباتات.