اثناء حكم الشاه في إيران كان الصحفي الشيوعي الايراني «هوشانج أسدي» يحلم بالحرية والعدل في وطنه وبسبب دفاعه عن هذه المبادئ وبسبب معارضته للنظام الحاكم دخل «هوشانج» السجن وهو العشرينيات من عمره. وفي السجن التقي الشيوعي «هوشانج» بالسجين الاسلامي «علي خامنئي»، وتشاركا الشيوعي هوشانج والاسلامي خامنئي التعذيب والتنكيل علي يد نظام الشاه من اجل حلم الحرية والعدل والكرامة الانسانية، وكان هوشانج يمتدح خامنئي ويتحدث عن تقواه وقبوله للاخر حتي لو كان «ملحداً». وحينما جاء قرار ترحيل هوشانج من زنزانته بكي هوشانج جداً لفراق صديقه الاسلامي وبعد عناق قال خامنئي لصديقه الشيوعي «في ظل حكومة اسلامية: لن تذرف دمعة»، ولم يكن هوشانج يعلم بأن زميله «خامنئي» سيكون هو المرشد الاعلي في ايران يوماً ما. ومرت الايام وقامت الثورة الاسلامية في ايران وتحقق التغيير الذي كان الشاب « هوشانج » يحلم به ووقف إلى جوار الثورة الاسلامية ظناً منه بأن الوضع سيتغير عن حكم الشاه الطاغي وان الديكتاتورية ستنتهى إلى الأبد، ولكن بعد اربعة اعوام من الثورة الاسلامية وبينما صعد «خامنئي» سلم سلطة الحكم الاسلامي والذي قال عنه «لن تذرف فيه دمعة» هبط الصديق القديم هوشانج الي زنزانته مرة اخري بعد ان اتهمه حكومة خامنئي بالجاسوسية والخيانة للثورة، وعاد هوشانج هذه المره الي زنزانته وحيداً دون صديقه القديم واختلف السجان الظالم من «الشاه» الي «الملالي»، وفي الحبس الانفرادي وعلي مدي 682 يوماً تعرض الصديق القديم الي اشد انواع التعذيب وصفها هوشانج جيداً في مذكراته والتي حملت عنوان «رسائل الي معذبي»، حيث قال عن تلك الفترة انه كان معزولاً عن العالم وتعرض الي الجلد والحرمان من النوم والتعليق بحبل طوال أيام وليال الي الضرب علي القدمين حتي تسيل منها الدماء بل والتهديد بأن زوجته تخضع أيضا للتعذيب، كذلك كان غير مسموح له باجراء اية اتصالات اواستقبال زوار، وتحول الشاب المثالي الذي كان يناضل من اجل الحياة ايام حكم الشاه الي شاب يطلب الموت وسعي اليه بمحاولته الانتحار عدة مرات من فرط التعذيب تحت الحكم الديني. وبعد خروجه من السجن رحل هوشانج الي باريس وبعد سنوات وعندما سألوه ما الرسالة التي تريد ان تقولها لصديقك الاسلامي خامنئي، قال هوشانج: «أرغب في تذكير خامنئي بالعناق المؤثر في نهاية فترة تعايشنا بالسجن قبل ثورة عام 1979، ووعد الفراق الذي قطعه على نفسه: «في ظل حكومة إسلامية، لن يذرف بريء دمعة واحدة» انها قصة هامة من التاريخ واخشي جداً ان تتكرر في مصر ونجد يوماً مذكرات لصحفيين مصريين ليبراليين مشابهة للصحفي الايراني «هوشانج». بالتأكيد مذكرات هوشانج أسدي يجب ان يقرأها من يحتاجون الحكمة من قصص التاريخ حتي لا يقعوا في اخطاء وقع فيها من سبقوهم، مذكرات هوشانج هامة للثوار الشباب الذين شاركوا تيارات سلفية امام وزارة الدفاع. وهامه لنشطاء اقباط وليبراليين محسوبين علينا ولا يجدوا غضاضة في تأييد المرشح د. عبد المنعم ابو الفتوح بدعوي انه استقال من جماعة الاخوان المسلمين. مذكرات هوشانج هامة لبعض رجال دين اقباط سوهاج الذين شاركوا بسذاجة في مؤتمر انتخابي لمرشح الاخوان «محمد مرسي» والقي احدهم كلمة تمني فيها للمرشح الاخواني بالفوز حتي يري هذا الكاهن مشروع النهضة علي حسب تعبيره. لم يذكر التاريخ حكم ديني ديمقراطي عادل وتحت الحكم الديني لم يذرف هوشانج «الدمع» فقط ولكن ذرف «الدماء» ايضاً. والساذج فقط من يظن ان هناك متشدداً يقبل الإختلاف معه او حكم ديني يقبل التعددية مهما قال من شعارات براقة، تماماً كما يقول الشاعر «اذا رأيت أنياب الليث بارزة، فلا تحسبن الليث يبتسم"