"الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا" {النساء:34}. قال الإمام الراحل محمد الشعراوي، في تفسيره لهذه الآية، أن أول ما نلتفت إليه أن بعض الناس لم يفسروا الآية إلاّ على الرجل وزوجته على الرغم من أنَّ الآية تكلمت عن مطلق رجال ومطلق نساء، فليست الآية مقصورة على الرجل وزوجه، فالأب قوام على البنات، والأخ على أخواته. وأوضح أن معنى (قوَّام)، القوَّام هو المبالغ في القيام، وجاء الله هنا بالقيام الذي فيه تعب، إذن فلماذا يُأخذ قوله تعالى "قَوَّامُونَ عَلَى النسآء"على أنه كتم أنفاس؟ ولماذا لا تأخذها على أنه سعى في مصالحهن؟ فالرجل مكلف بمهمة القيام على النساء، وأن يقوم بأداء ما يصلح بالأمر ،فمعنى "قوامون" أى مبالغين في القيام على أمور النساء فلا يصح أن تأخذ (قوام) على أنها السيطرة. وكشف إمام الدعاة أن وجه التفضيل فى قوله تعالى"بِمَا فَضَّلَ الله بَعْضَهُمْ على بَعْضٍ"أن الرجل له الكدح وله الضرب في الأرض وله السعي على المعاش، وذلك حتى يكفل للمرأة سبل الحياة اللائقة عندما يقوم برعايتها ،ولقد جاء بلفظ "بعضهم" لأنه ساعة فضل الرجل لأنه قوّام فضل المرأة أيضاً لشيء آخر وهو كونها السكن حين يستريح عندها الرجل وتقوم بمهمتها ، ثم أتي الله تعالى حيثية هذه القوامة "وَبِمَآ أَنْفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ" فالمال يأتي نتيجة الحركة والتعب وهذا من طبيعة عمل الرجل. وأشار إلى أن قوله تعالى "فالصالحات قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ" والمرأة الصالحة هي التي استقامت على المنهج الذي وضعه لها فما دامت هي صالحة تكون قانتة، والقنوت هو دوام الطاعة لله، إذن فحين تكون خاضعة لله تلتزم منهج الله وأمره فيما حكم به من أن الرجال قوامون على النساء، وحافظات للغيب تدل على عفة المرأة، فالمنهج الذي وضعه الله لحفظ الغيب هو أن تحافظ على عرضها وعلى مال زوجها في غيبته، فتنظر المنافذ التي تأتي منها الفتنة وتمتنع عنها. وتابع الشعراوى أن معنى قوله "واللاتي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ" يعني أن النشوز أمر متخوف منه ومتوقع ولم يحدث بعد ،ولكن الله تعالى وضع علاج هذا النشور فيقول "فعظوهن" أي ساعة تراها تنوي هذا فعظها، والوعظ هو النصح بالرقة والرفق، فإن لم يفيد الوعظ فيبدأ بالهجر"وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ" ، فمعنى الهجر فى المضاجع إذا كان المضجع واحداً فليعطها ظهره وبشرط ألا يفضح المسألة بل ينام على السرير وتُغلق الحجرة عليهما ولا يعرف أحد شيئاً لأن أي خلاف بين الرجل والمرأة إن ظل بينهما فهو ينتهي إلى أقرب وقت، وساعة يخرج الرجل وعواطفه تلتهب قليلاً، يرجع ويتلمسها، وهي أيضاً تتلمسه. وأضاف أنه فى حالة عدم استجابة المرأة لكل هذه الوسائل فله أن يضربها "وَاضْرِبُوهُنَّ" أي ضرباً غير مبرح بشرط ألا يسيل دما ولا يكسر عظما وأن يكون ضرباً خفيفاً يدل على عدم الرضا ،ولذلك فبعض العلماء قالوا: يضربها بالسواك. وبين أن الله تعالى ختم الآية بقوله "فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً" أى أن المسألة ليست استذلالاً بل إصلاحا وتقويما، وأنت إن بغيت عليها سبيلاً بعد أن أطاعتك، وكنت قوياً عليها فيجب أن تتنبه إلى أن الذي أحلها لك بكلمة هو أقوى عليك منك عليها وهذا تهديد من الله ، ومعنى هذا التهديد أن الله تعالى يقول: هذه صنعتي وأنا الذي جعلتك تأخذها بكلمتيّ "زوجني ،زوجتك" وما دمت قد ملكتها بكلمة مني فلا تتعال عليها، لأنني كما حميت حقك أحمى حقها فلا أحد منكما أولى بي من الآخر، لأنكما صنعتي وأنا أريد أن تستقر الأموربينكما.