لا يمكن لدولة ما أن تتقدم إلا بالعلم الذي هو مفتاح التقدم والرقي لأي دولة تحترم نفسها وتحترم شعبها، ومن المؤكد أن العلم لا يتناقض مع الإيمان والدين ، ونحن كأمة عربية ودولة مصرية ما زلنا للآن برغم التقدم العلمي الهائل في شتى المجالات منكوبين بالجهل. ولن أكون مبالغا إذا قلت إننا منكوبون بداء التجهيل اللعين ، فسياسة التجهيل اصبحت سياسة قذرة وحربا لا تقل خطورة وضراوة عن الحروب الكيميائية والنووية ، بل وهي اخطر على شعوبنا من ثورات ما يسمونه بالربيع العربي التي تهدف الى تفتيت الامم وتفكيكها واسقاط جيوشها الوطنية ، بل ويمكن أن نعتبرها الأداة الجديدة الاكثر تطورا في الحروب لتركيع العالم العربي والإسلامي والدولة المصرية حتى ترزح هذه الشعوب تحت نير العبودية والظلام والفساد والتغييب والدجل والسحر والشعوذة واللجوء للجن والعفاريت لحل مشكلاتها التي هي اصلا سببا رئيسيا فيها. فالحكومات التي تتبع سياسة التجهيل المتعمد مع شعوبها حكومات لا تستحق الحياة ، وهي حكومات فاسدة ، ولا تقل ضررا عن المستعمر الذي يحتل الأرض ، ومن المؤكد أن هذه الحكومات تحتل شعوبها بالتجهيل لكي تدفعه نحو الفقر والتشدد الديني الاعمى، وتحوله من شعب مبتكر يأخذ بأسباب التقدم والعلم والتحضر إلى شعب جاهل مجهل يلجأ للدجل والشعوذة والسحر والجن والعفاريت الغلو والتدين الشكلي لحل أزماته ومشكلاته التي لم ولن تحل بهذه الطريق المعادية للحضارة والتقدم. ولك ان تعلم أيها القارئ المحترم أن مصر تنفق قرابة 10 مليارات جنيه سنويا على الدجل والسحر والشعوذة بل وهناك شخصيات سياسية تلجأ للدجالين والمشعوذين ، كما أن العالم العربي ينفق حوالي 5 ملايين دولار سنويا على الدجل والشعوذة وهذه المبالغ التي لو انفقت على البحث العلمي لأصبحت هذه الدول في عداد الدول المتقدمة ، الواحد مش عارف يقول إيه ولا ايه، لاننا "مفضوحين" مصريا وعربيا وفضيحتنا بقت بجلاجل بسبب انتهاج سياسة التجهيل المتعمد لشعوبنا من قبل كثير من حكامه وساسته وبعض منابره الإعلامية.. ورجال الدين هؤلاء الذين يرسخون للجهل والدجل والشعوذة والعلاج من الجن والعفاريت والتداوي ببول الإبل والبعير. وفي الحقيقة بعض هذه الحكومات والمنابر الإعلامية ورجال الدين لا يقلون خطورة عن الجن والعفاريت ويجب ان تتداوى الشعوب منهم وتستأصلهم حتى تعود لها عافيتها لتسير على طريق العلم والتقدم والرقي ، ولقد كانت الكارثة كبيرة والفضيحة مدوية جدا بكل المقاييس لدرجت انها اصابتني بصدمة وخوف على مستقبل مصر ومستقبلها العلمي عندما علمت أن بعض نواب البرلمان المصري طلبوا من علاء حسانين "عضو مجلس الشعب السابق " أن يذهب لاحدى قرى محافظة الشرقية لاطفاء حرائق اشعلها الجن والعفاريت في بعض المنازل ، وقال علاء حسانين بنفسه ذلك، أن النائب والكاتب الصحفي مصطفى بكري وبعض النواب وبعض نواب "في حب مصر" طلبوا منه ذلك، وكان علاء حسانين هو مطفئ الحرائق في مصر والرجل الخارق والسوبر مان الذي سيخلص سكان القرية من كارثتهم ومن الجن الذي دخل في قطة وتسبب في كل هذه الحرائق !!! دي فضيحة كبيرة ومش عايزين نقول اكتر من كدة ان تلجأ شخصية برلمانية وكاتب صحفي مثل مصطفى بكري لمن يطلق عليه معالج روحاني لحل أزمة !!! وهذه الكارثة والفضيحة لها دلالات مرعبة وكارثية بل وربما تجعلنا نتساءل عن هل يؤمن هؤلاء النواب بهذه الخرافات ؟؟!! ام هل يريدون تغييب الامة عن وعيها لتنتفض وتستفيق من نومها نحو مستقبل افضل ؟؟ أم هل يريدون هذا الشعب مغيبا مجهلا ليستمر في فقره وجهله حتى ينتخب بعقله وحريته واستنارته وإرادته الحرة من سيمثلونه لاحقا في البرلمان ؟!! يا سادة ان التجهيل وشيوع الدجل والخرافة والعلاج من الجن والعفاريت والمس حرب بديلة عن حرب الثورات التقليدية التي لم تفلح مع وعي الامة المصرية ووحدتها ، انها حرب لاستعمار العقل وتحويله إلى أدوات تابعة ومستهلكة ، كما انها حرب خبيثة تستهدف شيوع الخرافة بين ابناء الشعب واعلاء الجهل بديلا عن العلم ، والتداوي ببول الابل والبعير كبديل عن الاخذ بالاسباب العلمية والثورة العلمية الهائلة في علاج الامراض ، إن شيوع الدجل والخرافة والعلاج بالجن والعفاريت غزوة كبرى ومؤامرة على شعبنا وشعوبنا العربية للانطلاق نحو الماضي المظلم كبديل عن الانطلاق نحو المستقبل. إن هذه الخرافات تقودنا نحو الموت والانتحار وشيوع الجهالة وإلهاء الأمة عن قضاياها الملحة لينعم الفاسدون بفسادهم ويمضون قدما في استعباد العباد والعبث بمقدراتهم ، وليس لي بعد ان علمت وسمعت وشاهدت بعيني مطالبة نواب في برلمان مصر باللجوء لمعالجين روحانيين وبعض ممن يطلقون عليهم من يعالجون من الجن والعفاريت والمس الشيطاني لاطفاء بعض المنازل في محافظة الشرقية، ان لا استبعد تشكيل لجنة في البرلمان ولنطلق عليها "لجنة الجن والعفاريت" ، وكأن الله كتب على شعوبنا فقط ان تضربها الشياطين ويمسسها الجن وتركبها العفاريت في الوقت الذي ينعم فيها سافكو الدماء واعداء السلام ومغتصبو الارض والحق بالحماية والأمن وما سمعناش ان ركبهم ولو عفريت واحد !!!! يا سادة نحن في خطر وعلى الدولة أن تعلي من قيمة العلم وإلا فانها ستكون متهمة بل هي متهمة بالفعل في تجهيل شعبنا، والدليل النسبة المضحكة المخصصة للبحث العلمي في الميزانية ، وعلى الازهر الشريف ان ينتفض ويقوم بدوره التنويري ويدفع الناس للاخذ بالاسباب واللجوء للعلم كبديل عن الخرافات والدجل والشعوذة ، وكذلك وسائل الإعلام والمناهج التعليمية يجب ان تحذر من خطورة الخرافة وتدفع بعقول شبابنا نحو التقدم والابتكار. وعلينا جميعا ان ندرك ان الدجل والخرافة والشعوذة والعلاج من المس والجن والشياطين ما هي إلا مؤامرة كبرى لننطلق نحو التخلف والارتباك وان نصبح اداة في يد حكام او ساسة او دول تريد تجهيلنا وافقارنا او استعمارنا لينعموا هم بفسادهم.