يسعى المسلم دائماً لأن يكون مستجاب الدعوة لأن استجابة الدعاء من علامات صلاح النفس وتقواها، وعدم استجابة الدعاء هو من شقاء النفس، وقد كان بعض الصحابة يتميّزون بأنّهم مستجابي الدّعوة. ومن بينهم سيدنا سعد ابن أبي وقاص -رضي الله عنه- حين آذاه أحد الجهال في عرضه فدعا عليه أن يطيل الله عمره وأن يعرضه للفتن وأن يعمي بصره ، وقد كان ذلك كله فكان يراه الناس في الأسواق يتتبع الجواري يغازلهم وقد كان شيخا كبيرا هرما أعمى البصر، وهو يردد شيخ كبير اصابته دعوة سعد. وبين العلماء أن لعدم استجابة الدعاء لها أسباب ، فما هي تلك الأسباب التي ينبغي على المسلم معرفتها حتى يجنبها ؟. 1- الشرك بالله تعالى ودعاء غيره : فقد قال الله عزوجل فى كتابه العزيز: «لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلا فِي ضَلالٍ»، سورة الرعد: آية 14. 2- الغفلة عن الله والاستغراق في اللهو أثناء الدعاء: فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالإِجَابَةِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لا يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لاَهٍ». 3- المال والكسب الحرام ، وذلك كالكسب من القمار والميسر أو المراهنة الباطلة، أو أكل أموال الناس بالباطل وأخذ حقوقهم، وكل هذه الصور من الكسب الحرام هي مما يوجب غضب الرب على العبد، وبالتالي فإنه يحرم من استجابة الدعاء، فعن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لا يَقْبَلُ إِلا طَيِّبًا، وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ، فَقَالَ: "يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ"، وَقَالَ: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ"، ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ: يَا رَبِّ، يَا رَبِّ وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ». 4- ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: فقد ورد فى السنة النبوية المطهرة عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنْ الْمُنْكَرِ ، أَوْ لَيُوشِكَنَّ اللَّهُ أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عِقَابًا مِنْهُ ، ثُمَّ تَدْعُونَهُ فَلا يُسْتَجَابُ». 5- ويوجد ثلاثة أشخاص أيضًا لا يستجيب الله لدعائهم: فقد ورد عن أبي موسى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ثلاثة يدعون الله عز و جل فلا يستجاب لهم: رجل كانت تحته امرأة سيئة الخلق فلم يطلقها، ورجل كان له على رجل مال فلم يشهد عليه، ورجل آتى سفيها ماله وقال الله تعالى "و لا تؤتوا السفهاء أموالكم"»، رواه الحاكم وصححه وأقره الذهبي. وقد قال الإمام المناوي فى شرح الحديث: أن «رجل كانت تحته امرأة سيئة الخلق فلم يطلقها»، أى فإذا دعى عليها لا يستجيب له لأنه المعذب نفسه بمعاشرتها وهو في سعة من فراقها، «ورجل كان له على رجل مال فلم يشهد عليه»، فأنكره فإذا دعى لا يستجاب له لأنه المفرط المقصر بعدم امتثال قوله تعالى "وأشهدوا شهيدين من رجالكم"، «ورجل أتى سفيهاً» أي محجوراً عليه بسفه (ماله) أي شيئاً من ماله مع علمه بالحجر عليه فإذا دعى عليه لا يستجاب له لأنه المضيع لماله فلا عذر له وقد قال اللّه تعالى: "ولا تؤتوا السفهاء أموالكم".