قضية إعادة الانضباط الي مؤسسات الدولة بعد سنوات من الانفلات قاربت من 4 سنوات ليست بالأمر الهين! لاسيما ان ثقافة عدم الانضباط او التسيب هي ثقافة رسخت عبر أزمنة طويلة قبل الثورة، ولا يستطيع أحد ان ينكر أن عدم الانضباط هو خليط من عدم الحياء، والكذب، والانفلات، والبلطجة، وعدم الامانة، والنفاق، وكل ما سبق هو منظومة من الفساد والفوضي الادارية والاخلاقية. والفوضي ترسخ ثقافة عدم الانضباط بكل انواعه، عدم الالتزام بمواعيد الحضور والانصراف المقرره، عدم الانتاج، عدم اجادة العمل، واعتبار اوقات العمل نزهة للترفيه والتجول عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ومع الزملاء او الدردشة في التليفون، ويتحجج البعض انه لا يسند اليه اي اعمال! أو لا يعرف مهام وظيفته الفعليه.. وهي قضية اخري قضية الادارة الرشيدة، والاستخدام الامثل للموارد البشرية والقدرة علي استثمار الطاقات البشرية، وتوجيهها للخروج بافضل النتائج وهو ما يتطلب إدارة حكيمة تحسن الدفع بعجلة قيادة المؤسسات. مشكلة عدم الانضباط تنعكس انعكاسا مباشرا علي معدلات وجودة الاداء، ومدي تحقيق كل مؤسسة للاهداف المنوطة بها. واذا تابعنا خطة عمل كل مؤسسة اذا كان لديها خطة، فنندهش لأن بعض العاملين بالمؤسسة ليس لديهم اي فكرة او رؤية لتنفيذ أهداف المؤسسة، كما نجد انه لا توجد مؤشرات واضحة لقياس معدلات الأداء، وتقييم ومتابعة التقدم المحرز. بل ان بعض العاملين لا يتم تقييم أدائهم او تدريبهم تدريبا حقيقيا من شأنه رفع مهارتهم، فيتم التقييم بالأسلوب العقيم الحكومي الذي يستلزم حصول الجميع علي امتياز او جيد جدا كحد ادني. حالة الطمأنينة التي يشعر بها العاملون بالقطاع الحكومي بسبب استقرار أوضاعهم كعاملين دائمين هي حجر الزاوية لتردي المنظومة الحكومية، اللوائح الإدارية المتعلقة بالاجازات والاذونات جميعها تحتاج إعادة نظر وفقا لمتطلبات ومستجدات الادارة الجديدة والقيادة السياسية وبعد دخول مصر حقبة جديدة مبشرة بالخير، وتوالي الاستحقاقات التي كان أولها دستورا جديدا، وثانيها رئيسا منتخيا جديدا، وحكومة تعمل بأسلوب جديد يلزم الجميع ان يعمل بأسلوب الادارة بالنتائج مع ولأجل المواطن، وسط توجيهات مستمرة من الرئيس بضبط أداء المؤسسات الحكومية، بعد الترهل الإداري الذي تفاقم وانعكست آثاره علي حقوق المواطن المصري، وتوجيهات بضرورة ترشيد النفقات، ووجود آليات للإصلاح الإداري والمالي علي كافة المستويات. وكل ما سبق اتصالا بضبط إيقاع المؤسسات أمرا متعدد الجوانب، يصعب عمليا تفعيله.. فعلي سبيل المثال لا الحصر قضية الحضور المبكر في الوزارات والهيئات، وتحديدا في السابعة صباحا أمر من الصعوبة بمكان تفعيله حيث انه يتطلب دراسة عدة موضوعات متشابكة تتعلق بالمرأة والأم العاملة لاسيما انها موضوعات تتعلق باستقرار اسرتها، وتحديدا بكيفية موائمة ذلك وتكييفه مع ظروف الاسرة، والمواصلات، والمدارس او دور الحضانة، فقد يكون هناك ضرورة لإعادة ضبط كل ما سبق لمواجهة هذه التحديات التي قد تضر بمصلحة الاسرة ككل. وهناك قضية أخري تتصل بإعادة انضباط المؤسسات ألا وهي قضية العدالة الاجتماعية والحد الاقصي للأجور، وهي أن لم تتم بشكل صحيح ستصبح حبرا علي ورق! فهناك العديد من الاساليب التي تتبع لافلات القيادات من المتابعة، فمن يضمن الا تحصل القيادات علي نفس المبالغ التي تتعدي الحد الاقصي في صورا اخري، هذه الصور ليست جديدة ولكنها صورا معتاده، ومتكرره ومعروفه كحصول القيادات علي مكافاءات، وبدل حضور اجتماعات، وبدل سفر، وبدل محاضرات، وبدل انتقال، وبدل.. وبدل.. من يضمن ان يتم الافصاح عن هذه البدلات بشفافيه واثباتها لاسيما ان معظم هذه البدلات تخصم من موازنة مشروعات لا يعلم عنها احد، وتتم في الخفاء من خلال المانحين!! قضية اعادة الانضباط قضية ليست بالهينة كما ذكرنا ولكنها تحتاج للمزيد والمزيد من التنسيق والمتابعة والتقييم.. وفوق كل ذلك انفاذ القانون وتغليظ العقوبات علي القيادات والعاملين الذين يثبت تقعسهم عن الانضباط و اعتبار ان الانفلات في اي مهام مدرجه ببطاقات الوصف تستحق العقوبة ولو كان هذا الانفلات التاخير لدقائق... فالتأخير والسرقة هما وجهان لعملة واحدة.. كل تقصير هو خروج عن مهام الوظيفة وخرق للقانون.