* دياب: مصر في حاجة ملحة لعلم "حصاد المياه" * القوصي: استفادة مصر من مياه الأمطار صفر * العاملون ب"السد العالي" يفتقدون لخبرة التعامل مع مياه الأمطار * خبير مياه: يجب رصد ميزانيات كافية لبناء خزانات تحجز مياه الأمطار * لدينا سدود مصرية غير مستغلة أبرزها "العريش" و"وادي وتير" * يمكن حفر خنادق لتخزين الأمطار لري الموسم الشتوي كاملا على الرغم من الشح المائي الذي تتعرض له البلاد منذ فترات طويلة، إلا أن الدولة المصرية لا تزال عاجزة عن إيجاد حلول للاستفادة القصوى من مياه الأمطار، حيث أوضح عدد من الخبراء أنه من الممكن الاستفادة من الأمطار التي تسقط على مصر كل عام في شتى مجالات التنمية التي تقدر بنحو 51 مليار متر مكعب وفقا لتقرير منظمة الأغذية والزراعة "فاو" التابعة للأمم المتحدة لعام 2015. ما هي نسبة استفادتنا من الأمطار، وما أشكال الاستفادة المطلوبة وآلياتها، هذا ما يجيب عنه التقرير التالي: "تعلموا حصاد المياه" قال الدكتور أحمد فوزي دياب، أستاذ المياه بمركز بحوث الصحراء وخبير المياه بالأمم المتحدة، إن مصر في حاجة ملحة في المستقبل القريب للبحث في "علم حصاد المياه"، حتى نحقق الاستفادة القصوى من الأمطار التي تهطل على البلاد بغزارة. وأضاف "دياب" أن هذا "العلم" متعارف عليه في جميع دول العالم التي تتعرض للأمطار الغزيرة مثل بعض دول شرق آسيا وبعض الدول الأوروبية، وأشار إلى أنه يعتمد على جمع وتخزين وتوزيع مياه الأمطار من أسقف المنازل - الأسطح - أومسطحات صخرية أو ترابية. وتابع: "ويتم جمع المياه من حول المنزل، لإعادة استخدامها قبل أن تصل إلى المياه الجوفية، ويتم التعامل معها لتكون صالحة للشرب، ويمكن ضخ جزء منها للماشية وتوفير كم آخر للري، فضلا عن الاستخدامات التقليدية الأخرى". ولفت "دياب" إلى أنه من الممكن الاستفادة من مياه الأمطار في إقامة تنمية مستدامة بالمجالات الزراعية، مشيرا إلى أن السيول في مصر نادرة إلا في بعض المناطق. "ميزانية لسدود جديدة" كما أكد الدكتور نادر نور الدين، خبير المياه الدولي، أن الشريط الساحلي لمصر أكثر المناطق عرضة لسقوط الأمطار بغزارة، حيث تقل الأمطار في المناطق الجنوبية، مشيرا إلى أنه من الممكن الاستفادة من مياه الأمطار في ري الزراعات مثل الشعير والقمح والخضراوات، بالإضافة إلى تقليل عدد الريات التي تعتمد على المياه الجوفية ومياه النيل. كما شدد "نور الدين" على ضرورة رصد ميزانيات كافية لإنشاء سدود كافية لتخزين مياه الأمطار فور سقوطها لتحقيق الاستفادة القصوى منها في شتى مجالات التنمية، بالإضافة إلى الاهتمام بمشروعات حصاد الأمطار، والتي تتمثل في تجميع المياه المتساقطة من فوق الجبال وتخزينها في السدود والخزانات مثل "سد العريش" و"سد وادي وتير" بمنطقة نويبع. ولفت خبير المياه العالمي إلى أنه يمكن الاستفادة من مياه السيول والأمطار وتحويلها إلى ثروة قومية من خلال عمل هرابات ومصايد للأمطار، خصوصًا على الساحل الشمالي بجانب منطقتى القنطرة غرب وحتى رفح والعريش. وقال: "يمكن عمل ميول وحفر وخنادق طويلة وعريضة بحيث تستوعب كمية الأمطار التي تسقط كل عام بمناطق الساحل الشمالي والقنطرة ورفخ والعريش"، لافتًا إلى أن تخزين هذه الكمية من الأمطار يكفي لزراعة محاصيل الموسم الشتوي كاملة دون الحاجة للاستعانة بمياه الري. وأضاف أنه وفقا لمعلوماته، فالحكومة المصرية حاليا تتجه الآن للسيطرة على السيول من خلال حصار المياه بإنشاء مزيد من حواجز خرسانية والسدود. "تخزين مياه سيناء" ومن جانبه، أكد الدكتور ضياء القوصي، الخبير الدولي فى شئون المياه ومستشار وزير الموارد المائية السابق، أن نسبة استفادة مصر من مياه الأمطار "صفر"، على الرغم من الشح المائي الذي تعاني منه البلاد خلال الفترة القليلة الماضية. وقال "القوصي" إن المتوسط السنوي من الأمطار التي تسقط على مصر بلغت 150 ميلم، مشيرا إلى أن الكمية التي تساقطت على البلاد منذ بدء موسم المطر تخطت ال250 ميلم، وهي كمية غير مسبوقة لم تشهدها البلاد من قبل. وأضاف الخبير الدولي فى شئون المياه ومستشار وزير الموارد المائية السابق، أن تخزين مياه الأمطار في الأراضي المنبسطة مثل "الدلتا" أمر مستحيل، ولكن يتم تخزينها في الأراضي ذات "الميل"، مثل سيناء، والتي تتنوع بها السدود مثل سدود التخزين وسدود الإعاقة والسدود التحويلية. ولفت "القوصي" إلى أن البنية الأساسية لتخزين السيول مكلفة للغاية، وأن السيول في مصر لا تحدث إلا مرات قليلة، وبالتالي فإن الحديث عن إنشاء سدود وخزانات جديدة لتخزين مياه الأمطار أمر غير مجد. وعن الأزمة التي تعرضت لها البلاد خلال الفترة الماضية عقب سقوط الأمطار بغزارة، أوضح "القوصي" أن مهندسي الري العاملين بالسد العالي لم يتعاملوا بشكل جدي مع المشكلة، وذلك لأن ليس لديهم دراية أو رؤية كافية لكيفية التعامل مع السيول أو الأمطار الغزيرة، لافتا إلى أن تدريبهم على هذه المهمة بات مهمًا.