جلست على قالب حجرى رابض أمام الباب الحديدى لمحكمة الأسرة بزنانيرى تريح جسدها العليل وتلتقط انفاسها المتسارعة ، وتهدأ من صرخات قلبها الذى نجح مشرط الطبيب فى نزع صمماته المسدودة، وعجز ان يقتلع الحزن الضارب فى اعماقه منذ 19 عاما، وأن يمحو منه مرار وقهرالسنوات التى قضتها مع زوج خان عشرتها وكان يتمنى موتها فى كل لحظة لينعم بمالها مع ساقطاته- حسب روايتها- ، وحاول قطع لسانها لاسكاتها للابد،إنها صباح ذات ال58 ربيعا والتى طرقت أبواب المحكمة طالبة الخلع آملة ان يطفيء نار صدرها الموقدة ويريح ألم قلبها الذى لايزال ينزف حسرة. بكلمات متلعثمة وصوت يرتعش من الحزن والالم بدأت الزوجة الخمسينية رواية قصتها: " يبدو ان القدر كتب على الشقاء طوال حياتى، فمنذ الثانية عشر من عمرى وانا اتجرع كؤوس القهر والمرار على يد الرجال، حيث دفع الفقر اهلى لتزويجى فى تلك السن المبكرة من رجل يكبرنى بعشر سنوات ، ولك ان تتخيل ماذا قد يحدث لطفلة بريئة بجسد هزيل لم يكتمل نموه، ولا تعرف من الحياة سوى وجهها المشرق. ولاتزال آثار اللعب مع قريناتها عالقة فى ثيابها، فى احضان رجل يكبرها بكل هذة السنوات؟!، كرهت دنيتى الجديدة التى افقدتنى طفولتى على اعتابها، وتمنيت الموت للخلاص من معذبى الذى لم يرحم صغر سنى وضعفى وبات يضربنى بلارحمة حتى أثناء حملى، واحدث لى جرح غائرلاتزال اثاره مطبوعةعلى جبهتى، لتذكرنى يأيامه العجاف، لم اتحمل وطلبت الطلاق بعد 8 شهور بالتمام والكمال من الزواج، وخرجت من هذة الزيجة بعاهة وطفلة تحتاج لمن ينفق عليها، عملت خادمة فى البيوت وانا فى ال13 لاصرف على وعلى ابنتى، كنت طفلة بربى طفلة". تتسارع انفاس الزوجة المريضة ، فتدس يديها المرتعشة فى كيس بلاستيكى بجانبها، وتلتقط حبات من دواء القلب الخاص بها ثم تتابع بصوت واهن:" عشت فى هذة الدوامة لسنوات، حتى تقدم زوجى الثانى لطلب يدى، كان يعمل سباكا، وافقت والدتى دون تردد، اصل الفقر وحش، والسنة الناس لاترحم من هم بحالتى ، تزوجته لكنه اصر على استمرارى فى العمل، فقبلت فمثلى لايحق له الاعتراض لانى فى نظر الكثيرين امرأة درجة ثانية باعتبارى مطلقة، وتوليت انا الانفاق على البيت. وتحول زوجى المحترم الى عاطل بعد الزواج، صبرت ورضيت، فزاد فى جبروته وبات يضربنى ويهيننى على اتفه سبب لدرجة انه حاول اكثر من مرة قطع لسانى لاسكاتى للابد، 19 عاما وانا اغض بصرى عن نزواته وعلاقاته النسائية وزيجاته العرفيه من ساقطات وهجره لى، وفى كل مرة افكر فيها بطلب الطلاق كانوا اولادى يمنعوننى خوفا من كلام الناس ، رغم تأذيهم من سوء سلوك وسمعة والدهم ". تعتدل الزوجة الخمسينية فى جلستها وتبتلع ريقها الذى خف من الحسرة ثم تختتم حكايتها قائلة:" اعلم انه زوجى يتمنى موتى اليوم قبل غد حتى يتمكن من شقتى ويأتى بساقطاته فيها، ويستفيد من الجزء الذى اجرته مقابل 300 جنيه فى الشهر كنت انفقها على علاجى فى زيجاته العرفية وسهراته الحمراء، لازلت اتذكر اليوم الذى خضعت فيه لعملية بالقلب، كان يسأل كل دقيقة اذا كانت روحى قد فارقتنى أم لا. وحين علم بان عمرى لايزال فيه بقية، كف عن السؤال واختفى، واكتشفت بعدها انه سرق وثيقة الزواج وختمى، فحررت محضر اتهمته فيه بذلك ، لاننى خشيت ان يبيع بيتى لنفسه ويرمينى انا وولدى اللذين ضاعا وادمنا المخدرات بسبب افعاله وتركه لهما فى الشارع، وفورالانتهاء من مراسم زواج ابنتى الصغرى قررت ان ارفع قضية خلع واتخلص منه نهائيا، واتقدم بطلب للحصول على معاش يساعدنى فى مصروفات علاجى بدل مااسمى انى متجوزة وخلاص".