* تركيا تتفتت في حرب مع نفسها * المجتمع التركي تحول لمعسكرات بينها نوع من عدم الثقة المتبادلة * تساؤلات بشأن موقف الحكومة من داعش وغيرها من الجماعات المتطرفة نشرت مجلة "أتلانتك" الأمريكية تقريرا قالت فيه إن صامويل هنتنغتون وفى مقاله الشهير الذى كتبه فى فورين بوليسى عام 1993 حول صراع الحضارات وصف تركيا بأنها دولة ممزقة. وقال هنتنغتون إن يوجد في تركيا اختلافات كثيرة بين المؤسسات السياسية ذات النمط الغربي لجمهورية تركيا، والأسس الثقافية والحضارية الإسلامية للمجتمع التركي. وأضافت مجلة أتلانتك أن الطرح كان مثيرا للجدل فى مقال هو أصل مثير للجدل، وذلك بالرغم من أن رئيس الوزراء الحالي وأستاذ العلوم السياسية أحمد داوود أوغلو قدم أطروحة مماثلة فى عام 1984 ، إلا أننا نختلف مع كلا الأكاديميين، فتركيا ليست ممزقة بالطريقة التي يعتقدها هنتنغتون وأوغلو لكنها تفتت نفسها أجزاء فى حرب مع نفسها. وقالت أتلانتك إن خلفية التفجير المروع الذى شهدته تركيا يوم السبت توضح الفوارق المتعارضة التى بين القومية التركية والكردية.منذ أسس مصطفى كمال اتاتورك الجمهورية بعد انهيار الخلافة العثمانية فى الحرب العالمية الأولى، على أساس محدد للعرق والقومية جعلت من "التركية" نمطا واحدا من الهوية، بات التعبير عن الهوية الكردية أمرا يتم قمعه وفى كثير من الأحيان بعنف. فى المقابل، كثيرا ما تم التعبير عن الاغتراب الكردى عبر العنف. وأحدث دليل على هذا هو الحرب التى استمرت على مدى 3 عقود بين حزب العالمال الكردستانى والدولة التركية. بالطبع هناك العديد من الأكراد المندمجون فى الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية لتركيا بشكل جيد. ولكن هؤلاء يتسم التعامل معهم بمرونة أقل فيما يخص الدولة او الجماعة المهيمنة اجتماعيا وهم الأتراك، خاصة فيما يخص رغبتهم فى استيعاب أنفسهم في الثقافة السائدة والتفاوض فى الطريق إلى ذلك. وقالت أتلانتك إن الصراع بين القوميات هو الدراما الرئيسية فى السياسة التركية، مشيرة إلى أن المشكلة في هذا الصدد تتمثل دائما فى السياسة والطريقة التى يسيطر بها السياسيين سواء من اليسار او اليمين او الوسط او الإسلاميين او العلمانيين او الأكراد على الصراع من اجل تحقيق أجندتهم الخاصة. وهكذا تصبح المسألة الكردية سمة رئيسية من سمات السياسة التركية. وهذا الصراع هو المحتوى السام لسلسلة من الصراعات الأخرى، بعضها راسخ وبعضها جديد، والتى ساهمت فى اللحظة الحالية والتى تتكدس فيها الجثث بشوارع تركيا بمعدل غير مسبوق ( حتى بالمعايير الدموية التى شهدتها السبعينيات عندما اندلع العنف بين القوى السياسية اليسارية واليمينية فى البلاد مخلفة 4500 قتيل) . وأضافت أتلانتك إن الصراع اليوم يؤرق المجتمع التركى لأنه يشمل حزب العدالة والتنمية فى مقابل كلا من حزب الشعب الجمهورى، وحزب الحركة القومية وحزب الشعوب الديمقراطي وحزب العمال الكردستانى والجميع ضد حزب العمال الكردستانى، وكذلك الجميع ضد داعش، رغم ان هناك أسئلة وملحة حول موقف الحكومة من هذا التنظيم وغيره من المتطرفين . وأشارت أتلانتك إلى أن ما وراء المأساة التي تمثلت فى انفجار أنقرة، هي أن هناك بيئة تعج بالفرص التى من الصعب ان يقاومها السياسيين لتعميق حالة عدم الاستقرار فى تركيا. هذا هو الحال بشكل خاص وفقا لنهج 1 نوفمبر وهو تاريخ إعادة إجراء الانتخابات البرلمانية التى شهدتها البلاد فى يونيو. وقالت أتلانتك إنه من المؤسف ان يتشكل المجتمع التركي الآن من معسكرات من انعدام الثقة المتبادلة. وأشارت المجلة الأمريكية إلى ان معارضي الرئيس رجب طيب أردوغان قد يقولون إن أردوغان وحزب العدالة والتنمية هم المتسببون فى أحداث العنف التى حدثت يوم السبت، وكذلك التفجيرات التي وقعت قبلها فى سوروج وديار بكر. وهذا أمر غير محتمل، على الرغم من ان القضية قد تكون أكثر اتساعا. وأكدت أن إستراتيجية أردوغان السياسية والتي سبقت الانتخابات فى الربيع الماضي، وكذلك فى الانتخابات المحلية الأخيرة مارس 2014، هى دليل على كيفية الجمع بين الطموح غير المحدود، والصراعات السياسية السابق الإشارة إليها، والهوية التي يمكن ان تشيع التطرف في المجتمع. وقالت أتلانتك إنه ليس من المهم تحديد من هو المسؤول المباشر عن هذه الهجمات لأنه فى النهاية الأكراد الذين كانوا ضحايا تلك الهجمات تم تصويرهم بشكل جماعى على انهم تخريبيون. فهم الإرهابيون أو المتعاطفون مع الإرهابيون الذين يسعون لتقويض وحدة تركيا. وأشارت أتلانتك إلى إن مناورة أردوغان القومية والخطابات المريعة التي جاءت معها، والتي تسعى لربط حزب الشعوب الديمقراطي الكردي بإرهابيي حزب العمال الكردستاني من أجل دفع الحزب لخسارة عتبة ال 10 % لدخول البرلمان فى تركيا، جعلت الأكراد كل الأكراد هدفا .