قال الباحث الاقتصادي الأمريكي نورمان بيلي، إن الولاياتالمتحدة لا تزال السوق الأهم بالنسبة لإسرائيل كوجهة تصدير ومصدر للتمويل والاستثمار، ووصف من يعتمدون من الإسرائيليين على انتعاش الاقتصاد الأمريكي في وقت قريب، كحافز لانتعاش اقتصادهم ب"الواهمين". وذكر بيلى أستاذ الاقتصاد بمعهد السياسة العالمية بواشنطن -في سياق مقال نشرته صحيفة (وورلد تربيون) على موقعها الإلكتروني اليوم الأربعاء- أنه في السنوات الأخيرة كانت الحكومة والقطاع الخاص الإسرائيلي منشغلان للغاية بتنويع أسواق التصدير ومصادر التمويل والاستثمار، وركزا اهتمامهما على جنوب آسيا والشرق الأقصى، خاصة الهندوالصين واليابان وكوريا الجنوبية وتايوان. فلقد أثبتت هذه الدول وغيرها أنها موارد حيوية للاقتصاد الإسرائيلي كما تعد الصين بشكل خاص شريكا متحمسا في مشاريع تعليمية مشتركة. وقال بيلى "على الرغم من ذلك، لا تزال أوروبا والولاياتالمتحدة أسواق تصدير رئيسية للسلع الإسرائيلية ومصادر مهمة للتمويل والاستثمار. ونتيجة لذلك، فإن وضع الاقتصادات الأوروبية والأمريكية يمثل أهمية أساسية لمستقبل الاقتصاد الإسرائيلي، على الأقل على المدى القريب". وأضاف أن الوضع الاقتصادي والمالي الأوروبي معروف جيدا ومحبط؛ فهناك حالة من الركود النسبي في معظم البلاد، وهناك أزمة الديون اليونانية الأبدية، بالإضافة إلى إمكانية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وقد تم إيلاء اهتمام أقل للوضع الحالي في الولاياتالمتحدة، إذ يدل الانطباع العام، مع ارتفاع الدولار وانتعاش الأسواق المالية، على تعافي الاقتصاد الأمريكي بشكل جيد من "الكساد العظيم"، معربا عن تمنياته أن يكون هذا الأمر حقيقي. وأوضح بيلي أن الواقع مختلف جدا (عن المأمول) وأقل إيجابية بكثير، فقد تراجع إجمالي الناتج المحلي الأمريكي بنسبة 7ر0 بالمئة خلال الربع الأول من العام الحالي.. أما ما ذكر من انتعاش في الاقتصاد فكان يخص الاستثمار في قطاع الطاقة، وخاصة بسبب التطورات التكنولوجية في مجال النفط واستخراج الغاز، ففي فترة قصيرة جدا نتيجة تطبيق هذه التكنولوجيات، حققت الولاياتالمتحدة اكتفاء ذاتيا من الغاز، وارتفع إنتاجها النفطي لأول مرة منذ أربعة عقود، مما جعل واشنطن أكبر منتج للنفط في العالم، وبالتالي المنتج الاحتياطي، وهي المكانة التي كانت تحتلها السعودية لعقود طويلة. ولفت إلى أنه في وقت انتعاش قطاع الطاقة لم تشهد بقية القطاعات أى تطور ملحوظ، وقد أدت سياسات مجلس الاحتياطي الفيدرالي المختصة بالإبقاء على أسعار الفائدة قريبة من الصفر وشراء كميات ضخمة من الحكومة والأوراق التجارية ("التيسير الكمي") إلى وجود فائض هائل من السيولة في السوق المالي، مما أدى إلى عزوف المدخرين عن الإدخار لأنهم لا يستطيعون الحصول على عائد مناسب وتوقف المستثمرين عن الاستثمار بسبب عدم وجود أي شيء للاستثمار فيه، ويرجع ذلك جزئيا إلى الانخفاض الحاد في ا لتطور الاقتصادي خارج قطاع الطاقة. وتابع بالقول "لم تستعد النفقات الرأسمالية مستواها لما قبل 2008. ونتيجة لكل هذا لم تشهد الإنتاجية نموا وبالتالي أصبح سوق العمل راكدا، مع ترك أعداد كبيرة لسوق العمل"، موضحا أن الدخل المتاح الحقيقي شهد ركودا، فضلا عن ضعف الاستهلاك ومع انهيار أسعار النفط وتقلص استخراج الغاز وإغلاق الآبار انخفضت النفقات الرأسمالية إلى حد كبير وبالتالي توقف المحرك الوحيد المتبق للنمو. وقال بيلى إنه "بدلا من الإفراط في تسييل النظام المصرفي، كان ينبغي على الولاياتالمتحدة الانخراط في برامج أشغال عامة رئيسية، وبالتالي لم تكن ستساعد فقط في زيادة نمو الإنتاجية ولكن أيضا توظيف مزيد من الأشخاص". واختتم الباحث الأمريكي مقاله بالقول "نتيجة للتوقعات القاتمة للاقتصاد الأمريكي، على اسرائيل ألا تتوقع أن ينتعش سوقها الرئيسي (الولاياتالمتحدة) في أي وقت قريب".