أخبرنا الله تعالى فى القرآن الكريم أن من أحسن العمل فى الدنيا بالإيمان والعمل الصالح أبدله الله تعالى الحسنى فى الدار الآخرة ثواباً له على طاعته لله تعالى، وذلك مصدقا لوقوله تعالى: «لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ»، سورة يونس : آية 26. وقال الإمام محمد متولي الشعراوي، في تفسيره للآية الكريمة، إن معنى قوله تعالى: «لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى»، أى أن الإنسان الذى يعبد الله تعالى ويطيعه فى أوامره ونواهيه ويكثر من الأعمال الصالحة فى الدنيا سيجزيه الله تعالى أفضل الجزاء فى اليوم الآخر. وأضاف الشعراوى فى تفسير الآية أنه اختلف المفسرين فى معنى قول الله: «وَزِيَادَةٌ»، فقال الحسن -رضى الله عنه- أن المقصود منها هى مضاعفة الحسنة إلى عشرة أمثالها فأكثر إلى سبعمائة ضعف أو تزيد ، وقال مجاهد: أنها مغفرة الله تعالى ورضوانه، وقال جمهرة أهل السنة: أنها النظر إلى وجه الله تعالى بعد حصولهم على ثوابه فى الجنة. وأوضح إمام الدعاة أن المراد من قوله تعالى: «وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ»، أى أن أولئك المحسنين مكرّمون أيضاً بأن تتألق وجوههم بنضرة النعيم فلا يغشى وجوههم كآبة ولا قتر وهو الغبرة فى سواد ولا تلحقها ذلة وهى الخجل والإنكسار ، والقتر حالة حسية أما الذلة فهى حالة نفسية . ولفت أن الله تعالى ختم الله الآية الكريمة بقوله: «أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ»، لبيان أن أولئك الصالحين هم أصحاب هذه الجنة وسكانها فيُشعرنا الله تعالى بأنها كالملك لهم فهم ما كثون فيها لا يخروجون منها أبداً . وتابع: «وتوضح هذه الآية الكريمة أن الله تعالى قصرالحسنى بجميع أنواعها على المحسنين وحدهم ثم تفيد أن الله يفيض عليهم زيادة عن الحسنى أنواعاً من الأنعام لاتعد ولا تحصى وأعلاها النظر إلى وجهه الكريم وأن يحل عليهم رضوانه تعالى فلا يسخط عليهم أبداً ».