بعد الجولة الأولى من انتخابات رئاسة الجمهورية، ظهر الكثير من التفاسير حول الكتلة التصويتية لمرشحى الثورة، بعضها كان متطرفا أكثر من اللازم، واعتبر أن مرشحى الثورة حصلوا على 12 مليون صوت، مقابل 11 مليون صوت حصل عليها أحمد شفيق ومحمد مرسي، وبالتالى اعتبروا أن ما يطلقون عليهما مرشحى الثورة، أى حمدين صباحى وعبد المنعم أبو الفتوح، مع استبعاد خالد على طبعا، لأنه ليس له لزوم فى عملية عد وتجميع الأصوات بحكم أنه حصل على 132 ألف صوت فقط. ورأى آخرون أن إجمالي ما حصل عليه الثنائي المدهش صباحي وأبو الفتوح حوالى 9 ملايين و800 ألف صوت، وبالتالى فهما معا أكبر من كتلة الإخوان التى صوتت لمرسي، وكتلة أنصار الدولة المدنية الوطنية التى صوتت لشفيق، حيث إن كلا منهما حصل منفردا على نحو خمسة ملايين ومئات من الآلاف من الأصوات. والحقيقة أن هذا المنطق الحسابي المختل، أصاب المرشحين الخاسرين صباحى وأبو الفتوح، وجعلهما يتصوران نفسيهما باعتبارهما مبعوثى العناية الإلهية لإنقاذ مصر من أيدي اليمين الديني واليمين الليبرالي الذى يمثله مرسى وشفيق، ومن ثم تم التشكيك فى نتائج الانتخابات وعدم الاعتراف بها، وصولا إلى حالة من الهوس تبناها المرشحان الخاسران لتشكيل مجلس رئاسي مدنى بديلا عن العملية الانتخابية، يضم إلى جوارهما الأخ خالد على الذى لم يسمع عنه أحد من قبل، ويتعامل معنا باعتباره معجونا خاصا من جمال عبد الناصر، وسعد زغلول، ومصطفى كامل، وتشى جيفارا، وكارل ماركس، وأى ثائر مر فى شوارع الكرة الأرضية. الحسابات الحقيقية لنتائج الانتخابات ينبغى ألا توضع بهذه السذاجة المفرطة، فعبد المنعم أبو الفتوح الذى يصنف نفسه باعتباره مرشح الثورة، كان عضو مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين، التى شاركت فى الثورة متأخرة ثلاثة أيام، ولم يترك الجماعة إلا للترشح في انتخابات رئاسة الجمهورية، وظل طوال الثورة يتحدث باسم الإخوان وليس الثورة. أصوات أبو الفتوح الحقيقية ثلاثة أرباعها على الأقل من تصويت السلفيين له، والسلفيون كما هو معروف لم يكونوا شركاء فى الثورة، وظلوا طوالها يفتون بعدم الخروج على الحاكم، ثم ظهروا فى الميدان يوم 10 فبراير، ومن يومها ونحن نسمح منهم عن الظلم والعنف والتعذيب الذى تعرضوا له، بينما السلفيون فى الغالب الأعم كانوا ينسقون مع أمن الدولة فى كل كبيرة وصغيرة. أما الزميل الصحفى حمدين صباحى، الذى لم نسمع أنه عمل صحفيا طوال حياته، فنصف أصواته على الأقل، جاءت ممن لا يريدون انتخاب محمد مرسي أو أحمد شفيق، ومن أناس كثيرون استهواهم شعار "واحد مننا"، ولا يعرفون عن حمدين شيئا، وعدد غير قليل انتخبه لأنهم سمعوا أنه محترم، ناهيك عن أصوات الكثير من النساء فى المدن، وبعض الشباب المعجب به نظرا لأنه يبدو قريبا منهم. الغريب أنه لا صباحى ولا أبو الفتوح أدرك حقائق اتجاهات التصويت، ومن ثم تصرفا باعتبارهما معهما توكيل من 9 ملايين ثورى، ولذلك قررا إشعال الموجة الثانية من الثورة، لكن ما لم يعلمه الاثنان الخاسران صباحى وأبو الفتوح أنهما خسرا أكثر من نصف أصواتهما بسب عودتهما إلى ميدان التحرير، ولو جرت انتخابات جديدة فى هذه اللحظة، سيكتشف الاثنان أنهما بانتهازية شديدة، وقصور فى فهم الشارع المصري خسرا السقط والعظم.