اغرورقت عيناها وانهمرت الدموع منها وكأنها سيول، رغم قدرتها الدائمة على التحكم فيها ومنعها من الذرف، ولكن تلك المرة كانت قد رفعت راياتها البيضاء أمامها أثناء صراخها "مش قادرة"، مفسرة ذلك بأنها عاجزة عن البدء في التغيير للأفضل، ولا تقوى على المحاولة، فكل الأفكار التي طرقت أبوابها للتغيير من قبل، وُئدت قبل أن تولد من رحم التنفيذ، لأنها كانت تظن أنها لن تجدي. كان ذلك تزامنا مع مشاهدتي لذلك الإعلان الذي أحدث ضجيجا بجميع مواقع التواصل الاجتماعي، والذي يعلن عن منتج عن طريق مقارنته بمنتج "وهمي"، والتي أطلق عليها صانعو الإعلان اسم "اسكنشايزر"، ذلك المنتج الذي ذاع صيته أكثر من المنتج المعلن عنه، بالإضافة لبطل الإعلان الممثل المغمور "أسامة عبد الله"، والذي بزغ نجمه أكثر من المنتجين "المعلن عنه والوهمي"، والذي حقق انتشارا واسعا من خلال الإعلان أكثر من مجهود سنين خلال مشواره الفني "غير الضئيل" الذي حاول خلاله شق طريق النجومية كأقرانه.
لفت "أسامة" الأنظار له، فوجدتني أبحث عنه بعدما "شدني" بأدائه خلال دقيقة، فكانت المفأجاة، أنه فنان ذو تاريخ فني محترم، فمبدئيا يشارك بمسلسل "حارة اليهود" الذى يعرض حاليا، كما أن مشواره الفني بدأ منذ أكثر من 30 عاما، كلها جهد وعمل وعرق ومحاولات "دون جدوى"، منذ أن بدأ بالتمثيل بكلية الحقوق بصحبة الفنانين محمد هنيدى وخالد صالح وخالد الصاوى، مرورا بانضمامه إلى فرقة "الحركة" التى أسسها خالد الصاوى، بالإضافة لحدث جلل وهو مشاركته مع المخرج العالمي يوسف جاهين؛ والذي اختاره للوقوف أمام الكاميرا للمرة الأولى بتاريخه بفيلم "اليوم السادس" 1986. كما قدم "أسامة" العديد من الأعمال المسرحية والسينمائية والدرامية، مثل مسرحية "إيزيس" لكرم مطاوع، وفيلم "دكان شحاتة"، ومسلسل "لحظات حرجة" و"هالة والمستخبى" و"موعد مع الوحوش"، كما كتب وأخرج مونودراما مسرحية للفنان الراحل خالد صالح بعنوان "الثأر يقرع الباب".
رأيت السيرة الذاتية للفنان أسامة عبد الله، ورأيت فيها محاولات وجهد وعرق بلا مقابل فعلي، سنين يكد ويكدح فيها خلف الأسوار، أدوار وعروض وشغل ولكنه في كواليس الحياة، ورأيت كرم الله فيه، والذي كلل جهوده بإعلان بسيط لا تتجاوز مدته دقيقتان؛ ولكنه ومن المؤكد أنه سيقوده للنجومية والشهرة والإبداع، رأيت أنه حتما تعرض للعديد والعديد من المحبطين الزاحفين على أحلام الرائعين، الذين بلا شك حاولوا إثناءه عن تحقيق حلمه بالوصول، ولكني رأيته يمزق كل ذلك باجتهاده إلى أن وصل إلينا، ورأيتني أعود مجددا إلى صديقتي قاصا عليها محاولات "عم أسامة"، واجتهاده وعدم يأسه، وعدم فقدانه للأمل، مطالبا إياها بأن تحذو حذوه، ولكي يكون تكليل الله لمجهوده في الخفاء، نبراسا يضيء لها عتمة طريقها الذي سلكته بالخطأ سنين وسنين، لا ترى فيها منتجها الحقيقي القابع بداخلها، وإنما وقع خلالها تركيزها على ال"اسكنشايزر" الوهمي!