الارهاب الفكري هو إرهاب من نوع أخر ، يستخدمه محترفو الكلام ، وخبراء التدليس ، و سحرة البيان، للتلاعب بعقول وعواطف البعض، فالبسوا الباطل ثياب الحق ، ليراه الناس حق كي يحبوه ويشتهوه بالرغم أن الهلاك فيه ، وبالعكس ارهبوا الناس من الحق ومن إتباعه لأنه هلاكهم هم فيه . والمتابع للإحداث هذه الأيام يرى عجبا !! فبعد سقوط النظام البائد الذى كان يحمى الفساد والفاسدين والظلام والظالمين انكشفت عوراتها مما جعل إتباعهم يبحثون على ما يغطى عوراتهم وعوارهم فاختفوا تحت شعارات لامعة متلالاءة وألفاظ ظاهرها الرحمة والعدل والله اعلم بباطنها عندهم ، فاغلبهم تربى فى أحضان الغرب ، فوجدناهم فجاءه تنشق عنهم الأرض و يتسلقون الإعلام ويتنقلون من منبر إلى منبر ، ونحن لا نسئ الظن بهم بل أفعالهم وأقوالهم هي التى تفضحهم ومن الارهاب الفكري أنهم يدفعون البسطاء من الناس للانزلاق فى متاهات الألفاظ و ومنحنيات المعاني ، ليسوقوا عقولهم إلى حيث يريدون ، فتراهم أيضا يخلطون عمدا بين الفكرة و التطبيق ، فالفكرة مثل( الشريعة ) والتطبيق مثل ( كيفية تطبيقها الآن ) ، فهم يرهبون الناس من فكرة الشريعة وكأنها ستفرض بالكامل عليهم فورا وجبرا ، وهذا القول لم نسمعه من احد قط من المطالبين بتحكيم شرع الله ، والشريعة هي النموذج المثالي الذى رضيه الخالق لخلقه كي يعبدوه ويستمتعوا بحياتهم أيضا . - وهؤلاء مشتتون فى أفكارهم ، ضعفاء فى حجتهم ، متناقضون فى مواقفهم ، تراهم يجاهدون بقوة لتأجيل الانتخابات بدعوة تنظيم أنفسهم والحصول على شعبية أكثر وكتابة دستور جديد أولا وهم بذلك يطيلون بقاء الجيش بالسلطة وفى نفس الوقت ينقدونه ويعترضون عليه بشدة ويطالبونه بالعودة إلى ثكناته .... فعجبا لسحرة العقول ومرضى القلوب لم يكد النظام المصري ينتهي والتيار الإسلامي يحصل على الأغلبية إلا وسارعنا بقمع الفكر وحرية الإبداع ودحض الرأي والرأي الآخر..سيقولون أنهم كانوا محقين في زعمهم الأول أن الإخوان خطر على حرية الفكر..وهم حلقة من حلقات العُزلة والتخلف. ما فعله عادل إمام أقل من الكُفر..والتعرض للرموز من باب الفن وحرية الرأي لا من باب الشخصنة والسبُاب وإلا حقّ لك أن ترفع عليه دعوى سب وقذف علني قضية حبس كهذه ستجعل كل من يُفكر في طرح كتاب أو رواية مخالفة لفكر من رفع الدعوى فسيراجع نفسه عشرات المرات..هذا إرهاب فكري تحقق بلا نزاع..هنا الخطورة..ألجمت الألسنة عن النقد وهذه بداية التسلط .. هناك نماذج حية سخر منها هذا الممثل وهي موجودة فكان ينبغي الرد بمثل الوسيلة أو ما يقابلها هكذا يفهمون.. الإخوان كده كده مُدانين..ولست أنا من يطرح هذه الإدانة..استمع لأي برنامج الآن ستجد المثقفين والفنانين والإعلاميين يصبون جام غضبهم على التيار الإسلامي..فقد أصبح مثالا للقمع..هم بُراء أكيد..ولكن لماذا الآن بالذات؟!على التيار الإسلامي إخوان وسلفيين إبداء رأيهم في تلك القضية ولا يكتفون بتحميل القضاء المسئولية. قد يكون رفض الآخر هو المرض، فمن غير المعقول أن ينشط بعض المبدعين في خدمة البشرية ولكن لتنفير الناس عنهم يأتي نشر معائبهم أو حبسهم..وهكذا.. أنا لست ضد حبس المخطئ، ولكن هذا السلوك في حالة عادل إمام.. غالبا ما يأتي من منطلق رفض الآخر وإعلانه علي الملأ دليل سوء نية علي الحط من الآخر ومنزلته وعمله حتى لو كان مصلحا.. ومع ذلك فلا يعلم أحد منا مصيره، والقلوب بيد الرحمن يقلبها حيث شاء..فقد يموت عادل إمام مُصلحا مؤمنا والعكس...حينها قد ساهمت في الحط من حضارتي باسم الدين.. هذه التُهمة التي أدين بها عادل إمام شكلية وتنم عن سطحية في التفكير وجهل رسالة الفن في تقويم المجتمعات...والدليل أن الشيوعي أصبح لديه كامل الحق في حبسك لو تطاولت عليه وعلي مقدساته الفكرية والدينية..وبهذا نكون قد صنعنا مأزقا مجتمعيا فكريا من لا شئ أن تجريم أي إنسان بسبب آرائه و إبداعه هو نوع من الإرهاب الفكري، الذي يحدث في إطار النظم الاستبدادية، ويوظف أصحاب هذه الدعاوى الدين من أجل تبرير هجومهم على حرية الإبداع والحريات العامة. أن تلك لم تكن القضية الأولى من نوعها، فسبق ورفعت عدد من القضايا، وطالت اتهامات "ازدراء الأديان" العديد من أهل الفكر والإبداع، منهم حيدر حيدر صاحب رواية "وليمة لأعشاب البحر"، والمفكر نصر حامد أبو زيد، والكاتب الكبير "نجيب محفوظ"، أن اعتياد أصحاب هذه الدعاوى بين الحين والأخر اللجوء لمثل هذه القضايا، يأتي في إطار محاولاتهم الدءوبة للرجوع بالمجتمع إلى الوراء، وإرهاب القوى المستنيرة، وتحجيم حركة الإبداع والفكر. "الوقت الذي كان ينتظر فيه بعد ثورة 25 يناير إلغاء جميع أشكال الرقابة والقيود، وتحقيق مزيد من الحرية في مجال الفكر والإبداع العلمي والثقافي، صدمنا بصدور حكم من محكمة جنايات الهرم يقضي بحبس الفنان عادل إمام ثلاثة أشهر بتهمة "الإساءة للدين الإسلامي"، كما تنظر اليوم الخميس محكمة جنح العجوزة دعوى قضائية ضد عدد من الفنانين والكتاب عن أعمالهم مع الفنان عادل إمام وهم كل من الكاتبين لنين الرملي ووحيد حامد، والمخرجون شريف عرفة ومحمد فاضل ونادر جلال".".إن الحكم الّذي صدر في حقّ عادل إمام هو جرس رعب مؤذن بحقبة جديدة من أحقاب الإرهاب الفكري والفنّي في المجتمعات العربيّة, فقد ذكرت صحيفة الأهرام المصرية، أن الحكم صدر على الفنان الكوميدي غيابيًّا خلال جلسة محكمة جنح الهرم, وجاء في الدعوى رقم 24215 لسنة 2011 التي أقامها سلفي يسمى عسران منصور أن عادل إمام قدم أعمالاً فنية سخر خلالها من الدين الإسلامي والجلباب واللحية مستشهدا بمسرحية الزعيم وفيلم مرجان أحمد مرجان وبأعمال فنية أخرى استخفّ فيها بالإسلام وسفَّه تعاليمه، حسب ما ادّعاه مقيم الدعوى. ما حصل مع عادل إمام يجيب عن أسئلة عديدة فرضت نفسها على الوسط الثّقافي فور الإعلان عن صعود الإخوان إلى الحكم,كما أنه برّر القلق الّذي اجتاح نفوس المثقّفين والفنّانين,ومعلوم أن الرؤية الاخوانية للفن تقيّده بمعايير محدّدة,فهم يردّدون دائما قناعات الشيخين محمد متولي الشعراوي ومحمد الغزالي التي يلخصونها في تلك المقولة الشهيرة «حلاله حلال وحرامه حرام»، وهو تعبير فضفاض حيث يشبهون الفن بإطار أو وعاء , ومنطق الحلال والحرام وحده الّذي سيحدّد ما يمكن أن يوضع في هذا الوعاء, وبما أنّ الإخوان يرفضون الفصل بين الفنّ والدّين بل هم يخضعونه لقواعد مطلقة فانّ سياسة الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر ستكون هي الفيصل في الأعمال الفنّية والأدبيّة والفكريّة القادمة وجديرا بالذكر قضت محكمة جنح مستأنف العجوزة بعدم قبول الدعوي المقدمة ضد كل من الفنان عادل إمام ووحيد حامد ولينين الرملي وشريف عرفة ونادر جلال، بازدراء الأديان لعدم وجود جريمة وألزمت المدعي بإتعاب المحاماة والمصاريف الجنائية.