عين الرئيس العراقي اليوم الاثنين رئيساً جديداً للوزراء لينهي ثماني سنوات قضاها نوري المالكي في السلطة لكن الزعيم المخضرم رفض الرحيل بعد نشر ميليشيات وقوات خاصة في الشوارع مما خلق مواجهة سياسية خطرة في بغداد. وهنأت واشنطن -التي ساعدت في تنصيب المالكي بعد غزو العراق عام 2003 الذي أطاح بصدام حسين- حيدر العبادي المساعد السابق للمالكي الذي كلفه الرئيس فؤاد معصوم بتشكيل الحكومة الجديدة. لكن حزب الدعوة الذي يتزعمه المالكي أعلن أن خليفته غير شرعي وقال صهر المالكي إن الزعيم المخضرم سيتحدى القرار في المحكمة ووجهت واشنطن تحذيرا صارما للمالكي من أن "يثير القلاقل" باستخدام القوة للتشبث بالسلطة. والمالكي إسلامي شيعي يتهمه حلفاؤه السابقون في واشنطن وطهران وبغداد بتهميش الأقلية السنية ودفعها لثورة تهدد بتدمير البلاد. ودعاه زعماء السنة والأكراد في العراق الى الرحيل كما تحول ضده كثير من أبناء طائفته الشيعية. ولم يقل المالكي نفسه شيئا بشأن قرار تغييره ووقف صامتا متجهم الوجه يوم الاثنين بجوار عضو من حزب الدعوة تلا بيانا عبر التلفزيون الوطني معلناً أن تعيين العبادي غير قانوني. وقال خلف عبد الصمد عضو حزب الدعوة إن العبادي لا يمثل إلا نفسه. وقال حسين المالكي صهر المالكي لرويترز إن معسكره سيقاتل القرار "غير القانوني". وأضاف أن مؤيدي المالكي لن يقفوا صامتين. وقال إن التعيين غير قانوني وينتهك الدستور وأن مؤيدي المالكي سيلجأون للمحكمة الاتحادية للاعتراض عليه. وعبرت واشنطن بوضوح عن تأييدها للزعيم الجديد. وقال البيت الأبيض إن نائب الرئيس جو بايدن نقل تهاني الرئيس باراك أوباما الى العبادي في اتصال هاتفي. وقال البيت الأبيض في بيان "أعرب رئيس الوزراء المعين عن اعتزامه التحرك بسرعة لتشكيل حكومة لا تقصي أحداً وذات قاعدة موسعة قادرة على التصدي لتهديد تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام وبناء مستقبل أفضل للعراقيين من كل الطوائف" مستخدماً الاسم السابق لتنظيم الدولة الإسلامية. وتأتي الأزمة السياسية الجديدة بعد أيام من بدء واشنطن أول تحرك عسكري لها في العراق منذ سحب قواتها في 2011 . وقصفت طائرات حربية أمريكية مسلحين سنة من تنظيم الدولة الإسلامية الذي اجتاح مناطق واسعة في شمال العراق وغربه منذ يونيو. وتقول واشنطن إنها تتخذ تحركا محدودا لحماية منطقة كردية شبه مستقلة ومنع ما يصفه أوباما بأنه "إبادة" محتملة لأقليات دينية يستهدفها المسلحون. وحقق متشددو تنظيم الدولة الإسلامية الذين طردوا جيش المالكي من شمال البلاد في يونيو حزيران مكاسب جديدة على القوات الكردية رغم الضربات الجوية التي شنتها الولاياتالمتحدة على مدى ثلاثة أيام. وتشهد بغداد التي استعدت منذ فترة لهجوم يشنه المقاتلون توترا تحسبا لاشتباكات محتملة بين المالكي وخصوم من الغالبية الشيعية. وطلب الرئيس فؤاد معصوم وهو كردي من العبادي القيادي في حزب الدعوة الإسلامية الذي يتزعمه المالكي تشكيل حكومة يمكنها كسب تأييد البرلمان المنتخب في ابريل نيسان. وفي تصريحات بثها التلفزيون حثه معصوم على تشكيل حكومة "ذات قاعدة عريضة" خلال شهر. ودعا العبادي الذي قضى عقودا في المنفى في بريطانيا خلال حكم صدام حسين إلى الوحدة الوطنية ضد الحملة الهمجية لتنظيم الدولة الاسلامية الذي طرد عشرات الألوف من منازلهم وهو يهزم القوات العراقية من الشمال والغرب قبل أن يعلن خلافة إسلامية في المناطق التي يسيطر عليها في العراق وسوريا. وقال العبادي في تصريحات أذيعت بعد لقاء معصوم "علينا أن نتعاون جميعا للوقوف بوجه هذه الحملة الإرهابية على العراق وإيقاف كل الجماعات الإرهابية." ومع اغلاق الشرطة ووحدات مسلحة من القوات الخاصة وكثير منها جهزتها ودربتها الولاياتالمتحدة شوارع العاصمة وجه وزير الخارجية الأمريكي جون كيري تحذيرا صارما إلى المالكي من اللجوء للقتال للتشبث بالسلطة. وقال "لا يجب استخدام القوة أو الدفع بقوات أو ميليشيات في هذه اللحظة من الديمقراطية من أجل العراق." وأضاف أن "عملية تشكيل الحكومة مهمة فيما يتعلق بتحقيق الاستقرار والهدوء في العراق وأملنا هو ألا يثير السيد المالكي القلاقل." وتابع "شيء واحد يحتاج كل العراقيين لمعرفته وهو أنه سيكون هناك القليل من الدعم الدولي من أي نوع كان لأي شيء يحيد عن العملية الدستورية الشرعية القائمة ويجري العمل عليها الآن." ورحب الأمين العام للأمم المتحدة بان جي مون يوم الاثنين بما وصفه بأنه "تحرك للأمام صوب تشكيل حكومة في العراق" مشيداً بقرار الرئيس العراقي بتعيين العبادي رئيسا لحكومة جديدة. وقالت ستيفان دوجاريتش المتحدث باسم الأممالمتحدة للصحفيين إن الأمين العام "يحث الدكتور العبادي رئيس الوزراء المكلف على تشكيل حكومة ذات قاعدة عريضة مقبولة لدى كل مكونات المجتمع العراقي." وأضاف أن القلق من أن التوتر السياسي المتزايد الى جانب التهديد الذي يمثله الهجوم العسكري لمتشددي تنظيم الدولة الإسلامية "يمكن أن يدفع بالبلاد إلى أزمة أعمق". ودخل تنظيم الدولة الاسلامية الذي يعتبر الشيعة كفارا يستحقون الموت بلدة تلو الأخرى مستخدما دبابات وأسلحة ثقيلة استولى عليها بعد فرار الجنود العراقيين بالآلاف. وقالت الشرطة يوم الاثنين إن المتشددين استولوا على بلدة جلولاء على بعد 115 كيلومترا شمال شرقي بغداد بعد طرد القوات التابعة لحكومة اقليم كردستان العراق. وتدرس واشنطن وحلفاؤها الأوروبيون طلبات من الاكراد للحصول على مزيد من المساعدات العسكرية المباشرة. وكان الأكراد اختلفوا مع المالكي حول تقسيم الموارد النفط واستغلوا تقدم الإسلاميين لتوسيع رقعة أراضيهم.