طغت أزمة الديون السيادية الأوروبية على قمة مجموعة العشرين في كان بجنوب فرنسا، وكانت اليونان الكلمة الأكثر ترددا في لقاءات سبقت افتتاح القمة وفي جلسات العمل طوال يوم الخميس. وتراجعت بالتالي قضايا أخرى رئيسية تتعلق بسبل تسريع النمو الاقتصادي ومناقشة قضايا الأمن والبيئة لصالح بحث سبل مواجهة تبعات الأزمة في اليونان. كان رئيس الوزراء اليوناني جورج باباندريو قد غادر عائدا إلى أثينا قبل افتتاح القمة، فاليونان ليست عضوا في مجموعة العشرين ولا هي مدعوة، وذلك بعد لقاء عاصف مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل. وأبلغ ساركوزي وميركل رئيس الحكومة اليونانية بأن قرار الاستفتاء سيعني تقرير اليونانيين البقاء في منطقة اليورو أو الخروج منها. ويواجه باباندريو أزمة سياسية في بلاده ربما تعوق تنفيذ خطة الإنقاذ المالي لبلاده مما يعني احتمال إفلاسها منتصف الشهر حين يحل موعد أقساط ديون مستحقة على اليونان. وقبل الجلسة الافتتاحية اجتمع ساركوزي بميركل ورئيس وزراء إيطاليا سلفيو بيرلسكوني ورئيس الوزراء الإسباني لويس رودريجز ثاباتيرو ثم برئيس وزراء الهند مانموهان سينج ثم بالرئيس الأمريكي باراك أوباما. وأصبح الحديث هنا في كان ليس عن صفقة إنقاذ اليونان وإنقاذ منطقة اليورو، التي تضم 17 دولة من دول الاتحاد الأوروبي ال27 يتعاملون بعملة موحدة هي اليورو، وإنما عن كيفية مواجهة آثارها. وربما كان الخوف الأكبر أن تلحق إيطاليا باليونان تليها إسبانيا، والمشكلة أن ذلك قد يعني انهيار بنوك أوروبية كبرى على طريقة انهيار مصرف ليمان براذرز قبل أكثر من ثلاث سنوات مما أدخل العالم في ركود اقتصادي حتى الآن. وتعد البنوك الفرنسية الأكثر انكشافا على ديون تلك الدول المتعثرة، لكن تداعيات الأزمة ستطال أيضا اقتصادات تبدو قوية مثل اقتصاد ألمانيا وبريطانيا. ومع تردد دول الاقتصادات الصاعدة في تقديم دعم مالي فوري ومباشر، تبدو أزمة ديون أوروبا وكأنها ستقود إلى ركود عالمي جديد. ورغم تصريحات الرئيس الصيني هيو جينتاو عن استعداد بكين للمساهمة في إنقاذ أوروبا ماليا، إلا أن ذلك لا يبدو أكثر من مجرد تصريح لتهدئة الأسواق وتفادي آثار كارثية أكبر على الاقتصاد العالمي. وترددت مجددا مقترحات سبق وأن ألقت عليها واشنطن مياها باردة مثل زيادة مساهمات الدول في صندوق النقد الدولي، وهو اقتراح عرضته من قبل دول بريكس. وتضم دول بريكس البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، وهي اقتصادات صاعدة ترغب في لعب دور أكبر في إدارة الاقتصاد العالمي على حساب الدور التقليدي للأوروبيين والأمريكيين. وكان من المفترض أن تبحث قمة العشرين في كان قضايا أخرى، ذكر الرئيس الأمريكي باراك أوباما منها موضوع البرنامج النووي الإيراني على ضوء تقرير متوقع الأسبوع المقبل للوكالة الدولية للطاقة الذرية سيبرز التهديد الذي يمثله هذا البرنامج. إلا أن تلك القضايا تبدو الأن في مرتبة متأخرة جدا في ضوء بحث قادة الدول التي تمثل اقتصاداتها 85 في المئة من الاقتصاد العالمي عن سبل لمواجهة تداعيات أزمة الديون السيادية.